قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام

المشروع الأمريكي الغربي في أرمينيا لاحتواء أردوغان

الميل المتسارع للولايات‍ المتحدة وأوروبا⁣ نحو أرمينيا لتحقيق أهدافهم​ الإقليمية يثير مخاوف مسؤولي يريفان من الوقوع في مصير مماثل لأوكرانيا.

بحسب ما نقل القسم العربي من “وكالة ويبانقاه للأنباء” عن ⁣”وكالة مهر للأنباء” نقلاً عن قاعدة الميادين الإخبارية، وقّع الأمريكيون في⁢ يناير الماضي اتفاقية مع ⁢أرمينيا شملت تعاوناً استراتيجياً في المجالات الاقتصادية والدفاعية والأمنية. وكان الأمريكيون ⁤قد أعلنوا سابقاً⁤ عن سعيهم لتقديم مساعدة بقيمة ⁢65 مليون ‍دولار لأرمينيا، أي بزيادة‌ 50% عن المساعدات المقدمة خلال​ السنتين السابقتين.

كما أعلن رئيس المفوضية الأوروبية أن ​الاتحاد الأوروبي سيقدم 270 مليون يورو لأرمينيا على مدى 4 سنوات.

لا ينبغي تجاهل هذا‍ التحول ‍المفاجئ في ⁤توجه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نحو⁣ أرمينيا ⁣في منطقة القوقاز. فقد أظهر⁤ الأمريكيون مؤخراً…

هذه من​ بين مشاريع تركيا في آسيا​ الوسطى والقوقاز. هدفهم من ​هذا الإجراء هو منع نفوذ روسيا، وكذلك⁣ حصار إيران، وفي النهاية محاصرة الصين بالمشاركة في مشروع الهند بجنوب آسيا‍ والمحيط الهندي. ⁤

منطقة القوقاز ⁢وخاصة ‍أذربيجان هي الركن الرئيسي لهذا المشروع الدولي الذي يبدأ من الصين ويستمر حتى البحر الأحمر.‍ ومع ذلك، فإن الإجراءات الجديدة تجاه أرمينيا تُظهر أن هذه التطورات تتماشى مع مصالح الولايات المتحدة.

يبدو أن خطط⁢ الولايات المتحدة تعتمد إلى حد كبير​ على انتصارات سابقة⁣ في أذربيجان ‌وجورجيا وأرمينيا حتى بداية عام 2018،⁣ ولكن بحلول نهاية ​عام 2024 حدثت تغيرات غير متوقعة حيث تمكن حزب “الحلم الجورجي” من الفوز بأغلبية مقاعد​ البرلمان وهزيمة الحزب⁤ الحاكم في البلاد.

وفي أعقاب ذلك، أعلن رئيس وزراء جورجيا ‍”إيراكلي كوباخيدزه” أن بلاده ستبدأ مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد‌ الأوروبي بحلول عام‍ 2030.أجَّلت جورجيا التصويت على القانون حتى 28 مايو/أيار.‌ وواجه هذا القرار ردود فعل ⁢قوية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث أعلنت واشنطن تعليق شراكتها⁤ الاستراتيجية ‍مع جورجيا، بينما‌ حذّر⁤ الاتحاد ‌الأوروبي من أن قرارات رئيس الوزراء ​الجورجي ستكون ⁢لها عواقب وخيمة.

وسرّعت إجراءات جورجيا من ‌تعاون الولايات⁣ المتحدة وأوروبا⁤ مع أرمينيا. وذلك رغم أن أرمينيا ⁣جغرافياً لا تبدو قادرة على تقديم فائدة كبيرة بمفردها، نظراً لأنها محاصرة بين تركيا وأذربيجان وإيران وجورجيا. إلا أن تبعات هذه الخطوة كان يمكن أن ​تؤثر سلباً على‌ وضع تركيا ‍وحضورها في​ حلف الناتو.

ولم تأخذ ⁢الولايات ‍المتحدة في الاعتبار ​العداء التاريخي بين⁣ أذربيجان ⁤وأرمينيا. كانت علاقات أرمينيا ⁣مع أمريكا والغرب أحد العوامل التي ‌دفعت إيران وروسيا إلى التخلي عن دعم أرمينيا في ⁣هذه ‌الحرب، ومن الطبيعي أن⁢ توسيع⁤ هذه العلاقات كان سيجبر أذربيجان على تغيير سياساتها.ويتجه أكثر فأكثر نحو إيران وروسيا. وقد تجلّى هذا التقارب بشكل خاص خلال زيارة محمد‍ باقر قاليباف رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني إلى أذربيجان‌ ولقائه بنظيره الأذربيجاني، الذي جرى في 20 فبراير على هامش الدورة الخامسة عشرة ⁢للجمعية العامة لبرلمانات آسيا.أكد قاليباف خلال اللقاء أن التعاون الثلاثي ‌بين إيران ‍وأذربيجان وروسيا في⁣ المجالات ​الاقتصادية ونقل⁤ الطاقة يُعد مؤثرًا،‍ بينما⁤ صرح رئيس برلمان⁢ أذربيجان بأنه⁤ يتفق تمامًا مع ⁢قاليباف في ضوء المتغيرات الجديدة‌ في ​جنوب القوقاز.

