فتوى محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصهيوني
وكالة مهر للأنباء-المجموعة الدولية: محكمة العدل الدولية، وهي الركيزة القضائية للأمم المتحدة، أصدرت مرة أخرى حكماً وصفت فيه النظام الصهيوني بأنه نظام احتلال وطالبت بالوقف الفوري لبناء المستوطنات في الأراضي المحتلة . وفي هذه المقالة، وبينما نشير بإيجاز إلى هذا الحكم الصادر عن المحكمة، فإننا نتناول عواقبه.
أبعاد الحكم القضائي ضد النظام الصهيوني
أصدرت محكمة العدل الدولية، الجمعة (29 تموز/يوليو)، فتوى تعلن فيها الاحتلال الإسرائيلي وأعلن أن هذه المحكمة لا تعترف بأي تغييرات هيكلية قام بها النظام الصهيوني في فلسطين منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، وعلى جميع الدول التعاون مع الأمم المتحدة لمساعدة الشعب الفلسطيني في تحديد مصيره. قدر. وأعلنت هذه الهيئة القضائية أن وجود النظام الصهيوني في فلسطين غير قانوني، ويجب على أعضاء الأمم المتحدة ألا يعترفوا بهذا الوجود غير القانوني. ويجب على الدول التعاون مع الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن لإنهاء الوجود غير القانوني للنظام الصهيوني في الأراضي المحتلة. ودعت محكمة العدل الدولية النظام الصهيوني إلى إنهاء احتلاله ووجوده غير القانوني في فلسطين، وكذلك أنشطته الاستيطانية وإخلاء المستوطنات القائمة، ودفع تعويضات لجميع الفلسطينيين المتضررين.
تحليل التصويت الاستشاري
القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية له أبعاد عديدة. أحد الأبعاد يتعلق بإدانة الصهاينة. وبناء على ذلك فقد جاء أن احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين غير قانوني ويجب إنهاؤه. أحد الأبعاد يتعلق بالتعويض عن نتائج الاحتلال الصهيوني. وفي هذا الصدد، تم الإعلان من ناحية عن ضرورة إعادة سياق فلسطين المحتلة إلى عام 1967 وإخلاء المستوطنات المبنية، ومن ناحية أخرى، تم التأكيد على وجوب قيام النظام الصهيوني بدفع تعويضات لجميع الفلسطينيين. الفلسطينيين المتضررين. أما البعد الثالث فيتعلق بتنفيذ هذا التصويت. وقد وضعت محكمة العدل الدولية مسؤولية تنفيذ هذا القرار على عاتق الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وجميع الدول. وينص الحكم على أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن مسؤولان عن إنهاء الوجود غير القانوني للنظام الصهيوني في الأراضي المحتلة، ويجب على جميع الدول مساعدة الجمعية العامة ومجلس الأمن على الوفاء بهذه المسؤولية. البعد الرابع لهذا الحكم هو أن الشعب الفلسطيني له الحق في تقرير المصير ويجب على جميع الدول مساعدة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
ردود الفعل فترة>فترة>
قوبل التصويت الاستشاري لمحكمة العدل الدولية ضد النظام الصهيوني بردود فعل واسعة النطاق. ورحبت معظم الدول، بما في ذلك عدد من الدول الأوروبية، بهذا الحكم. كما رحبت معظم دول منطقة غرب آسيا بهذا الحكم. أعلنت وزارة الخارجية السعودية، عبر نشر بيان لها، أنها ترحب بالحكم الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، وتؤكد على عدم شرعية وجود تل أبيب في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 57 عاما. وأعلن “فرحان حق” المتحدث باسم “أنطونيو جوتيريس” الأمين العام للأمم المتحدة، أن جوتيريس سيحيل حكم لاهاي هذا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ قرار بشأن تصرفات النظام الصهيوني في فلسطين المحتلة. وشدد غوتيريش على ضرورة عودة الكيان الصهيوني وفلسطين إلى العملية السياسية بما يتماشى مع القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال وحل الصراع. وفي الوقت نفسه، رد بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء النظام الصهيوني، على هذه الفتوى وقال: “إن الشعب اليهودي ليس محتلا في أرضه. “لا يمكن لأي قرار خاطئ في لاهاي أن يشوه هذه الحقيقة التاريخية.” كما انتقد منتقدو نتنياهو ومعارضوه في الأراضي المحتلة هذا الحكم الذي يدل على أن الصهاينة لديهم رأي موحد بشأن قضية الاحتلال ولا فرق بين نتنياهو وغيره في هذا المجال موضع ترحيب في نضالهم المستمر منذ عقود تحقيق العدالة.
