رسالة الأمين العام لحزب الله إلى مؤتمر “غزة؛ رمز المقاومة: وحدة الدم والسلاح والميدان والهدف سرق النوم من عيون أعدائنا
السيد حسن نصرالله في رسالة الى المؤتمر الدولي الثاني عشر "غزة؛ رمز المقاومة" وأكد أن غزة اليوم رمز، لأن في غزة مقاومة رائدة لا هوادة فيها، والمقاومة رمز الشرف والكرامة ومفتاح النصر. |
وبحسب المجموعة الدولية وكالة تسنيم للأنباء، قال السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في هذا الشأن الرسالة : لقد نقشت عاصفة الأقصى علامة الفشل في أذهان الصهاينة وهذه العلامة لن تمحى، وتحطمت أسطورة مناعتهم، وتمزق نموذجهم الحضاري، وتحطمت هيبتهم. وقرأها السيد عبد الله صفي الدين ممثل حزب الله في طهران، كما يلي: شيخ الإسلام والمسلمين محمد حسن رحيميان،
رئيس مجلس أمناء هيئة الدفاع عن الأمة الفلسطينية، السيدة د. الزهراء مصطفوي،
أعزائي المشاركين في هذا المؤتمر، أيها الإخوة والأخوات المجتمعون من كل أنحاء العالم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
إن اختيار شعار “غزة رمز المقاومة” لهذا المؤتمر وتوقيت انعقاده في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ حيث تخوض المقاومة الفلسطينية معركة ضخمة ضد الإبادة الجماعية التي ارتكبها الصهاينة يظهر أنه مسؤولية المنظمين لهذا المؤتمر. كما أن دعوته المباركة للوقوف إلى جانب الأمة وقضية فلسطين ومقاومتها تضع مسؤوليات كبيرة على عاتقنا جميعا، وهي دعوة دائمة لقوى الأمة لمساعدة ومساندة الأمة الفلسطينية ودعم المقاومة البطولية التي تقوم اليوم. بالتضحيات والبسالة والدماء، رجال ومكانة الأمة يرسمون مستقبل الأمة ويصونون كرامتها ويعززون حيويتها، إن الضباط والجنود الإسرائيليين الذين قتلوا في غزة على يد فصائل المقاومة الفلسطينية يفوقون بأضعاف مضاعفة. إحصائيات حرب الأيام الستة عام 1967.
لقد هُزم اليوم الجيش الإسرائيلي، الذي احتل أكثر من 69 ألف كيلومتر مربع [من أراضي المسلمين] في حرب الأيام الستة، في جزء من قطاع غزة. المنطقة، وهو غير قادر على تحقيق أي هدف أو إعلان الاحتلال، ولا يستطيع حتى الاقتراب من النصر ويشير باستمرار إلى انتكاساته على أنها انتقال إلى المرحلة التالية. ولذلك فإن شعار هذا المؤتمر “الجبل رمز المقاومة” هو شعار مناسب وصحيح، وغزة اليوم رمز لأن في غزة مقاومة رائدة شريفة لا هوادة فيها، وهو رمز لأنه بمقاومته إنها تعبر عن العناد والحيوية.. والفخر والطموح والرغبة لدى أمتنا المتعطشة للشرف والنصر.
لو لم تقاوم غزة لما كانت رمزاً للشرف. إنها المقاومة. مما يجعل أصحابها وحاملي العلم عزيزين. المقاومة هي سر الشرف والكرامة ومفتاح النصر
جغرافيا غزة صغيرة ولكن من وجهة نظر الفخر والشجاعة فإن غزة اليوم أوسع من بقية العالم من حيث المساحة الكرامة والحيوية والعناد.
لقد عمل العدو وأسياده على طريقين منذ بداية احتلال فلسطين. أولاً، التقنين الدولي للاحتلال وظهوره وإظهاره كنظام حضاري نموذجي يمكن الاعتراف به كنموذج في المنطقة، وحققت القوى الغربية النشطة والفعالة نجاحات كبيرة.
