القيود والاختناقات التي يفرضها النظام الصهيوني على مهاجمة رفح
إن شدة وحشية وقتل الفلسطينيين من قبل الجيش الصهيوني في قطاع غزة دفعت الرأي العام العالمي إلى التركيز على التطورات في غزة وخاصة مدينة رفح ومحاولة منع الهجوم على هذه المدينة. |
وفقًا لتقرير المجموعة الدولية وكالة أنباء تسنيم، الهجوم يدخل النظام الصهيوني قطاع غزة للشهر الثامن على التوالي، فمنذ حوالي 3 أشهر بدأت الشائعات حول هجوم النظام الصهيوني على مدينة رفح الحدودية، ولا تزال مستمرة. منذ الشهر الخامس للحرب ومع تحرك أهل غزة نحو رفح جنوب القطاع، أصبح مصير هذه المدينة في غاية الأهمية لجميع الأطراف.
داخل الأراضي المحتلة، هناك العديد من الاختناقات والتناقضات حول رفح، أولها أن تل أبيب بحاجة ماسة إلى دخول رفح لاستكمال عملياتها العسكرية في غزة. والحقيقة أنه لا يمكن للهيئة الحاكمة في الكيان الصهيوني أن تدعي أنها نفذت كافة مراحل العملية العسكرية ضد فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة دون أن تسيطر على هذه المدينة الاستراتيجية، ناهيك عن ادعاء النجاح في تنفيذ هذه العملية وتحقيق الهدف المنشود. النتائج!
خلال الأشهر السبعة الماضية، دخل الجيش الصهيوني كافة مناطق قطاع غزة مرة واحدة على الأقل، باستثناء حدوده الجنوبية ( وطبعاً دخول مناطق مختلفة يعني أن الاحتلال ليس ناجحاً وكاملاً). إن شدة وحشية وقتل الفلسطينيين من قبل الجيش الصهيوني في قطاع غزة دفعت الرأي العام العالمي إلى التركيز على التطورات في غزة وخاصة مدينة رفح ومحاولة منع الهجوم على هذه المدينة.
من ناحية أخرى، ومنذ أن حقق جيش النظام الصهيوني إنجازاً جدياً وجماهيرياً وملموساً فيما يتعلق بأهدافه العسكرية المحددة مسبقاً في قطاع غزة، وهو: “تدمير حماس” و”طرد حماس من دور الحكم في غزة” و”تحرير الأسرى الإسرائيليين عبر العمليات العسكرية”[1] ” لم تتحقق، وقد نشأت هذه الفكرة داخل النظام الصهيوني أنه يمكن أن يجدوا في رفح ومحيطها آثاراً لإسرائيليين في المقاومة أو قادة حماس.
بالإضافة إلى ذلك، أصبحت قضية رفح أيضًا مسألة شرف لحكومة الائتلاف الحاكم برئاسة بنيامين نتنياهو، وبصرف النظر عن أهميتها كهدف عسكري، فقد اكتسبت أهمية سياسية ورمزية. إن الضغط القوي الذي يمارسه الرأي العام العالمي وحتى حكومات النظام الصهيوني الموحدة لمنع هذا الإجراء (خاصة قبل المواجهة المباشرة بين تل أبيب وطهران في أبريل 2024)، قد حول عملية رفح إلى رمز لقوة الإرادة للصهاينة. ووقف تنفيذ هذه العملية سينقل إحساسا قويا بالعجز والفشل لدى الهيئة الحاكمة والجيش وجزء كبير من المجتمع الإسرائيلي.
كما أن المنظور المستقبلي للحرب وقضية رفح داخل الهيئة الحاكمة للكيان الصهيوني أصبح أيضا لغزا، لأن بعض الأحزاب السياسية والناشطين في الأراضي المحتلة يطالبون بالتوصل إلى اتفاق من خلال تسليط الضوء على قضية إنقاذ حياة الإسرائيليين المحاصرين لدى حماس وتعريض حياتهم للخطر إذا بدأت عملية رفح لإنقاذهم، وهم متقدمون على أي تخطيط لتنفيذ هذه العملية. على سبيل المثال، يريد زعيم المعارضة يائير لابيد أن تكون لاتفاقية تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار الناتج عنها الأسبقية على عملية رفح، ومؤخراً هدد بيني غانتس، عضو مجلس الوزراء الحربي، في بيان له قائلاً: “إذا تم التوصل إلى خطة تؤمن مصالح إسرائيل مع دعم كافة المؤسسات إذا وضع الأمن على طاولة المفاوضات ومنع الوزراء المسؤولون عن فشل 7 أكتوبر تنفيذه فلن يكون للحكومة الحق في البقاء.
أمام غانتس وأنصار اتفاق تبادل الأسرى طرح اليمين المتطرف بقيادة إيتامار بن جوير وبتسالئيل سموتريتش تجنب الهجوم على رفح كخط أحمر ويهددون بترك الحكومة في حال التخلي عن هذه العملية. وفي هذا الصدد حذر سموتريش في شريط فيديو من أن الاتفاق الذي يمنع الهجوم على رفح هو “استسلام مهين” و”طعنة في الظهر لجنود الاحتلال”. كما هدد بن جوير في تغريدة على تويتر بأن “أي اتفاق غير مسؤول سيعني حل الحكومة، ومن الممكن مراجعة الموقف الأساسي لحماس فيما يتعلق بوقف إطلاق النار ومفاوضات التبادل”. واشترطت فصائل المقاومة الفلسطينية المفاوضات حول حياة الأسرى وإطلاق سراحهم بإعلان انتهاء الحرب رسميا وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، فبرزت فكرة “أولوية تبادل الأسرى”. بشأن الهجوم على رفح” (موقف المؤيدين للتنفيذ السريع للاتفاق) يضعف.
ومن ناحية أخرى، إذا كان الصهيوني الأسرى متواجدون في المقاومة الفلسطينية في رفح، غزو الجيش الصهيوني لهذه المنطقة سيعرض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر وكذلك الفلسطينيين بشكل مباشر ويصبح لغز رفح أصعب من ذي قبل سواء ضد حماس وجماعات المقاومة، أو ضد الحكومات العربية، أو ضد الحكومات الأوروبية والأمريكية. وذلك في ظل الخلاف بين الحكومات الأوروبية وحكومة بايدن مع نظام الاحتلال في هذا الشأن بسبب استمرار تواجد قوات الاحتلال في هذه المنطقة. في الواقع، لا يوافق حلفاء إسرائيل الغربيون على استمرار تواجد الجيش الصهيوني في هذه المنطقة حتى لو حققت حكومة نتنياهو أهداف الحرب المزعومة.
ولكن في الوقت نفسه تعارض الحكومات العربية ذلك بشدة ويشترطون ضمناً استمرار عملية التطبيع بين النظام الصهيوني والحكومات العربية في الخليج الفارسی التخلي عن هذه العملية. ورغم أنه يبدو من غير المرجح أن هذه الحكومات لن تهاجم رفح باعتبارها خطها الأحمر، إلا أن العواقب الإنسانية الكارثية الناجمة عن مهاجمة هذه المدينة سيكون لها بالتأكيد تأثير سلبي على احتمالات تطبيع العلاقات.
[1] – الاستثناء الوحيد لذلك هو إطلاق سراح سجينين إسرائيليين في فبراير 2024 (بهمن 1402)، اللذين تمكنا أيضًا من الفرار.
© | وقد قام مركز ويبانغاه الإخباري بترجمة هذا الخبر من مصدر وكالة تسنیم للأنباء |