العواقب فترة>فترة>
إن قرار محكمة العدل الدولية، الذي أغضب الصهاينة، له عواقب مهمة، خاصة على المستوى السياسي. بعض هذه العواقب هي:
1. الاحتلال لا ينشئ أي حقوق إقليمية
من أهم نتائج حكم محكمة العدل الدولية أنه يؤكد على إن القوة والاحتلال يتسببان في انتهاك مبدأ الحقوق الدولي المهم، ولا يعني حق تقرير المصير. ولذلك لا يمكن للصهاينة المطالبة بالسيادة على الأراضي الفلسطينية من خلال بناء المستوطنات، وهذه الأراضي دائما ملك للفلسطينيين وتخضع للاحتلال وفقا للقانون الدولي. وقالت الفتوى: لا يمكن الاستمرار في حرمان الفلسطينيين من حقهم ويجب على إسرائيل أن تنهي احتلالها في أسرع وقت ممكن وأن تقوم بأي بناء بإعادة الأراضي التي أخذتها من الفلسطينيين وتدمير جزء من الجدار العازل داخل الأراضي الفلسطينية. ويجب على إسرائيل أن توقف جميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة.
2. قرار المحكمة له صلاحية سياسية ويظهر تزايد العزلة العالمية للصهاينة
محكمة العدل الدولية هي الركيزة القضائية للأمم المتحدة وأحد الركائز الأساسية للأمم المتحدة هذه المنظمة. إن الرأي الاستشاري لقضاة محكمة العدل الدولية، المعروفة بالمحكمة العالمية، ليس ملزما، لكنه مهم بموجب القانون الدولي. وهذا التصويت، الذي رحبت به واحترمته عشرات الدول، يعني إضعاف المكانة العالمية للنظام الصهيوني، بل ويمكن أن يضعف دعم الغرب للنظام الصهيوني. وقد صدر هذا القرار في ظل أن قضية السلطات الصهيونية بتهمة الإبادة الجماعية في غزة تجري مناقشتها أيضًا في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية. ولذلك فإن النظام الصهيوني الذي واجه اشمئزازا عالميا واسع النطاق حتى في الولايات المتحدة والدول الأوروبية بسبب ارتكابه جرائم إبادة جماعية في غزة، يشهد تكثيف عزلته العالمية بحكم محكمة العدل الدولية وربما يعزز الحملة العالمية. لمقاطعة إسرائيل. وفي هذا الصدد ذكرت صحيفة “هآرتس” الصهيونية أن قرار محكمة العدل الدولية من المرجح أن يوسع نطاق العقوبات ضد المستوطنات.
