استراتيجية المقاومة الذكية ليست في أي مكان آمن للغزاة
بحسب المجموعة الدولية وكالة تسنيم للأنباء، قبيل بدء عملية طوفان الأقصى في أكتوبر عام 2023، لطالما اعتبرت الضفة الغربية منصة للعمليات الاستشهادية والعمليات المناهضة للصهيونية من قبل الفلسطينيين، لكن بعد بداية هذه المعركة وخاصة خلال الأشهر القليلة الماضية، بلغت العمليات الاستشهادية للمقاتلين الفلسطينيين ضد المحتلين الصهاينة كل الحدود. على فلسطين المحتلة، من القدس إلى قلب تل أبيب وهي مشكلة تقلق الأوساط الصهيونية بشكل كبير، ويعترفون بأن الإسرائيليين لم يعد بإمكانهم الشعور بالأمان في أي مكان.
المقاومة الفلسطينية في قلب تل أبيب
واحد من أبرز العمليات الانتحارية التي جرت في تل أبيب مؤخرا، ما يتعلق بانفجار شاحنة في شرق تل أبيب، مساء الأحد من الأسبوع الماضي. ووقع هذا الانفجار العنيف في شارع ” هالخي ” في حي ” هتكفا ” وأدى إلى مقتل شخص وإصابة عدد آخر بجراح.
وفي هذه الظروف لم تتمكن الأجهزة الأمنية التابعة للكيان الصهيوني من تحديد سبب هذا الحادث. وترددت تكهنات حول استشهاد هذه العملية، وأصدرت كتائب عز الدين القسام وسرايا القدس، الجناحان العسكريان لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، بيانا مشتركا أعلنتا فيه مسؤوليتهما عن هذه العملية، وشددتا على أنه حتى اللحظة. فظائع نظام الاحتلال في القطاع إذا استمرت غزة وسياسة الإرهاب التي ينتهجها هذا النظام، فإن العمليات الاستشهادية في جميع أنحاء الأراضي المحتلة ستصبح على أجندة المقاومة. – تعتبر الصهيونية نقطة تحول في النضال ضد الاحتلال منذ قيام الثورة -عاصفة الأقصى حتى الآن. وتعني هذه العملية أن المقاومة، بالإضافة إلى تبني استراتيجيات جديدة ومتقدمة، تواصل تطوير استراتيجيتها التقليدية في العمليات الاستشهادية المناهضة للصهيونية، والتي طالما انتزعت السلام والأمن من الإسرائيليين منذ العقود الماضية.
حرب غزة 2014 وصعود العمليات الاستشهادية في فلسطين
رغم وجود عمليات استشهادية ضد الصهاينة منذ بداية احتلال فلسطين إلا أن هذه العملية بعد 2014 والحرب ففي هذا العام الذي حدث بين المقاومة والجيش الإسرائيلي اشتد بشكل ملحوظ.
وحدثت هذه الحرب بعد 7 سنوات بالضبط من تقسيم الأراضي الفلسطينية إلى قسمين أمنيا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. المستويات؛ حيث كان الصهاينة يحاولون فصل الفلسطينيين من قطاع غزة عن القدس والضفة الغربية، وكان هدفهم الأساسي إضعاف روح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني وتقسيم هذه الأمة وتدمير فصائل المقاومة بما فيها حماس.
لكن هذه الحرب وأداء حماس فيها دفع الشعب الفلسطيني ليس فقط في قطاع غزة، بل أيضا في كل أنحاء الضفة الغربية والقدس المحتلة إلى التحول إلى أيديولوجية المقاومة مرة أخرى، ووجهات نظر الفلسطينيين. وأصبح الفلسطينيون في مناطق مختلفة أقرب إلى بعضهم البعض إلى حد كبير. كما ارتبط عام 2014 بتكثيف اعتداءات الغزاة على المسجد الأقصى ومحاولة تقسيمه زمانيا ومكانيا، فضلا عن تهويد مدينة القدس بعمليات المقاومة ضد العدو الصهيوني. منها 186 بالأسلحة الباردة، و42 دهسًا بالسيارات، و123 بعمليات إطلاق نار.
مع بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2015، هاجمت مجموعة تابعة لحركة حماس في نابلس سيارة للمستوطنين الصهاينة وهاجمت وبعد ذلك بيومين نفذ شاب فلسطيني يدعى “مهند الحلبي” من مدينة رام الله عملية استشهادية بالأسلحة الباردة في القدس المحتلة، استشهد على إثرها 3 مستوطنين صهاينة واستشهد هو نفسه.
>
أصبحت هذه العملية تُعرف باسم “هبة القدس”. إلا أن حدة العمليات الاستشهادية الفردية للفلسطينيين في القدس لم تتوقف، ففي عام 2016 تم تنفيذ أكثر من 4785 عملية فردية معادية للصهيونية، 50 منها هجمات بالأسلحة الباردة و10 منها دهس صهاينة بالسيارات. . واستمرت هذه العملية حتى أصبحت العمليات الاستشهادية الفردية نموذجًا للمقاومة لدى الفلسطينيين المقيمين في القدس.