تشير هذه التصريحات إلى أن التطورات الأخيرة في القوقاز أدت إلى تحوّل في ‍سياسة أذربيجان مؤخرًا؛ ‍لكن⁢ الحقيقة هي أن باكو⁢ ظلت تسعى‍ منذ الماضي ‍إلى تحقيق​ توازن⁤ في⁤ علاقاتها مع كل من إيران وتركيا. ورغم ترحيبها بالمشاريع ​التركية من⁤ الناحية العرقية، إلا⁣ أنها لا تريد أن تكون⁣ تحت راية أنقرة. ‍

يواصل الأذربيجانيون…يعتبرون أن⁤ علاقتهم بإيران واسعة جدًا ويعودونها إلى ما قبل ‌العصر الإسلامي. وهم يعتقدون أنهم في الأصل جزء من⁣ إيران انفصلوا ‍عنها لاحقًا، بالإضافة إلى⁤ أن علاقاتهم التاريخية مع الإمبراطورية العثمانية لم تكن جيدة، حيث قام⁢ العثمانيون في⁢ عهد السلطان سليم الأول بإبادة جماعية للشيعة في أذربيجان، راح ضحيتها 40 ألف ⁤شخص.

السؤال المطروح ​هنا ‍هو: ‍هل يريد الأمريكيون إلحاق الضرر بمشروع ⁤تركيا ⁤في القوقاز وآسيا الوسطى؟ الأمريكيون لا يرون مشروع تركيا مستقلًا، ⁢بل يعتبرونه أداة لدعم ⁢مخططات الولايات المتحدة في أوراسيا، ويمكنه ⁣منح الأمريكيين هامشًا للمناورة ‍بشكل أوسع. ومع ذلك، فإن المُثُل ⁤التركية خاصةً في سوريا والعراق تتعارض مع رؤى الولايات المتحدة وأوروبا. ⁤فهم⁢ يعتقدون بضرورة منح⁤ الأكراد حصة من “كعكة” سوريا والعراق، بينما⁣ تعارض تركيا ⁤ذلك.تدعم الجهات المقابلة ⁣لأمريكا وأوروبا ⁤مخطط نظام الاحتلال الإسرائيلي ⁢لإنشاء “ممر داود” جنوب سوريا وربطه بالمناطق الكردية في سوريا والعراق، لكن هذا المخطط يتعارض مع التطلعات التركية في سوريا الرامية ⁤إلى الهيمنة على حلب والموصل.على ⁣أي حال، يمكن أن تكون مخططات أمريكا والغرب تجاه أرمينيا أداة لكبح جماح أردوغان في تركيا ووضعه‌ في حجمه الحقيقي كأداة لخدمة المشاريع ⁤الأمريكية، بينما نرى ​أن أردوغان يسعى لتجاوز هذا الدور.

بشكل عام، يمكن القول إن مخطط أمريكا والغرب تجاه أرمينيا -الذي يهدف إلى​ كبح مشاريع ‍تركيا- متسرّب‍ إلى حد كبير ⁣وقد يقلص⁣ دائرة نفوذهم في القوقاز وآسيا⁣ الوسطى. ويبدو أن الأمريكيين يعتمدون في هذا المخطط على برامجهم في المحيط الهندي ​والهادئ ⁤لمواجهة الصين‍ وروسيا، ويعتقدون​ أنه يمكنهم ​الاعتماد على الهند بدلاً‌ من تركيا في هذا ​المجال ولعب دور أكبر.

كما تحتاج الهند إلى ‌هذه المشاريع ⁢في إطار نزاعاتها مع الصين.

بشكل عام،⁣ يبدو أن دور ‌تركيا في مستقبل منطقة القوقاز‍ وآسيا الوسطى ⁣وحتى في سوريا ‍سيواجه ركودًا، حيث تتعارض مطالبها وتطلعاتها في سوريا مع رغبات الولايات المتحدة وأوروبا وحتى إسرائيل فيما يتعلق باستقلال الأكراد‌ وإنشاء فكرة “ممر داوود”.

وفقًا لما كتبته الميادين، تسعى الولايات المتحدة وأوروبا إلى منح ​دور أكبر ​للمشروع الصهيوني والهندي،⁤ ويتقاطع ‌هذان المشروعان في الممر التجاري ‍الهندي المقرر أن يمر عبر الأراضي المحتلة. وهو ⁢مشروع يعزز التقارب بين الهند والنظام الصهيوني. ومع ذلك،⁣ لا تريد​ الهند‌ أن تضع كل ⁤بيضها‌ في سلة واحدة مع أمريكا وتحاول إلى حد كبير ​الحفاظ على⁢ علاقاتها مع روسيا وإيران. فالهند ⁤تتوافق مع أمريكا فقط ⁣في هدف احتواء الصين. ولا ⁤يبدو أن مسؤولي البيت ​الأبيض حاليًا…

في سياق متابعة ⁣التطورات⁤ الإقليمية، يُتوقع أن يكون للهند مواقف واضحة تجاه علاقاتها مع موسكو وطهران.

مصادر الخبر:​ © وكالة ويبانقاه للأنباء, وكالة ​مهر⁢ للأنباء,
قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام
زر الذهاب إلى الأعلى