نظرة البحرين إلى قوة إيران ولغز الأمن في غرب آسيا
وكالة مهر للأنباء، مجموعة الدولية: بعد التطورات المرتبطة بعملية “طوفان الأقصى” التي أدت إلى تغيير جذري في العلاقات الأمنية بغرب آسيا، اتخذت نظرة وسلوك بعض الدول العربية على ساحل الخليج الفارسي طابعًا أكثر “واقعية”، وهي استراتيجية بدأت بخطوة رسمية من السعودية لتعزيز العلاقات الأمنية مع طهران، والآن وصلت إلى مرحلة جديدة بطلب مباشر من “المنامة” لإعادة العلاقات مع إيران.
تكمن أهمية هذا الأمر بشكل أكبر عندما ننظر إلى الصورة الإعلامية المبنية عن وضع المنطقة في الأشهر الماضية.
منذ عدة أشهر، بالتزامن مع بدء عملية انتقال السلطة رسميًا في البيت الأبيض، تم ترويج مقولة “إيران أصبحت ضعيفة” و”طهران في أضعف حالاتها” بشكل متكرر وبحجم كبير جدًا في وسائل الإعلام الرئيسة هناك وكذلك من قبل سياسيي الحزبين.
بالموازاة مع هذا المشروع وهذه المرة على المستوى الأوروبي، تم طرح مقولة تحت عنوان ”محاولة إيران الحصول على قنبلة ذرية” من قبل وسائل الإعلام؛ لدرجة أن أحد الصحفيين الغربيين نقل عن مسؤولين أوروبيين ادعاءً بأنه خلال آخر جلسة حوار بين إيران والدول الأوروبية، تم طرح هذه المسألة من قبل المسؤولين الإيرانيين؛ وهو ادعاء لا أساس له ونفته مسؤولو بلادنا.
في الواقع، تتكون أحجيّة العداء الجديدة ضد إيران لدفع ترامب للتحرك ضدها محورَين رئيسَين: الأول هو تصوير إيران بحالة ضعف والثاني هو محاولة إيران تعويض هذا الضعف بتصنيع سلاح نووي. وقد جرى تصوير هذا الوضع بشكل مكثف خلال الشهرَين الأخيرَين ليصبح “العمل العسكري ضد إيران” مقولة ذات مصداقيّة تُطرح أمام الرئيس الجديد للولايات المتحدة حتى يستغلها ترامب وفقًا لنزعاته الشخصيّة غير المتوقعة.
تصريحات قائد الثورة قبل عدة أشهر تؤيد هذه الفرضيّة بأن الطرف الغربي يسعى لتمهيد الطريق لمثل هذا السيناريو – بغض النظر عن نجاحه أو فشله – حيث خاطب رئيس الولايات المتحدة صراحةً قائلًا: «ذلك الواهم المُتَخيِّل أعلن أن إيران أصبحت ضعيفة؛ المستقبل سيُظهر مَن الضعيف فعلاً. صدام أيضًا هاجم ظنًّا منه أن إيران ضعفت.ريغان قدم كل تلك المساعدات لنظام صدام باعتقاده بضعفنا. هم وعشرات الواهمِين الآخرِين وصلوا إلى الحقيقة بينما ازدهر النظام الإسلامي يومًا بعد يوم.»
في مثل هذه الظروف تحاول سلطات البحرين – بإدراكها الصحيح للتطورات الفعلِيّة بغرب آسيا وللاستفادة مِن الإمكانيات الإقليمِيّة لتأمِين السلامَة الجماعِيّة – تطبيع علاقاتها الثُنائِيّة مَع طهران ومَنع أيَّ مغامرة لقوات أجنبية بالمنطقة ضِدَّ بلادِنَا.
مع وجود أكبر قاعدة عسكرية أمريكِيَّة بالمنطقة فيها يُمكن اعتبار تصريح المنامة خطوةً إيجابِيَّة جدّاً نحو تعزيز الاستقرار بِغَرْب آسيَا. فالبحرِين باتِّفهَامهَا الدقيق لقُدرَةِ اٍیرَان وَإدارك خلفيات تصوير ضعفها بعد أحداث ما بعد الطُّوفَان دخلَت فِي تفاعُل أَمْنِيٍّ مَع طهران تماماً كمَا حدث منذ أسابيع بِزيارة مسؤول سعوديّ رفيعٍ لوطنِنَا.
هذا النموذج نجح سابقاً كما حدث أثناء حرب التحالف السعوديّ على اليمن وأدى أخيراً لخفض التوتُّرات بين طهران والرياض..والآن قد يعمل كوسيطٍ بینھما وبین واشنطن أيضاً! p>
المحادثة الثُنائية بين محمد بن سلمان والسيد عباس عراقجي حول تبعات استخدام أمريكا المحتمل للقواعد العسكرية الموجودة فى بعض الدول العربية – والتي جرَت بإشراف وزير خارجيتنا تقنيّاً- نقلَت رسالة واضحة لباقى دول المنطقة مفادھا أن لغز الأمْن فى غَرْب آسيَا مرتبطٌ بأمْن اٍیرَان.. وَإختلال ھذه المعادلَة لا يصبّ فى مصلحة أي دولة- خاصةً تلك الواقعة عَلَى سواحل الخلیج الفارسی.
فهم الدول العربیّة المختلفة ومن ضمنھا البحرین للأبعاد التقنیّة لهذا الأمر قد یمهِّد لنشوء نموذج أمنی اقلیمی ؛ وهو ما یشكل أهم هاجس لأجهزة الأمن الصّهیونیّة والذى تسعى أحداث سوریا ولبنان الأخیرة لمنعه وفق مخططات اسرائیل .
الدكتور مهدي خان علي زاده ، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة strong> span>