مواقف حزب الله في ضوء رؤية نعيم قاسم.. توضيح دور سلاح المقاومة
وفقًا لتقرير وكالة “مهر” للأنباء، بعد استشهاد السيد حسن نصرالله وتولّي الشيخ نعيم قاسم منصب الأمين العام لحزب الله، تزايدت التكهنات حول توجهات الحزب السياسية والثقافية والأمنية، خاصة في ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة. من المتوقع أن تؤثر سياسات الأمين العام الجديد على مسار أنشطة الحزب المستقبلية.وفي هذا السياق، أجرت مجلة لبنانية جديدة تحمل اسم “اقتدار” حوارًا مع الشيخ نعيم قاسم تناول فيه بالتفصيل رؤيته لمستقبل الحزب وسياساته.
لا شك أنكم وأنتم السيد حسن نصرالله (رضوان الله تعالى عليه) عشتم عمراً من الجهاد والمقاومة منذ تأسيس حزب الله وحتى اليوم. هل يمكننا أن نبدأ بالتعرف عليكم من خلال سؤال عن مرحلة النشاط الجهادي التي شاركتم فيها معاً في قيادة حزب الله بلبنان، كيف كانت؟
بدأت نشاطات الشهيد الأمين السيد حسن نصرالله في حزب الله مع تأسيس الحزب عام 1982 في منطقة البقاع. بدايتي الشخصية كانت في ذلك الوقت ضمن إطار الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت، ولم يكن لدينا اتصال أو نشاط مشترك. بعد فترة رأيته ينفذ أنشطة بارزة، وبسبب حضوره في المجلس الثاني لحزب الله عام 1984 تعرفت عليه أكثر، كما سمعت منه مطالبتي حول تلك الأنشطة.
التعارف الحقيقي حدث أثناء وجودنا في المجلس القيادي لحزب الله برقم خورد. آنذاك مع إصلاح الهيكل الداخلي للحزب تم تعيين دبیرکل…
تأسس الحزب عام 1989.في ذلك الوقت، تم انتخاب السيد حسن نصرالله رئيسًا للمجلس التنفيذي، وأصبحت أنا نائبه. ومنذ ذلك الحين، بدأت أنشطتنا المشتركة. بقي السيد عدة أشهر في رئاسة المجلس التنفيذي، ثم سافر إلى جمهورية إيران الإسلامية لإكمال دروسه الحوزوية في المدينة المقدسة قم. خلال تلك الفترة، خلفته أنا في رئاسة المجلس التنفيذي.
بعد بضعة أشهر، عاد إلى لبنان نتيجة بعض المشكلات التي نشأت، واستقر في منطقة التفاح. خلال تلك الفترة أيضًا كنا على اتصال دائم لمتابعة التطورات. وفي عام 1991، عندما تم انتخاب السيد عباس الموسوي أمينًا عامًا لحزب الله، أصبح السيد حسن نصرالله مرة أخرى رئيسًا للمجلس التنفيذي واقترح على السيد عباس أن أكون نائبًا للأمين العام لحزب الله. هذه الوظيفة تم إنشاؤها لأول مرة آنذاك.
بعد استشهاد السيد عباس في 16 فبراير 1992، تم انتخاب السيد حسن نصرالله أمينًا عامًا لحزب الله وطرح اقتراح تعييني نائبًا له. ومنذ ذلك الوقت وحتى استشهاد السيد حسن نصرالله…بعد الإصلاحات التي أُجريت في مجلس اتخاذ القرار، بقي أمينًا عامًا بينما كنت أنا نائبه.تعاونا معًا لمدة 35 عامًا، كنت خلال 33 عامًا ونصف منها نائبة له. أدى ذلك إلى وجود تواصل يومي بيننا، حيث كنا نشارك في العديد من الاجتماعات واللقاءات معًا. وكانت هناك دائمًا قضايا كثيرة يُكلّفني بها، كما أنني مثلته وألقت كلمات في العديد من المؤتمرات. شاركنا بعد الحرب الأهلية في أول انتخابات برلمانية.
في بداية توليه الأمانة العامة لحزب الله، طلب مني متابعة الأنشطة البرلمانية والنواب، والتي كانت من صلاحياته. وبعد سنة ونصف من هذا الطلب، وافق مجلس حزب الله بناءً على اقتراحه على أن تكون متابعة التطورات المتعلقة بنواب البرلمان ضمن مهام نائب الأمين العام.