وفي السنوات التالية، استمرت هذه الظاهرة في التفاقم حتى عام 2021، بعد اعتداءات المستوطنين المتكررة على الفلسطينيين واعتداءاتهم بالذهاب إلى المسجد الأقصى واعتقال الشبان الفلسطينيين من قبل الجيش الصهيوني وغيرها، توسعت المقاومة في القدس بشكل كبير. وبحسب الإحصائيات الواردة في التقرير السنوي للمكتب الإعلامي لحركة حماس، فقد شهدت الضفة الغربية والقدس 10850 عملية استشهادية مسلحة في عام 2021، كانت 441 منها فعالة، أي أربعة أضعاف عدد العمليات الفعالة في عام 2020.عملية تل أبيب انطلقت من محافظات الضفة الغربية المحتلة وهذا المشهد يذكر الفلسطينيين بعمليات المقاومة البطولية والفردية. الفلسطيني، وهو ما يظهر الشجاعة واستخدام التكتيك الجديد الذي تستخدمه المقاومة لتعطيل أوراق العدو. وهذا التكتيك يعني الانتقال إلى مرحلة الهجوم، بدلاً من الدفاع، وهو يظهر قوة وقدرة المقاومة على السيطرة على المشهد الميداني، ليس في غزة فقط، بل في جبهات الصراع الأخرى مع العدو الصهيوني داخل فلسطين المحتلة، والتي استطاعت مواجهة الصهاينة أن ترسم عمق الوجود المزيف لإسرائيل في قلب تل أبيب.
رسائل عمليات تل أبيب للصهاينة
كما تحمل هذه العمليات رسالة مهمة وغير مسبوقة لبنيامين نتنياهو، رئيس وزراء النظام، وهو المحتل وحكومته المتطرفة، مفادها أن المقاومة لا تزال جاهزة ولديها مبادرات جديدة ويمكنها الدخول في مرحلة جديدة. المواجهة التي ستكون أكثر حدة وهذه المرة ستهدد كل الصهاينة في كافة أنحاء الأراضي المحتلة بما فيها تل أبيب.
إن العمليات الاستشهادية للمقاتلين الفلسطينيين تثبت كل مخططات العدو المحتل لتهجير الشعب الفلسطيني. لقد فشل الفلسطينيون في أرضهم، وتصاعد جرائم ووحشية الصهاينة لا يدفع الفلسطينيين إلى الخوف والتراجع فحسب، بل يجعل الجيل الجديد من الفلسطينيين أكثر دافعًا للقتال ويصبحون أكثر التزامًا بقضيتهم ونضالهم. إن عمليات تل أبيب والعمليات المشابهة تعني عودة العمل المقاوم بشكل منظم وبدعم كامل من جميع الفصائل الفلسطينية، بينما كانت قبل هذه العمليات الاستشهادية تتم على مستويات أدنى وعادة بالأسلحة الباردة، في المرحلة الجديدة. ولابد أن يواجه الصهاينة موجة كبيرة من هذه العمليات، والتي سيكون لها بالتأكيد تأثير أكبر بكثير من ذي قبل.
ورغم أن تجهيزات وقدرات فصائل المقاومة الفلسطينية لا يمكن مقارنتها بجيش النظام الصهيوني الذي لا يزال وفي ظل الدعم الكامل وغير المحدود من الولايات المتحدة والغرب، تتغلب المقاومة دائماً على العقلية الأمنية الإسرائيلية باستراتيجيات ذكية. وكما حدث في عملية طوفان الأقصى فقد أحدثت فضيحة كبيرة للكيان الصهيوني وحطمت صورة الجيش الصهيوني التي لا تقهر.
لا يوجد مكان آمن في فلسطين للمحتلين
قوي>
في الوضع الذي بعد تهجير الصهاينة من المستوطنات في شمال وجنوب فلسطين المحتلة بسبب الخوف من هجمات حزب الله اللبناني و تعد الجماعات الفلسطينية والمناطق الوسطى من الأراضي المحتلة وتل أبيب من أكثر الأماكن أمانًا للمستوطنين الصهاينة، لكن الإسرائيليين الآن يدركون أنهم ليسوا آمنين حتى في مدينتهم الأكثر ازدهارًا. واليوم أصبحت تل أبيب مكانا غير آمن ورهيب بالنسبة للصهاينة، ولا يجرؤون على مغادرة منازلهم خوفا على حياتهم، ولا يشعرون بالأمان حتى في منازلهم.
ويرى مراقبون أن العمليات الاستشهادية، على ورقة الأسرى الصهاينة الذين هم في أيدي المقاومة، يمكن أن تصبح رافعة ضغط قوية ضد نظام الاحتلال، مما يؤثر بشكل مباشر على واقع ومستقبل حرب غزة ويزيد الضغط على الجيش ومجلس الوزراء والمستوطنين الصهاينة.
لذا يمكن الاستنتاج، بشكل عام، أن العمليات الاستشهادية الفردية للفلسطينيين واستمرارها تعني فشل الهندسة الاجتماعية التي يمارسها النظام الصهيوني في فصل الفلسطينيين عنهم. بعضها البعض وفشل هذا النظام في إزالة ثقافة المقاومة من مناطق خارج غزة. إن طبيعة المعارك التي دارت بين مقاومة غزة وجيش نظام الاحتلال في فترات مختلفة جعلت الشعب الفلسطيني أكثر وعياً بضرورة استخدام نموذج المقاومة لطرد الغزاة من هذه الأرض، وهذا يعني أن نمط ولا تزال المقاومة تهيمن على عمق الرأي العام الفلسطيني، وهذه العمليات لا ترتبط بفترة زمنية محددة فقط، بل إن توسعها يمكن أن يكون أساساً للدخول في انتفاضة جديدة.
© | وقد قام مركز ويبانغاه الإخباري بترجمة هذا الخبر من مصدر وكالة تسنیم للأنباء |