هل تستطيع منظمة الحكم الذاتي أن تحل محل حماس في غزة؟
وقد طلب الرئيس الأميركي والسلطات الأوروبية تسليم إدارة غزة إلى منظمات الحكم الذاتي ومحمود عباس؛ إن الادعاء بأنه حتى لو نجحت إسرائيل في تدمير حماس، فإن القيام بذلك يواجه تساؤلات جدية. |
وفقًا للمراسل السياسي وكالة أنباء تسنيم، جو بايدن ودعا مؤخراً في مذكرة نشرها في صحيفة واشنطن بوست إلى إعادة توحيد قطاع غزة والضفة الغربية تحت إشراف السلطة الفلسطينية. كما قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، أمس، في اجتماع “الحوار الأمني” في المنامة، عاصمة البحرين: “لم تعد حماس قادرة على السيطرة على غزة… ليس لدي سوى خيار واحد، وهو منظمة الحكم الذاتي التي ستتولى السلطة”. يستطيع فعل هذا.” !»
تضع اللمسات النهائية على فلسطين وإسرائيل لتحقيق فكرة الدولتين؛ وبعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005 وسيطرة حماس على هذا القطاع عام 2007، اقتصرت منظمة الحكم الذاتي على الضفة الغربية لنهر الأردن، وتتولى مسؤولية إدارة القرى والمخيمات الفلسطينية هناك. تم إنشاء السلطة الفلسطينية لمدة خمس سنوات، ومع انتهاء الاتفاقية في عام 1999، لا يزال الوضع النهائي للسلطة الفلسطينية غير واضح.
على الرغم من أن نتنياهو قال ذلك السلطة الفلسطينية لن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، ولكن على افتراض أن النظام الصهيوني قادر على تعزيز حكمه على غزة، ومن خلال تدمير وإضعاف البنية التحتية لحماس، يريد تسليمها حول الإدارة هناك إلى السلطة الفلسطينية ومحمود عباس. هل هذا شيء ممكن؟
للإجابة على هذا السؤال، ينبغي النظر إلى حالة منظمات الحكم الذاتي فى السنوات الاخيرة؛ بعد مرور ثلاثة عقود على إنشاء منظمات الحكم الذاتي، ووصول مفاوضات أوسلو والمبادرات السياسية الفاشلة إلى طريق مسدود، وصلت العملية السياسية الإسرائيلية الفلسطينية إلى طريق مسدود. وقد أدى هذا المأزق إلى اتساع الفجوة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركات مثل حماس والجهاد الإسلامي؛ إن منظمة الحكم الذاتي، المسؤولة عن إدارة الحياة اليومية للفلسطينيين في الضفة الغربية، تفقد قوتها وشرعيتها يوما بعد يوم، في حين ظلت فكرة تحديد مصير الفلسطينيين من قبل الشعب الفلسطيني والجهاد قائمة.
إن تزايد العمليات في الضفة الغربية ضد الصهاينة وزيادة قوة جماعات المقاومة في غزة يدل على وجود شباب فقدوا الثقة في محمود عباس، الذي رفض النظام القائم، سعى إلى التغيير من خلال المقاومة، مسلحون في إطار المنظمات المحلية؛ ولا ترتبط هذه المجموعات المحلية بالضرورة بمنظمات كبيرة ومعروفة، بل تحظى بدعمها ودعمها الروحي؛ وحتى بحسب استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للأبحاث السياسية، فإن 70% من الشعب الفلسطيني يعارضون حل الدولتين و71% لا يؤمنون بتنفيذه.
في هذه السنوات، أظهرت منظمة الحكم الذاتي، وبالطبع إذلالها من قبل النظام الصهيوني، أن قدرتها محدودة على منع تصعيد التوترات، ولكن على افتراض أن المنظمة تريد أن تحكم غزة أيضا، فإن فهل تستطيع ذلك مع هذا الوهن والوهن؟ فهل سيكون لدى إسرائيل خطة لتعزيزها؟
بعض الصفوف الأمنية والسياسية في إسرائيل ترى أنها بحاجة إلى قوة قوية ومنظمة تتمتع بالحكم الذاتي تتسم بالكفاءة وقادرة على إدارة وتلبية احتياجات السكان المحليين بشكل فعال وزيادة التعاون الأمني والسعي إلى حل سياسي؛ وكتبت صحيفة “يديعوت أحرانوت” الإسرائيلية منذ فترة أن يوآف جالانت، وزير الحرب في النظام الإسرائيلي، قدم مقترحات لمنح تسهيلات للسلطة الفلسطينية في اجتماع لمجلس الوزراء، يتضمن بعضها إنشاء منطقة صناعية جديدة، التخفيضات الضريبية، إعادة تصاريح كبار الشخصيات لكبار قادة التنظيمات الذاتية، تمديد ساعات العمل في معبر النبي.