لكن أما المسار الثاني فيمكن تلخيصه في إضعاف وخنق مقاومة الشعب الفلسطيني وإنهاء قضيته، وكذلك إخراجه من ساحة التفاعلات الدولية مع الاعتماد على القوة بهدف إخراج قوى المقاومة واختيار خيار التطبيع. العلاقات، التي ضمنت طرد التنظيمات المؤثرة من ساحة القتال، وقد وصل ذلك وتمزيق بعض خياراتها إلى درجة أن الطموح الفلسطيني، وهو طموح الأمة، كاد أن يتحول إلى طموح فلسطيني محدود غريب يتيم، بل وغريب بين شعبه وإخوانه.
خيار التطبيع العلاقات مع العدو تسببت في تهديد مُثُل الشعب الفلسطيني وحقوقه فيما يتعلق بأرضه، بل وتعريضها لخطر شديد. منحدر يمكن أن يؤدي إلى أي من مسارات المؤامرة الخطيرة، والتخلي عن مساعدة الشعب الفلسطيني والتنازل عن حقوقه ومثله ومقاومته ومستقبله، لقد أفسد كل الأوراق والحسابات وحوّل التهديدات إلى تهديدات. فرصة وجودية متقدمة ونقطة تحول لتغيير المسارات التي ظل العدو يعمل عليها منذ سنوات، وهذه العلامة لن تمحى. تحطمت الأسطورة [مناعتهم] وتحطم النمط [حضارتهم] وتحطمت هيبتهم واهتز مشروعهم وعاد المثل الأعلى الذي ظلوا يحاولون قمعه لسنوات وعلى رأس كل شيء أخبار أصبحت عالمية وأيقظت العالم من جديد واستعادت حجمها وحضورها المدوي وأظهرت نفسها كنموذج عالمي واسع حاضر في في كل الجغرافيات والساحات العالمية..
سدد اقتحام الأقصى، ومقاومته لكل الجهود الرامية إلى تنحية القضية الفلسطينية جانبا، صفعة قوية وشدد على هذه القضية لدى كثير من الناس في الغرب والشرق وكثير من الناس. تآمر عليه من بعيد وقريب فلو المقاومة والسلاح ولولا تضحياته لما نجا. ماذا، لا يوجد أحد في هذا العالم الهمجي المستأسد إلا بالمقاومة، والحق إذا تسلح بالقوة والإيمان وإرادة المقاومة والصمود، مهما كان العدو عدوانياً وتمردياً، فلا يمكن هزيمته.
عدو إسرائيل الذي يغرق اليوم في القتل والجريمة، فيقتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، ويمارس إبادة جماعية ضد كل حي وميت، ويرتكب أعظم الجرائم في التاريخ الحديث، كل هذا للتغطية على إخفاقاته بالقتل ومحو صورة إسرائيل المذلة في 7 أكتوبر بصورة الجرائم والقتل والانتقام هو مشروع بذل فيه هو وأسياده كل ما في وسعهم منذ أكثر من 50 عاما.
أعزائي، في غزوهما لمنطقتنا، مزقت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة جسدكم وعقلكم إرباً إرباً إرباً طولاً وعرضاً، بمشاريع التفكيك والتشويه والخداع والتجزئة، وساعدتهم على ذلك أيادي الظالمين والأقلام القذرة وصوت الأجراء والعقول المأجورة، فمزقوا كل شيء متكامل مع الطائفية والعنصرية والتدين، وزادوا من عزلة كل فرد، والعظمة العظيمة. وتم التخلي عن القواسم المشتركة للأمة لصالح اختلافاتها الصغيرة؛ وفي الوقت الذي تعرضت فيه هوية الأمة وقوتها ودورها ووجودها لمخاطر عميقة ومفاجئة.
حاولوا تقسيم أمتنا إلى أجزاء بمثل الانفصال، لكن فلسطين وحدها كانت هي الحل. وبقيت نافذة الوحدة وطريق الالتقاء وقاعدة الصحوة والصعود إلى المستقبل الذي تتعطش إليه أممنا؛ مستقبل الردع والكرامة والحرية والسيادة والاستقرار والازدهار.
بعد عقود من الجهود المركزة بدعم كامل من أمريكا والغرب لتفتيت القضية الفلسطينية وتقسيمها وتدميرها، أصبح لبنان الآن، سوريا والعراق وإيران واليمن هبت لنجدة غزة بشكل أوسع مما توقع العدو، وتمكنت فصائل المقاومة من محاصرة هذا النظام الغاصب بالنار لأكثر من 100 يوم، وهو أمر غير مسبوق. غزة في سوريا، ودماء شهداء غزة في العراق، ودماء شهداء غزة في اليمن، ودماء شهداء غزة في إيران، وآخرها دماء سردار سيد رازي موسوي، كل هؤلاء دماء بدماء شهداء غزة والضفة إلى الوحدة وقد وصلا إلى الالتقاء ويكمل كل منهما الآخر.
