ومن رفح إلى القاهرة؛ لماذا تحاول إسرائيل السيطرة على الشريط الحدودي بين مصر وغزة؟
وعلى الرغم من أن الدبابات الإسرائيلية بدأت بمهاجمة رفح واحتلت على ما يبدو الشريط الحدودي بين رفح وفيلادلفيا، إلا أنه يبدو أن هذه الإجراءات هي خطوة تكتيكية أكثر منها احتلالًا كاملاً لجنوب غزة. |
وكالة مهر للأنباء المجموعة الدولية: الموافقة على المرحلة الأولى من الهجوم الصهيوني على شرق رفح و وفي الوقت نفسه فإن قبول حركة حماس لخطة الدوحة ـ القاهرة المقترحة زاد من تعقيد المعادلات الميدانية في قطاع غزة. وخلال الأسبوعين الأخيرين، تواجد فريق حماس المفاوض في الدوحة والقاهرة، وسعى للتوصل إلى حل لوقف الحرب وتبادل الأسرى وإعادة بناء قطاع غزة، لكن بسبب إصرار الجانب الإسرائيلي على “الخط الأحمر” المتمثل في عدم وتوفير ضمانة لإنهاء الحرب، باءت مفاوضات وقف إطلاق النار بالفشل. ويعتقد بعض المحللين أن العملية الأخيرة تظهر خطة الجيش الإسرائيلي لاحتلال رفح تدريجيا و”حفر خندق تلو الآخر” دون إثارة حساسيات لدى الرأي العام. وهناك مجموعة أخرى ترفض هذا الرأي، وترى أن “العمليات المحدودة” التي تقوم بها إسرائيل في رفح تهدف إلى زيادة القدرة التفاوضية للفريق الإسرائيلي في مفاوضات الدوحة-القاهرة.
خلال الأشهر الثمانية الماضية، اتهم المسؤولون في حكومة نتنياهو مراراً وتكراراً القاهرة وحركة حماس، وزعموا أن جماعات المقاومة تستخدم مئات الأنفاق لنقل الأسلحة من القطاع. سيناء إلى قطاع غزة. وعلى الرغم من رفض السلطات المصرية لهذا الادعاء، إلا أن الأعضاء المتطرفين في حكومة نتنياهو أرادوا احتلال هذه المنطقة بالكامل والسيطرة على المناطق الحدودية. أهم محور للصراع في هذه الحملة هو محور فيلادلفيا الذي يبلغ طوله 14 كم (8.7 ميل). وسبق أن حذر مسؤولون في حكومة عبد الفتاح السيسي مرارا نظراءهم في تل أبيب من أن بدء العمليات العسكرية في رفح والهجرة القسرية للسكان إلى صحراء سيناء يعني أن إسرائيل تتجاوز “الخطوط الحمراء” المصرية. وغني عن القول أنه منذ بداية العملية العسكرية الإسرائيلية شرق رفح، لم تعلق سلطات القاهرة على تجاوز تل أبيب للخط الأحمر في القاهرة، واكتفت بإدانة العملية لفظيا. وأدى ذلك إلى احتجاجات واسعة النطاق ضد القاهرة في الفضاء الإلكتروني، لدرجة أن البعض أعلن: “لقد تم انتهاك وحدة أراضي مصر بدخول إسرائيل إلى معبر رفح. ما هو رد فعل القاهرة؟”
أهم ذرائع النظام الصهيوني لبدء العمليات العسكرية شرق رفح هو وجود كتائب عسكرية تابعة لحماس في هذه المنطقة. بعد ساعات فقط من بدء عملية طوفان الأقصى، كشفت حكومة الحرب التابعة للنظام الصهيوني عن ثلاثة شروط: “تدمير جميع البنية التحتية العسكرية والسياسية لحماس”، و”تحرير الأسرى”، و”تغيير في الجغرافيا السياسية لغزة”. خلال الـ 215 يومًا الماضية، كان جدول الأعمال الرئيسي للعمليات العسكرية الإسرائيلية في جميع أنحاء غزة هو تحقيق الأهداف المذكورة أعلاه. ويأمل جيش النظام الصهيوني في اتخاذ خطوة جادة نحو إطلاق سراح الأسرى من خلال التحرك شرق رفح والعثور على الأسرى ومقرات حركة حماس وأنفاقها. كما يأمل الصهاينة أن يجدوا إشارة من قادة المخابرات الميدانية في حماس محمد زائف ويحيى السنوار.
