خطاب الجولاني المشكوك فيه/مخاطر وتحديات المرحلة الانتقالية في سوريا
وبحسب المجموعة الدولية وكالة تسنيم للأنباء، فإن سوريا بعد التطورات السريعة التي شهدتها الشهر الماضي كانت وسقوط حكومة هذا البلد الذي يمر الآن بمرحلة انتقالية ويهدف إلى إرساء أسس أساسية لنظام سياسي جديد. وكما يزعم حكام سوريا الجدد فإن هذا البلد العربي المهم يسعى إلى خلق نظام سياسي “ديمقراطي حر”، لكن هل سينجح هذا الهدف؟ خاصة بالنظر إلى التحديات المبكرة التي واجهتها سوريا مباشرة بعد سقوط الحكومة، وفوق ذلك جشع النظام الصهيوني وعدوانه اللامحدود على سوريا.
للإجابة على هذا السؤال، يجب علينا أولاً أن نفحص خصائص الحكومة والمجتمع السوري، فضلاً عن طبيعة التحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها هذا البلد حالياً.
سورية في قبضة التهديدات الخارجية والجشع
سوريا دولة استراتيجي في الوطن العربي ويعتبر من الأعضاء المؤسسين للجامعة العربية، وله حدود جغرافية طويلة مع دول عربية وغير عربية مهمة، كما أن دول جوار سوريا وخاصة تركيا كانت لها دائماً مشاريع للسيطرة على سوريا. جغرافياً تقع سوريا في قلب منطقة تضم الأردن ولبنان وفلسطين المحتلة وهي جزء لا يتجزأ من منطقة خصبة مليئة بالموارد الطبيعية والتي تضم أيضاً العراق وتتميز سوريا بالتنوع والثقافات المتعددة الموجودة في هذا البلد لطالما أثرت في تاريخ سوريا، وكان من الطبيعي أن تصبح سوريا ميدان طموحات القوى العالمية الكبرى وعلى رأسها أمريكا. يكون؛ مثل ما حدث عام 2011 وتعرضت سوريا عملياً لحرب عالمية استخدمت فيها القوى العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة أداة الإرهاب لتحقيق أهدافها التدميرية في سوريا، كما وقفت بعض دول المنطقة في هذه المؤامرة من قبل المحور الأمريكي.
وكانت سوريا، باعتبارها الدولة التي كانت تعتبر عدواً لأمريكا والكيان الصهيوني، معرضة دائماً لمؤامرات المحور الأمريكي منذ العقود الماضية، ولكن رغم ذلك، وتمكن بمساعدة حلفائه من الوقوف في وجه هذه المؤامرات. وفي عام 2011، أنقذ محور المقاومة مع حلفاء آخرين للحكومة السورية السابقة، وخاصة روسيا، السوريين من مؤامرة الإرهاب الخطيرة، حتى سقطت حكومة بشار الأسد في أقل من شهر.
الوضع المتوتر في سوريا بعد سقوط الحكومة
اليوم، بعد سقوط حكومة الأسد، يمكن للجميع أن يدركوا أن سوريا أصبحت دولة ضعيفة للغاية وأن حكامها الجدد قد ولم تتمكن حتى الآن من حماية البلاد من العدوان الكاسح للنظام الصهيوني ولم تظهر الجهات الفاعلة الأجنبية الأخرى الجشع. واحتلت تركيا وإسرائيل مساحات واسعة من سوريا، ولا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بقواعدها العسكرية في سوريا.
ورغم أن الحكومة الانتقالية السورية تتحدث عن علاقات جيدة مع كافة الدول العربية والمجاورة، إلا أنه لا يزال هناك الكثير. حالة عدم اليقين بشأن السياسة والعلاقات الخارجية لهذا البلد في الفترة الجديدة.
لكي تتمكن الحكومة السورية الجديدة من التعامل مع التحديات التي تواجه هذا البلد في المرحلة الحالية، يجب عليها أولاً حل شيء ما. قضية الهوية والسيادة السورية يمكن أن يجلب هذا البلد إلى الاستقلال؛ لأن الاستقلال هو مصدر الشرعية لأي نظام سياسي يدعي التحدث باسم الشعب.
تجدد المخاطر الطائفية في سوريا مع صعود السلفيين
أما بالنسبة للمجتمع السوري فلا بد أن نقول إن هذا المجتمع يتكون من مجموعات من الناس من ديانات وطوائف وأعراق عديدة، فمنهم مسلمون ومسيحيون وعرب وأكراد وسنة وشيعة، الدروز والعلويين وغيرهم، وهذا التعدد في الأديان والطوائف كان دائماً يشكل أرضية للصراعات الداخلية والانتهاكات الخارجية. ولذلك تحتاج الحكومة السورية الجديدة إلى إيجاد صيغة مشتركة تمكن هذه الفئات المختلفة من الشعب من التعايش مع بعضها البعض. هناك طوائف دينية في سوريا تتبع أفكاراً سلفية، وقد أثارت هذه القضية مخاوف كثيرة بين الطوائف والديانات الأخرى، بما في ذلك. وفئات من أهل السنة الذين يعارضون هذه الأفكار المتطرفة. يفعل كما أن هناك معلومات تشير إلى أن الجماعات الحاكمة في سوريا، ذات الأفكار المتطرفة والسلفية، تريد أن تكون لها علاقات مبنية على المصالح مع عدد من الدول الإقليمية والدولية التي ساعدتها في إسقاط حكومة بشار الأسد؛ دول مثل تركيا وقطر وأمريكا وحتى نظام الاحتلال الصهيوني الذي لم يتورع عن أي عدوان على سوريا خلال الشهر الماضي.
