إحداثيات خطة “وقف إطلاق النار” في غزة.. كل شيء يصب في مصلحة تل أبيب
وفقاً لتقرير وكالة “مهر” الإخبارية، كتب عبد الباري عطوان، المحلل في الشؤون الاستراتيجية الإقليمية، في مقال جديد على موقع “رأي اليوم” الإلكتروني: “منذ 19 شهراً ونحن نسمع الكثير عن خطط أمريكا لوقف إطلاق النار في غزة، لكن لم يتم تنفيذ أي منها وواجهت معارضة نسبية أو ميدانية من نظام الاحتلال الصهيوني وبنيامين نتنياهو زعيم هذا النظام.”
غيّر الأمريكيون ممثليهم مع تغير حكوماتهم، لكن الشيء الذي لم يتغير هو توسع نطاق الإبادة الجماعية في غزة وأهداف نتنياهو لتدمير أطفال وعائلات غزة وإجبارهم على إخلاء المنطقة بالكامل والهجرة إلى سيناء. فقط بالأمس قُتل أكثر من 60 طفلاً في غزة نتيجة جرائم نظام الاحتلال الصهيوني.
وصلوا.
ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي في المنطقة، يخدع أهل غزة وفصائل المقاومة والعالم بأسره، مدعياً أن الظروف الجديدة تتيح إمكانية الوصول إلى وقف إطلاق النار. وزعم أن حركة “حماس” قبلت بالإفراج عن 10 أسرى صهاينة أحياء وتسليم جثامين 18 أسيراً قتلوا مقابل هدنة لمدة شهرين وانسحاب القوات الصهيونية من غزة.
وأكد عطوان، مشيراً إلى تحفظاته على هذا النوع من وقف إطلاق النار، أن هذه التحفظات لا تعني رفض الهدنة، بل تهدف إلى تحذير أهالي غزة من الخداع الكبير الجديد الذي يواجههم.
وتضيف المقالة أن ويتكوف لم يطرح شروطاً جديدة، حيث سبق وأن تم تنفيذ وقف إطلاق نار بوساطة أمريكية بنفس الشروط.لكن لم ينفذ سوى المرحلة الأولى منها والتي تم خلالها الإفراج عن الأسرى الصهاينة. وبعد الإفراج عنهم، تنصلت تل أبيب من جميع التزاماتها وعادت لارتكاب الإبادة الجماعية في غزة بشكل أكثر شراسة مصحوبة بحرب تجويع.
يواصل عطوان تساؤلاته: إذا كان زعيم الكيان الصهيوني ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية جادين حقاً في وقف إطلاق النار وحماية أطفال غزة، فلماذا يصمتان أمام الإبادة الجماعية المتواصلة للشعب الفلسطيني التي تحصد يومياً أكثر من 100 شهيد؟ استشهاد أبناء الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار التسعة في قصف صاروخي شنّه الكيان الصهيوني على منزلهم المتواضع في خان يونس ليس سوى مثال واحد على هذه المجزرة. هؤلاء هم من يتباهون بقتل الأطفال ويعتبرونه ترفيهًا لهم.
ويكتب عطوان أن زعيم الكيان لم يقدم حتى رغيف خبز لإغاثة جوعى غزة، بل خدع المقاومة وتمكن من إطلاق سراح الإسرائيلي الأمريكي ألكساندر عيدان. كما لم يقدم دواءً واحدًا لعلاج جرحى المستشفيات الخمس شبه المدمرة في غزة، التي تعمل بصعوبة بعد تدمير المحتلين لأكثر من 30 مستشفى.
وصف عطوان الخطة الحالية بأنها مجرد مخدر جديد، كتلك التي سبقتها، بهدف إعطاء مزيد من الوقت لنتنياهو الذي لا يسعى أبداً لوقف الحرب. بل يريد المزيد من الفرص لمواصلة إبادة شعب غزة واستعادة أسرى الكيان الصهيوني تدريجياً، مع الاستمرار في القتل والتجويع لإجبار المقاومة على نزع سلاحها وإعادة احتلال غزة وتهجير سكانها قسراً.
اللجنة الأمريكية-الصهيونية التي فرضت نفسها بقوة السلاح مسؤولة عن توزيع المساعدات المحدودة التي تصل إلى غزة، تنفذ مؤامرات أمريكية صهيونية لتطهير القطاع. جميع عناصرهم عملاء لأمريكا والكيان الصهيوني. وقد أظهر أهل غزة وعياً وتضحيات برفضهم هذه المساعدات وإجبارهم تلك القوات على الفرار، مما أفشل معظم مخططات نتنياهو وحطم مصداقية النظام العنصري النازي الصهيوني.
اختتم عطوان مقالهه بالتأكيد على أن المخطط السام لـ”ويتكوف” لوقف إطلاق النار لن ينجح، وإن حدث فسيكون قصير الأمد كما جرى سابقاً، وسيكون مجرد محاولة خادعة لإيقاف الصواريخ الباليستية والمسيرات اليمنية التي تقصف تل أبيب ومطارها، مما يدفع ملايين الصهاينة إلى الملاجئ كل ليلة تقريباً. ما الإجراء الإيجابي الذي اتخذته الحكومة الأمريكية تجاه انتهاكات الكيان الصهيوني لأكثر من 3500 مرة لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان؟ بينما معظم المناطق الحدودية اللبنانية لا تزال تحت احتلال الصهاينة، ولم تتوقف طائرات الكيان عن اغتيال قادة حزب الله رغم التزام الحزب الكامل بوقف إطلاق النار.
اللافت أن “ويتكوف” ذكر أن دونالد ترامب سيكون ضامناً للاتفاق الجديد.ترامب الذي ابتز الدول العربية وحصل منهم على أكثر من 5 تريليونات دولار خلال ساعتين دون أن يفعل أي شيء لإيقاف الإبادة الجماعية…
لم تقم الولايات المتحدة بأي خطوة حقيقية لوقف المجازر الصهيونية في غزة، ولم تقدم حتى لقمة خبز للأطفال الفلسطينيين الذين يواجهون الموت جوعاً.
تتصاعد جرائم الصهاينة وأعداد الضحايا يوماً بعد يوم، دون أن يشكر ترامب الدول العربية على توفير الأموال، مؤكداً أن هذه الأموال حق للولايات المتحدة وتكلفة لحماية الدول العربية.فكيف يُتوقع من ترامب أن يوقف تصرفات نتنياهو وهو الذي زود الصهاينة بأكثر من 1800 قنبلة كبيرة (وزن كل منها 2000 طن) لتدمير ما تبقى من منازل غزة وحرق آلاف المشردين الفلسطينيين أحياء؟