في صباح يوم الثلاثاء 7 مايو، دخل اللواء 401 مدرع التابع للجيش الإسرائيلي شرق مدينة رفح. ويقع هذا المعبر على بعد حوالي 3 كيلومترات (1.8 ميل) من الحدود الفلسطينية المصرية، ويمتد حتى محور فيلادلفيا. ورغم أن احتلال إسرائيل لهذه المنطقة الحدودية يعد انتهاكا واضحا لاتفاق كامب ديفيد، إلا أن مصادر مقربة من حكومة نتنياهو زعمت أن هذه العملية تمت بالتنسيق بين تل أبيب والقاهرة، وأن قوات الجيش الإسرائيلي ستنسحب من هذه المنطقة بعد العملية. زيادة. وبحسب “تايمز أوف إسرائيل”، فقد أعلن مسؤولون في الجيش الإسرائيلي عن استهداف أكثر من 100 مركز تابع لحركة حماس، واكتشاف 3 أنفاق، واستشهاد 20 مجاهدا فلسطينيا. وأفادت مصادر فلسطينية باستشهاد 27 شخصا، بينهم 8 أطفال شرق رفح.
بالتزامن مع بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح أجرى إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اتصالا هاتفيا مع قادة حماس وأعلنت إيران وتركيا وقطر قبول عرض وقف إطلاق النار في غزة مبادرة حماس في “ساعة الصفر” لهجوم النظام الصهيوني على شرق رفح جعلت أعضاء حكومة الحرب في إسرائيل يواجهون ضغوطا داخلية ودولية متزايدة وعدم تمكنهم من اتخاذ قرار نهائي بالعودة إلى طاولة المفاوضات أو مواصلة الحرب. خلال الليل والنهار الماضيين، ارتفع مستوى الضغط من عائلات السجناء الإسرائيليين والجهات الوسيطة بشكل كبير لدرجة أن تل أبيب اضطرت إلى إرسال فريق فني إلى القاهرة.
وتعتقد بعض المصادر العبرية أن الولايات المتحدة والدول العربية كانت على علم بإمكانية قبول العرض المعدل للجانب الفلسطيني، لكنها لم تشارك هذا الموضوع مع الجانب الفلسطيني. تل أبيب. ويبدو أن السلطات الإسرائيلية لم تعلم بتعديل الاقتراح المقدم لحماس. وهذا الاقتراح الجديد عرض على الجانب الفلسطيني في الأسبوع الأخير من المفاوضات، ولم يتم الحديث عنه من قبل. وفي هذه المبادرة المصرية يتم تقديم القاهرة باعتبارها الضامن لوقف إطلاق النار الدائم بين المقاومة وإسرائيل. أي أن حركة حماس وافقت على الاقتراح المصري وليس الجانب الإسرائيلي! وبعد نشر هذا الأمر إعلاميا، أعلن الجانب الإسرائيلي أن الخطة المصرية المقترحة لا تلبي مطالب تل أبيب، ومن ثم سيواصل جيش النظام عملياته شرق رفح. ومن المثير للاهتمام أن يبدو أن ويليام بيرنز والفريق الأمريكي الحاضر في هذه المفاوضات كانوا على علم بتفاصيل هذا الاقتراح الجديد، لكنهم لم يبلغوا الجانب الإسرائيلي بتفاصيله.
بحر تسخين
على الرغم من أن الدبابات والمقاتلات الإسرائيلية بدأت في مهاجمة شرق رفح واحتلت على ما يبدو الشريط الحدودي بين رفح وفيلادلفيا، إلا أنه يبدو أن هذه الإجراءات أكثر من مجرد استهداف كامل ويعتبر احتلال جنوب غزة خطوة تكتيكية تهدف إلى تعزيز موقف الجانب الإسرائيلي في مفاوضات الدوحة-القاهرة. بعد ساعات فقط من نشر صور دخول مدرعات إسرائيلية إلى محور فيلادلفيا وانتهاك اتفاق كامب ديفيد، أعلنت مصادر عبرية أن الكيان الصهيوني بدأ عملية محدودة في رفح، وليس لديه حاليا أي نية لشن هجوم كبير على هذه المنطقة. ويبدو أن السلطات الإسرائيلية، وبعد فشلها في فرض شروطها على الجانب الفلسطيني، تتطلع الآن لبدء عملية نفسية جديدة وإضعاف التموضع الميداني لحركة حماس في قطاع غزة، من أجل كسب المزيد من النقاط على الطاولة. حصول المفاوضات السياسية من حركة حماس والجهات الفاعلة الأخرى على الوساطة.