نظرة على الخطاب السياسي الناعم والمريب للجولاني
واللافت هنا أن الخطاب السياسي والعقائدي الذي يتبناه “أحمد الشرع” (أبو محمد الجولاني) الذي يشغل منصب “الرئيس” الحالي للحكومة السورية ، وهو مخالف للمنهج الذي كان عليه من قبل والسابقة التي حدث فيها الجماعات الإرهابية التكفيرية مثل تنظيم القاعدة وداعش وجبهة النصرة لها خطاب سلمي، وباللهجة الهادئة والمعتدلة التي تعتمدها، تحاول تحسين صورتها وإزالة صفة الإرهابي عن نفسها.
وزعم الجولاني في مقابلة أجراها مع شبكة العربية قبل أيام أنه سيتعامل مع كافة القوى والتيارات السياسية والأيديولوجية، وكذلك كافة الأديان والطوائف، بما في ذلك العلويين، و أنه سوف يعامل جميع القوى على قدم المساواة. وسيتم دعوة الحركات السياسية والفكرية في المجتمع السوري للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني.
وسيكون مؤتمر الحوار الوطني الذي يجري الإعداد له هو الجهة الوحيدة المخولة باتخاذ كافة القرارات اللازمة لإدارة الأزمة. والمرحلة المقبلة هي سوريا، بما في ذلك في مجال اختيار أعضاء اللجنة المسؤولين عن صياغة دستور جديد أو تعديل الدستور السابق.
وعلى مستوى السياسة الخارجية، قال الجولاني إنه يريد. للتعاون مع جميع دول العالم وخاصة دول المنطقة والجارة التي تربطها علاقات جيدة و وستكون مصالح سوريا هي القوة الدافعة الرئيسية الوحيدة في توجهات الحكومة الجديدة.
التحديات والمخاطر التي تواجه سوريا في الفترة الانتقالية
ولكن على الرغم من الخطاب الناعم والمعتدل وبالطبع الشبهة التي أخذها الجولاني، هناك تحديات ومخاطر كثيرة تواجه البلاد والشعب السوري في المرحلة الجديدة، أهمها ما يلي:
– في خطابه الأخير قال الجولاني إن تنظيم الانتخابات أمر ممكن، 4 وسيستغرق صياغة دستور جديد سنوات أو تعديل الدستور السابق قد يستغرق ثلاث سنوات. إن تحديد هذا الإطار الزمني للمرحلة الانتقالية للحكومة السورية وكذلك صياغة دستورها أمر مبالغ فيه ومبالغ فيه، وصحيح أن الجولاني يساوي بين تغيير الدستور خلال فترة طويلة والحالة المزرية التي يعيشها البلد. النظام السياسي السوري في المرحلة الحالية، يبرر وجود ثغرات كبيرة في الدستور، لكن من الواضح أن دستور أي دولة، حتى لو كانت لديها حكومة سلطوية ولم يتم تطبيق الدستور، يرتكز دائماً على أسس سياسية وسياسية. التوازن الاجتماعي للدولة ومصالحها وسيادتها. يتم تجميعها. ولذلك فإن قرار الجولاني بكتابة دستور جديد ليس عملاً قانونياً، بل هو سياسي، وليس من الواضح ما هي القوانين التي ينوي سنها في سوريا.
وعلى الجانب الآخر، قال ال- وقال الجولاني إنه لا يتوقع إجراء الانتخابات في سوريا قبل 4 سنوات. وبرر هذا القرار باعتبارات أهمها أن نصف الشعب السوري يعيش الآن في الخارج لاجئين، ولا يستطيع أحد تحديد عدد الناخبين بشكل صحيح. لكن مرة أخرى، 4 سنوات فترة طويلة جداً لإحصاء عدد اللاجئين السوريين في الخارج وهذا غير منطقي على الإطلاق.
إن تصرفات محمد الجولاني في المرحلة الحالية تظهر أنه يعتبر نفسه عملياً رئيساً لسوريا. وفي حالة عدم تشكيل حكومة رسمية، يمكنها أن تحكم سوريا كما تريد دون أي وثائق شرعية. تصرفات الجولاني والحديث عن فترة انتقالية مدتها 4 سنوات لا تعني شيئا سوى أنه يريد أن يحكم سوريا لعدة سنوات دون أي أساس شرعي، ولم يتم الكشف عن أن المؤسسات التي طرحت للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني هي المرجعية ل. وهذا يعني أن المؤسسة المخولة باتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة المرحلة الانتقالية قد تتغير وستتخذ القرارات الأساسية هيئة سرية مختلفة، ولم يقل كلمة واحدة في انتقاد أو إدانة العدوان الإسرائيلي على سوريا الدمار للقوة العسكرية لهذا البلد واحتلال مساحات واسعة منه. كما لم يقل الجولاني شيئاً عن مطالبة تركيا وأمريكا وإسرائيل بتحديد جدول زمني للخروج من سوريا.
وعلى هذا الأساس ولأسباب أخرى خفية وواضحة، من بينها مرتدون وهجمات الجولاني المسلحة عناصر ضد الأقليات في سوريا أو إهانة الرموز المسيحية في هذا البلد، يرى مراقبون أن النبرة الناعمة والمعتدلة التي سيطرت على الخطاب السياسي للجولاني في المرحلة الحالية، هي مجرد غطاء للشراء عند الوفد. ولتعزيز قوتها في سوريا تحتاج إليها هيئة تحرير الشام لتنفيذ مشروعها الحقيقي في المرحلة المقبلة.
وفي كل الأحوال علينا أن ننتظر الأيام والأسابيع المقبلة؛ وخاصة عندما يبدأ مؤتمر الحوار الوطني السوري وحينها ستظهر الحقيقة تدريجياً.
© | وقد قام مركز ويبانغاه الإخباري بترجمة هذا الخبر من مصدر وكالة تسنیم للأنباء |