3. تعزيز الركن القضائي للأمم المتحدة في مواجهة إضعاف ركنها السياسي
قرار محكمة العدل الدولية، وهو بعيد كل البعد عن السياسة ويحاول إعطاء الأولوية للحقوق على السياسة والعدالة على الاختيار والتمييز، وهو يتسبب في إضعاف الركيزة السياسية للأمم المتحدة، أي مجلس الأمن. وخلال الأشهر التسعة الماضية، كان هذا المجلس عاجزاً عملياً عن وقف الإبادة الجماعية للصهاينة في غزة بسبب الدعم الشامل والواسع من الولايات المتحدة والدولتين الأوروبيتين، إنجلترا وفرنسا. وأصدر مجلس الأمن عدة قرارات بشأن احتلال إسرائيل لفلسطين خلال الثمانين عاما الماضية، منها القراران 242 و374 بعد احتلال الضفة الغربية لنهر الأردن وغزة ومرتفعات الجولان وصحراء سيناء بعد حرب 1967. وقد رفض النظام الصهيوني، بدعم من الولايات المتحدة والقوى الأوروبية، تنفيذ هذه القرارات واستمر في احتلاله بحيث أصبح الآن 85% من الأراضي الفلسطينية تحت سيطرة تل أبيب. ولم يتمكن مجلس الأمن خلال الأشهر التسعة الماضية من إصدار قرار حاسم لوقف الإبادة الجماعية في غزة بسبب أولوية السياسة على العدالة. والآن، فإن حكم محكمة العدل الدولية، الذي سلط أبيب الضوء مرة أخرى على قضية الاحتلال الصهيوني، يظهر أنه حتى دعم الولايات المتحدة والدولتين الأوروبيتين العضوتين الدائمتين في مجلس الأمن للإبادة الجماعية والإبادة الجماعية إن جريمة الصهاينة بحق غزة لا تجعل الضمائر المستيقظة تهمل هذه الجريمة.
4. استمرار الاتجاه المتزايد للضغوط العالمية ضد النظام الصهيوني في نفس الوقت الذي يستمر فيه استمرار الشرعية العالمية لفلسطين
مع الإبادة الجماعية التي ارتكبها النظام الصهيوني ضد شعب غزة، بدأت عملية عالمية لكشف الجرائم من الصهاينة. وأحالت جنوب أفريقيا قضية جرائم النظام الصهيوني إلى المحكمة الجنائية الدولية. وبهذا الإجراء الذي اتخذته جنوب أفريقيا، سيتم النظر في قضية جريمة قادة النظام الصهيوني في المحكمة، بل إن هناك إمكانية لإصدار مذكرة اعتقال بحقهم. والآن يعتبر قرار محكمة العدل الدولية انتصارا آخر للشرعية الدولية للفلسطينيين وهزيمة أخرى للكيان الصهيوني على المستوى العالمي. وفي هذا الصدد كتبت صحيفة القدس العربي في تقرير حول حكم محكمة لاهاي ضد تل أبيب: رغم أن حكم محكمة لاهاي ضد النظام الصهيوني صدر بتأخير 18 شهرا، إلا أنه يعتبر حكما إنجاز روحي متعدد الأبعاد يفتخر به الأطراف الفلسطينية والعربية والدولية الداعمة للقضية الفلسطينية لأنه دحض كذبة تل أبيب الشائعة بأن النظام الصهيوني هو نظام يحترم القانون والنظام الديمقراطي الوحيد في المنطقة. تمتد>ص>
النتيجة فترة>فترة>
وسبق أن أصدرت محكمة العدل الدولية حكما تاريخيا ضد النظام الصهيوني. وفي 9 تموز/يوليو 2004، أصدرت هذه المحكمة فتوى بشأن بناء جدار عازل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأعلنت المحكمة أن بناء الجدار العازل غير شرعي، مستندة إلى الاتفاقيات الإنسانية ومعاهدات حقوق الإنسان. ورغم أن فتوى المحكمة كانت تقضي بأن بناء الجدار الحاجز غير شرعي، فقد قام نظام الاحتلال منذ ذلك العام ببناء عدة جدران أخرى، بما في ذلك بناء الجدار الحاجز في غزة. وحتى الآن، ورغم أن حكم محكمة العدل الدولية لا يتمتع بضمانة تنفيذية، إلا أنه يشير من ناحية إلى استمرار الاتجاه المتزايد للضغوط العالمية على النظام الصهيوني، ومن ناحية أخرى، فإنه يشير إلى زيادة الضغط العالمي على الكيان الصهيوني. دعم وشرعية فلسطين على المستوى العالمي، وفي الوقت نفسه، يعد فشلاً لمجلس الأمن الذي أصبح أسيراً ورهينة للفيتو، ومع الاستخدام المتكرر لحق النقض من قبل الولايات المتحدة، لقد أظهرت نفسها عملياً غير قادرة على وقف الإبادة الجماعية الصهيونية.
* سيد رازي عمادي، خبير في القضايا الدولية