شرخ عميق بين حكومة الاحتلال والجيش الإسرائيلي تل أبيب تغوص في مستنقع غزة
بحسب تقرير لقسم العربي في “وكالة ويبانقاه للأنباء” نقلًا عن “وكالة مهر للأنباء” من الجزيرة، فإن الخلافات والشكوك بين حكومة النظام الصهيوني والمؤسسة العسكرية لهذا النظام تتزايد على خلفية الفشل والتراجع في الحرب على غزة واستمرار هذه الحرب دون تحقيق الأهداف المعلنة. يرى المراقبون أن الخلاف المتصاعد بين الحكومة والجيش الصهيوني يعكس أزمة عميقة ناتجة عن الحرب المستمرة في قطاع غزة وهزيمة حكومة بنيامين نتنياهو، حيث أعلن أول وزير في نظام الاحتلال عن استقالته بهدف إعادة الأسرى الصهاينة من غزة وتحقيق النصر المطلق.
ويشير المحللون العسكريون والإستراتيجيون إلى أن الوضع الفعلي في حرب غزة يشكل عدة تحديات للصهاينة…
تشير التوصيفات إلى أنه لا توجد أي علامة واضحة على انتصار عسكري في هذا الصراع. هذا في وقت تسارعت فيه الحرب، مما دفع الجيش والمجتمع والاقتصاد في النظام الصهيوني إلى حافة الانهيار، مع تهديدات بانهيار الحكومة نفسها.
تراجع الصهاينة في معركة غزة
في هذا السياق، صرح سريت ألياف هانئا، المحلل العسكري والخبير الاستراتيجي الناطق بالعربية لقناة الجزيرة، أن جيش النظام الصهيوني قد تكبد خسائر فادحة في تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية.القوات الصهيونية تواجه مقاومة شرسة من قوات المقاومة، بينما أدت العمليات العسكرية المكثفة للجيش لتحرير الأسرى إلى نتائج عكسية، تماماً كما حدث في جميع المحاولات العسكرية السابقة لهذا النظام الفاشل.
وأضاف الخبير العربي: “استراتيجية النظام الصهيوني خلال الحرب شهدت تغيرات كثيرة بسبب الخسائر الكبيرة التي تحملها جيش هذا النظام. لكن الأهداف الأساسية للحرب لم تتحقق”. وفي الوقت نفسه، تواصل المقاومة الفلسطينية…
استمرار العمليات الفارسية التي تشغل الحسابات الميدانية والسياسية بشكل متزايد.
من جهة أخرى، أعلن الدكتور مهند مصطفى، المتخصص في شؤون النظام الصهيوني، أن النظام المحتل قد وقع في حالة من الارتباك بسبب عدم تحقيق انتصار عسكري وعدم القدرة على إنهاء الحرب باتفاق سياسي غير مضمون. هذا الوضع يضع الجيش والحكومة في دوامة مستمرة، كما أن حلفاءهم عبر البحر يغرقون أيضاً في مستنقع غزة.
وأكد أن عدم وجود خطة للخروج من الحرب وعدم القدرة على تحقيق الأهداف المعلنة من قبل النظام الصهيوني يجعل هذا الوضع غير قادر على الاستمرار طويلاً، وسيدفع الصهاينة إلى مزيد من الخسائر التي ستؤثر سلباً على الأمن الداخلي والاقتصاد والمجتمع لهذا النظام. وفي الوقت نفسه، يتزايد عداء المجتمع الصهيوني تجاه نظامهم وشركائهم أكثر فأكثر.وفي لقاء خاص، أعرب الباحث أرشد مقيم في مركز الجزيرة للدراسات عن رأيه بأن النظام المحتل…الصهيونية دخلت حربًا لا تملك فيها القدرة على التحكم في المسار أو النتيجة. هي نفسها لا تعرف إن كانت قادرة على تحقيق الأهداف المعلنة للحرب، بما في ذلك تدمير حماس. بل إن المقاومة في غزة أثبتت قدرتها على فرض مسارات جديدة للصراع، وتعزيز الرواية الفلسطينية.
