انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق؛ غموض وتحديات
وفقًا للمجموعة الدولية وكالة تسنيم للأنباء، أقرت أربعة مصادر عراقية مقربة من حكومة البلاد بالخطوات ومن المقرر أن يبدأ انسحاب قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من العراق في سبتمبر من هذا العام حتى يتم الإعلان رسميًا عن نهاية مهمة التحالف الدولي في العراق في سبتمبر 2025.
استؤنفت الليلة الماضية المحادثات الأمنية العراقية الأميركية في واشنطن بعد توقف دام ستة أشهر. ورئيس الوفد العراقي هو “عبد الأمير يار الله” رئيس الأركان المشتركة في جيش هذا البلد. وتشير مصادر إخبارية في العراق إلى إمكانية التوصل إلى نتيجة لهذه المفاوضات، وتتوقع أن يتم التوصل في هذه الجولة من المفاوضات إلى تفاهم حول الموعد المحدد لانسحاب القوات العسكرية الأمريكية من أراضي العراق.
كان شتاء العام الماضي عندما أصدرت وزارة الخارجية العراقية بياناً أعلنت فيه الاتفاق على انسحاب قوات التحالف الدولي. وبالطبع لم يحدد في البيان المذكور توقيت محدد لانتهاء مهمة التحالف الدولي في هذا البلد.
انتهاء مهمة “بلوسخارت” ودور الممثل الجديد في العراق
وبعد ستة أشهر من المفاوضات بشأن هذه القضية، اتفقت حكومتا العراق والولايات المتحدة أخيراً على تشكيل اللجنة العسكرية العليا (HMC). وتشكلت هذه اللجنة بعد مقتل جنديين أميركيين في الأردن، بهدف دراسة مستويات التهديد الإرهابي في العراق، والعمليات العسكرية المشتركة، وإنهاء الوجود العسكري الأميركي، عبد الأمير يار الله، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس اللجنة العسكرية العليا وكان قد قال في وقت سابق في تصريحاته إننا لن نذهب إلى واشنطن إلا للاتفاق على انتهاء مهمة التحالف الدولي. ولفتت هذه التصريحات التي أدلى بها رئيس الأركان المشتركة للجيش العراقي أنظار وسائل الإعلام والمسؤولين العراقيين والإقليميين إلى هذه الجولة من المفاوضات.
وفي آخر اتفاق تم التوصل إليه بين الحكومة العراقية والولايات المتحدة عام 2021، كان الطرفان قد توصلا إلى تفاهم بشأن خفض عدد الجنود الأمريكيين في العراق حاليا، وهو عدد الجنود الأمريكيين الموجودين في العراق ويقدر عددهم بنحو 3000 شخص، لكن العدد الدقيق للمستشارين الأمريكيين لا يزال غير واضح وغامض؛ لماذا لا توجد إحصائيات واضحة ودقيقة لعدد المستشارين الأميركيين الموجودين في العراق؟ وأثارت هذه القضية انتقادات من فصائل المقاومة ضد الحكومة العراقية.
وفي مفاوضات الحكومة العراقية السابقة مع الولايات المتحدة، والتي أدت إلى اتفاق شامل عام 2021، ارتفع عدد القواعد الأمريكية النشطة في العراق. العراق زاد من 14 إلى 3 قواعد أسقطها. وتعد قاعدة حرير في أربيل، وعين الأسد في محافظة الأنبار، والبد في صلاح الدين، ثلاث قواعد أمريكية نشطة في العراق.
إن وجود هذه القواعد الثلاث يعيق المراقبة والشفافية ووصول الحكومة العراقية إلى الأنشطة الجارية داخل هذه المراكز العسكرية. وقام الأمريكيون مراراً وتكراراً بنقل أشخاص من سوريا إلى هذه القواعد مجهولة الهوية. ومن ناحية أخرى، يتم تبادل الأسلحة الثقيلة على الحدود السورية، والتي يقال إنها متجهة إلى هذه القواعد الأمريكية.
وإضافة إلى المخاوف المذكورة أعلاه، فإن سماء بعض أجزاء العراق مثل ولا يزال جزء من بغداد ومحافظة الأنبار وصلاح الدين وإقليم كردستان خارج سيطرة الحكومة المركزية العراقية. ومع سيطرتها غير الشرعية على أجواء أجزاء من العراق، تطلق الولايات المتحدة بشكل تعسفي طائرات بدون طيار تكون مهمتها أحياناً المراقبة والتجسس على مقرات الحشد الشعبي وقوات المقاومة، وأحياناً تنفيذ عمليات اغتيال أو ضرب. مستودعات الأسلحة التابعة للقوات العسكرية العراقية.