ولكن في المقابل ما تم وفي هذه السنوات تسعى حكومة نتنياهو اليمينية إلى تعميق هيمنتها، فإسرائيل موجودة في الضفة الغربية وتغير وضع القدس؛ إن توسيع المستوطنات اليهودية وتضييق الضفة الغربية يجعل عملية الاتفاقات السياسية أكثر صعوبة، الأمر الذي يؤدي في حد ذاته إلى إضعاف منظمة الحكم الذاتي.
ومن ناحية أخرى فإن سبب الفشل في تعزيز منظمات الحكم الذاتي هو اختلاف وجهات نظر السلطات الإسرائيلية والفلسطينية حول هذه الفئة؛ ويؤكد الصهاينة على النطاق الوظيفي للمنظمة وتمسكها بالعملية السياسية القائمة على المفاوضات المباشرة والتعاون الأمني مع هذا النظام، لكن القادة الفلسطينيين يريدون زيادة سيطرتهم السياسية والمدنية مع الحفاظ على البنية القائمة والتأثير على الساحة الدولية. وهو ما يتوافق مع هذين الرأيين إلى حد كبير، وهناك أيضًا تناقض.
في هذه السنوات ظلت حماس تعزز قدراتها العسكرية يوما بعد يوم وتعزز نفوذها في الضفة الغربية وتستفيد من أحداث المسجد الأقصى. وكان الهدف من ذلك تحفيز الشباب الفلسطيني على تكثيف المقاومة والعمليات في الأراضي المحتلة.
بعد عملية اقتحام الأقصى والهزيمة الثقيلة التي مني بها النظام الصهيوني قرر جيش الاحتلال دخول غزة برا لتدمير البنية التحتية لحركة حماس ورغم مغادرتها الكثير من الخراب والنازحين أكثر من مليون ونصف مليون شخص واستشهاد 12 ألف شخص لم ينجحوا في تدمير البنية التحتية لحماس، ولكن على افتراض أنه يمكن توجيه ضربة للبنية التحتية لحماس وتفقد فصائل المقاومة صمودها السيطرة على غزة، هل سيتمكن منظمة الحكم الذاتي من السيطرة على غزة وهل سيؤدي ذلك إلى تعزيز قوة الردع الإسرائيلية في المنطقة؟
أولاً الوضع الحالي إن وضع المنظمات ذاتية الحكم غير مستقر ومثير للإشكاليات لدرجة أنه من الممكن تصحيحه، وهو أمر مشكوك فيه في الوضع الحالي؛ ثانياً، في ظل الوضع السياسي الحالي والصراعات الداخلية في إسرائيل، من غير المرجح أن يتوصل النظام الصهيوني إلى اتفاق داخلي حول ضرورة تعزيز منظمة الحكم الذاتي أو على الأقل التوقف عن محاولة إضعافها، لذلك لا يمكننا أن نتوقع إجراء قرار ملموس بهذا الخصوص. /p>
ومن جهة أخرى، هناك أسئلة جدية؛ كيف يمكن استخدام القوة لاستعادة السيطرة الكاملة لمنظمات الحكم الذاتي على قطاع غزة؟ وبافتراض نجاح الجهود الرامية إلى تعزيز منظمة الحكم الذاتي، ألن يتخذ الأشخاص الذين يعتبرون هذه المجموعة متواطئة مع إسرائيل إجراءات ضدها؟
بالطبع، كل هذا شرط أن تنجح إسرائيل في تحقيق أهدافها، وهي تدمير حماس، التي بعد خمسة وأربعين يوما من اقتحام الأقصى وثلاثة أسابيع من العمليات البرية في غزة، لم تحقق هذا الهدف بعد. ولا يزال وضع الرهائن غير واضح، والمدن الفلسطينية المحتلة شاهدة على ذلك، وكل يوم تخرج مظاهرات من قبل أهالي الرهائن. ويجب أن نأخذ في الاعتبار أيضاً أن إسرائيل منخرطة حالياً في عدة جبهات، وأن ردع هذا النظام يتعرض للهجوم؛ ويقاتل حزب الله في الحدود الشمالية، وجماعات المقاومة في سوريا والعراق تستهدف القواعد الأمريكية، وتشهد مناطق مختلفة من الضفة الغربية اشتباكات بين الشباب والجنود الصهاينة كل يوم، كما حذرت أنصار الله اليمنية السفن الإسرائيلية واستولت على سفينة وأطلقت صواريخ على اليمن. لقد دخل جنوب الأراضي المحتلة في حرب مع إسرائيل، وربما كانت الظروف التي وُضع فيها هذا النظام غير مسبوقة خلال 75 عامًا من تأسيسه، إلى حد أنه، وفقًا لمسؤولي النظام الصهيوني، ليس لديهم أي آفاق مستقبلهم في غزة.
مصدر | وكالة للأنباء تسنيم |