هذه هي نفس وحدة الدم والسلاح والميدان والهدف التي سرق منها النوم عيون أعدائنا. وهذا ما يجب أن نستمر فيه ونحاول أن نزيد حجمه وعمقه وامتداده.
ومن يعتقد أن هذه الأمة (الإسلام) أمامها خيار آخر غير المقاومة فهو مخطئ وموهم جداً جداً.
احتلت إسرائيل فلسطين ليس بالدبلوماسية بل بالسلاح والقوة، واحتلت إسرائيل بيروت عام 1982 ليس بالدبلوماسية بل بالسلاح والقوة، وهي اليوم تهدد الأمة ليس بالدبلوماسية بل بالسلاح والقوة.
لقد انسحبت إسرائيل من لبنان عام 1982 ليس بالدبلوماسية بل بالمقاومة، وسوف تنسحب إسرائيل من غزة وفلسطين ليس بالدبلوماسية بل بالمقاومة.
نحن كأم، ليس لدينا خيار آخر ولكن للمقاومة، ليس لدينا سوى المقاومة في أيدينا وليس لدينا سوى المقاومة لنضع قلوبنا فيها.
هذه المعركة مع العدو ليست معركة ليوم واحد أو يومين، ولكنها معركة مستمرة ومعركة ضارية. وعلينا أن نبقى على أهبة الاستعداد في هذه المعركة.
وتجمع أساطيل دول الاستكبار لدعم إسرائيل لا يدل إلا على ضعف إسرائيل وتذبذبها، وهذا ما ينبغي أن يقوي إرادتنا في الإصرار على خيار المقاومة. ماذا لو لم تتوفر اليوم شروط تحرير فلسطين، ولكن واجبنا أن نكون مستعدين للغد والأيام التي بعده، فما رأيتموه وشاهدتموه مرات عديدة هو تعلق فاشل لا يجلب إلا الندم والخسارة والخسارة. الفشل والمرارة.
لا يمكن الانضمام إلى هذه المؤسسات الدولية لأنها مرهونة بإرادة القادة الأميركيين. وآخر المفارقات والمؤامرة لهذه المنظمات كان القرار الذي يدين اليمن لمهاجمته السفن الإسرائيلية دفاعا عن غزة وشرعنة هجوم الولايات المتحدة وبريطانيا على إخوان “أنصار الله” والتجاهل الوقح والخسيس لمليوني مواطن فلسطيني الذين من خلال القتل والاعتداءات يستشهد الإسرائيليون ويجرحون ويسجنون ويجوعون ويعطشون ويشردون في الصحراء.
من [تريبيون] هذا المؤتمر المبارك لقادة وشعب جمهورية إيران الإسلامية من خلال المواقف الداعمة الرائدة والمواقف الأصيلة والحكيمة للإمام وأشكر القائد آية الله السيد علي خامنئي (سد زله).
أشكركم على هذا المؤتمر وعلى وقوفكم ومساعدة المقاومة اللبنانيون لقد عقدت المقاومة الإسلامية عهداً على أن يبقى عونها حتى انتصار غزة في الموضع.
وعهدنا مع إمامنا العظيم الخميني (صلى الله عليه وسلم) هو الحفاظ على وصيته، البقاء على طريقه ومواصلة طريقه؛ طريق لن تكون نهايته إلا النصر والعزة والكرامة. بسم الله الرحمن الرحيم. > والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السيد حسن نصر الله 7 رجب 1445″
المؤتمر الدولي الثاني عشر “غزة؛ “رمز المقاومة” بحضور مجموعة من أهالي شهداء المقاومة وشهداء الدفاع عن المقام وشهداء النووي، بالإضافة إلى مجموعة من المسؤولين الوطنيين والعسكريين وضيوف جبهة المقاومة العالمية باسم مجتمع الدفاع عن الوطن الفلسطيني.
مصدر | وكالة للأنباء تسنيم |