بالإضافة إلى هذه الحالات، فإن الحركة الحرة وغير المصرح بها لقوات وعملاء الاستخبارات الأمنية الأمريكية في العراق قد انتزعت حرية العمل والاستقلال عن البنية الأمنية والاستخباراتية المركزية في العراق.
وفي هذا الصدد، وحتى لو ارتكزنا على انسحاب القوات الأمريكية المقاتلة حتى آخر عسكري في سبتمبر/أيلول المقبل، فيبدو أن الحكومة الأمريكية، بنفوذها في المحاور الثلاثة التالية، هي: وما زال يحرم بغداد من حرية العمل بشكل مضاعف:
أولاً، يجب أن نلاحظ أن انسحاب القوات المقاتلة مثل ما حدث في عام 2021 لن يؤدي إلى انخفاض نفوذ قوات المخابرات الأمريكية في العراق. العراق. ربما، كما حاول الأميركيون التدخل في أجهزة المخابرات العراقية بعد اتفاق 2021؛ وبعد ذلك سنشهد زيادة في حجم النفوذ الأمريكي في كافة المستويات الأمنية المختلفة في العراق.
ثانياً: وخلال الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء العراقي إلى أميركا، تم توقيع عقود عسكرية جديدة بين بغداد وواشنطن. ورغم أن عدد هذه العقود لا يصل إلى العقود الموقعة بين دول الخليج الفارسي والولايات المتحدة، إلا أن الولايات المتحدة تعتزم توفير الأسلحة للجيش العراقي والمؤسسات الدفاعية الأخرى في هذا البلد قدر الإمكان. وهذا الأمر لن يأتي بثماره على القوات العسكرية العراقية، لكنه سيزيد من تواجد وحركة المستشارين والخبراء الأميركيين حتى يتمكنوا من الاستمرار في السيطرة على هيكلية الاستخبارات العسكرية العراقية.
ثالثًا وأخيرًا؛ اتخذ النفوذ الأمريكي في القضايا الاقتصادية والاجتماعية في العراق مسارا متزايدا. أمريكا لن تتوقف أبدا عن التسلل إلى الشعب العراقي، وخاصة الشباب، لغسل وجهها. وبعد زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى الولايات المتحدة، وجدت الشركات الخاصة الأميركية المزيد من الفرص لاختراق المناطق الاستراتيجية في العراق. وفي هذا الصدد، من المتوقع أنه حتى بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق، فإن هيمنة واشنطن على نفط العراق وموارده الغنية سوف تصبح أكثر قوة، ودعونا لا نهمل كردستان العراق. وقد أعرب مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، خلال رحلته إلى بغداد، علناً عن معارضته للانسحاب الكامل للجيش الأمريكي من العراق إلى رؤساء إطار التنسيق. ومن الواضح أن إقليم كردستان العراق، الذي يتمتع بمؤسسات أمنية وعسكرية واستخباراتية منفصلة عن الحكومة المركزية، سيسعى إلى تثبيت مصالحه وفتح المزيد من أبواب التعاون مع الأميركيين إذا غادر الأميركيون العراق.
في هذه الأثناء، أعربت بعض الفصائل السنية أيضًا عن معارضتها لانسحاب القوات الأمريكية من الحكومة العراقية. وفي الوقت نفسه، وضع الجيش والحشد الشعبي وقوات الدفاع العسكرية الأخرى التابعة للحكومة العراقية أيضًا الدفاع عن سلامة الأراضي على جدول أعمالهم دون أي تمييز تجاه الأديان المختلفة. ولكن في الوقت نفسه فإن بعض الأحزاب والجماعات السُنّية تفسر انسحاب أميركا من العراق باعتباره عجزاً عن الدفاع عن نفسها.
ورغم أن حكومة العراق والولايات المتحدة لم تتوصلا بعد إلى تفاهم بشأن الموعد النهائي لانسحاب القوات الأمريكية وانتهاء مهمة التحالف الدولي، إلا أن حكومة محمد شيعة السودانية، والتي تحظى أيضاً بدعم الإطار التنسيقي، قررت سحب القوات العسكرية الأمريكية في فئة يعتبر من أهم أهدافها.
© | وقد قام مركز ويبانغاه الإخباري بترجمة هذا الخبر من مصدر وكالة تسنیم للأنباء |