وأضاف: “تصريحات الكيان الصهيوني تشبه تلك التي نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، والتي تؤكد أن حماس لم تفقد قدراتها العسكرية ولا تظهر أي علامات انهيار”. وحذر المحلل العبري من أن تصاعد التكاليف السياسية والأخلاقية والاقتصادية لهذه الحرب قد يجبر تل أبيب على وقف القتال تحت ضغوط واقعية.
شكوك عميقة بين الحكومة والجيش بعد فشل أهداف الحرب
كما أكد الخبير الإستراتيجي إيليا هانا في تحليله أن مؤشرات أداء جيش الكيان الصهيوني - خاصة مع زيادة الاعتماد على مجندين جدد - تدل على أزمة عميقة.أصبحت الاحتياطيات العسكرية واضحة تمامًا.تبلغ تكلفة القوة الاحتياطية حوالي 45000 شيكل (عملة الكيان الصهيوني) يوميًا، والاستخدام المفرط للذخائر، بما في ذلك الذخائر القديمة من قبل جيش الاحتلال في هذه الحرب، يُظهر مدى تآكله.
وأشار إلى أن معيار النصر في العقيدة العسكرية للكيان الصهيوني يرتبط بإنهاء الحرب سريعًا وتحقيق مكاسب سياسية؛ وهو أمر لم يتحقق على الإطلاق في الحرب الحالية. بالإضافة إلى ذلك، نشهد عجز جيش الكيان الصهيوني عن تحقيق انتصار ميداني حاسم. وفي الوقت نفسه، يتدهور معنويات الجبهة الداخلية للكيان يومًا بعد يوم بسبب تبعات الحرب، كما يتزايد الشك بين جنود وضباط جيش هذا الكيان بشأن استمرار القتال.
وقال الدكتور مهند مصطفى: “من ناحية أخرى، يتسع الخلاف بين الجيش وحكومة الكيان الصهيوني يومًا بعد يوم؛ حيث يسعى إيال زامير، رئيس الأركان الجديد لهذا الجيش، لكسب الشرعية من الرأي العام الصهيوني”.صدرت دعوة لاستدعاء 50 ألف جندي من المتدينين اليهود “الحريديم” إلى الجيش الإسرائيلي، في وقت يعارض فيه الكابينة المتطرف لنتنياهو إرسال الحريديم إلى الخدمة العسكرية. حتى أن العديد من وزراء هذا الكابينه هددوا بالاستقالة في حال إجبار الحريديم على الانضمام للجيش، مما سيؤدي إلى انهيار الائتلاف الحكومي لنتنياهو.
وتعتقد الدكتورة لقاء مكي أن الأزمة الحالية للنظام الصهيوني متأصلة في بنيته الذاتية وليست مجرد أزمة عسكرية. حيث أن تصاعد التوترات الاجتماعية خاصة بين الحريديم والعلمانيين، بالإضافة إلى تقويض ادعاء النظام الصهيوني بأن فلسطين المحتلة آمنة لليهود، سيقود قريباً إلى هجرة عكسية وانهيار داخلي لهذا النظام.
وأشارت إلى أن فقدان النظام الصهيوني لمكانته كملاذ آمن لليهود، وتحوله إلى عبء ثقيل على حلفائه الغربيين والأمريكيين، يثير تساؤلات جوهرية حول بقاء هذا النظام.
حذر العقيد إلياس حنا من أن التقدم الملحوظ في عمليات المقاومة الفلسطينية ضد القوات الصهيونية على مختلف محاور المواجهة – والذي أدى وفقًا لإحصاءات الجيش المحتل الرسمية والمُعدَّلة إلى مقتل 10 عسكريين على الأقل خلال أسبوع واحد فقط – يزيد الضغوط على الجيش والحكومة الصهيونية من قبل المجتمع والرأي العام لوقف الحرب.
يتفق المحللون على أن العامل الحاسم في تغيير مسار حرب غزة لم يعد الرأي العام أو عائلات الأسرى الصهاينة، بل المؤسسة العسكرية نفسها التي تبتعد تدريجياً عن الحكومة وسياساتها، إذ أدركت مخاطر استمرار النهج الحالي الذي قد يؤدي إلى تحول جذري في موازين القوة لدى الكيان الصهيوني، وعلمت أنه يجب مراجعة قرار استمرار الحرب.
خاصة إذا استمرت حرب غزة واتسع الانقسام داخل مجتمع هذا الكيان.