كان هناك دائمًا تفاهم بيننا ولم نرفع أصواتنا على بعض قط في أي موضوع. بالطبع، هذا لا يعني أنه…لم تكن هناك سوى حالات قليلة اختلفنا فيها، لكن بعد المناقشات التي كنا نجريها، كنت أستسلم لرأيه لأنه كان قائدنا وقائدا. كنت دائما متحمسا للجلوس معه، لما كان له من فوائد عملية كبيرة لي، حيث كنا نتابع مجريات الأحداث. لا أتذكر أنني قدمت طلبا عملياتيا له وعارضه، لأنه كان يثق دائما بتقييمي للأوضاع والظروف. وعندما كان يُحيل إليّ ملفا ما، كان يسمح لي بإكماله دون تدخل منه.
كانت هناك ثقة متبادلة وحب كبير بيننا، وقد عبّر كل منا عن هذا الحب الإيماني للآخر مرارًا. كان يشرح لي آراءه لأنه علم أني أقبلها. وإذا حدث أن تواصل مع أحد أعضاء البرلمان ليكلفه بمهمة ما، كان يتصل بي بعد ذلك ويشرح أنه اضطر إلى ذلك ولم يتجاهلني.إذا سألت جميع المسؤولين…سوف تسمع الجواب نفسه إذا سألت المجلس أو حزب الله اللبناني أو أي شخص آخر: هل حدث خلاف بيني وبينه علنًا؟ لم يحدث شيء من هذا القوت قط. كان السيد إنسانًا طيب الأخلاق، متواضعًا، يحترم إخوانه.أما أنا، فمع ما كان يتمتع به من صفات جهادية عظيمة، لم أجد سببًا لأي خلاف أو مشكلة.
هل يمكنك أن تخبرنا عن الصفات الإيمانية والقيادية والجهادية للسيد الشهيد حتى نتعرف عليه بشكل أعمق؟ وهل يمكن أن يكون قدوة لنا في الهداية؟
صفات السيد شهيد الأمة، السيد حسن نصرالله، كانت مستمدة من صفات الإسلام والأنبياء والأئمة المعصومين. سأذكر بعضها على سبيل المثال:
- كان عاشقًا مولعًا بالنبي الأكرم (ص) وأهل بيته إلى درجة الذوبان في حبهم. كان دائم الذكر للإمام الحسين (ع)، متأثرًا بكربلاء، وكان يعيش دائمًا في حالة انتظار عملي لفرج الإمام المهدي المنتظر.
- كان ملتزماً بولاية الفقيه وشخصية الإمام الخامنئي، وكان يكنّ لهم ولأبنائهم محبة كبيرة، ويحرص على متابعة خطاباتهم بدقة.
- كانت له علاقات خاصة مع المجاهدين والمقاتلين، وكان يتتبع أخبارهم ومطالبهم ومسيرتهم، ويقضي معظم وقته في لقاء مسؤولي الجهاد ليكون على اطلاع دائم بأوضاع الجبهات. كما كان يتابع سير الشهداء ويشجع الآخرين على دراسة سيرتهم.
- كان يولِي اهتماماً كبيراً لأسر المقاومة الشعبية، ويعتبرها في صفوف المقاومة الإسلامية المخلصة، ويدرك تضحيات عائلات المجاهدين وصبرهم وثباتهم.وكان يولي اهتماماً خاصاً لأوضاعهم الاجتماعية وتعليم أبنائهم ورعايتهم ومعالجة المرضى وتوفير المياه والكهرباء في القرى والأرياف خلال فترات الجفاف. كما كانت له علاقة طيبة جداً مع الناس وكانوا يحبونه.
- اعتبر فلسطين قضيته الأساسية من المنظور الديني، كما رأى في النضال ضد العدو الصهيوني بعداً سياسياً…
حذر حزب الله اللبناني وإمام الجمعة من أن هذا النظام يشكل خطراً على المنطقة بأسرها، وليس فقط فلسطين، معتبرين أن إسرائيل تسعى إلى السقوط في المستقبل.
- أولى اهتماماً خاصاً للقضايا الثقافية والتعليمية وتصحيح المفاهيم، مع ضرورة إقامة دورات ثقافية وإحياء المساجد والحضور فيها، وكذلك المشاركة في مراسم عزاء الإمام الحسين وجلسات أنس بالقرآن، خاصة في شهر رمضان المبارك وإحياء هذا الشهر العظيم. وفي الجانب التربوي، ركز على المباني الأخلاقية والسلوكية والابتعاد عن الغيبة والتهمة والمجادلة غير المجدية، مؤكداً أهمية الابتعاد عن أصدقاء السوء والسعي نحوهم.
- تابع بدقة تحولات الأحداث ودرس وسائل الإعلام الصهيونية المعادية. كانت لديه دراسات ثقافية كثيرة، وهذا الموضوع جعله يتمتع باطلاع واسع ودقة كبيرة في مواقفه. كان السيد حسن نصرالله محللاً استراتيجياً في قضايا مختلفة وحكيماً وبعيد النظر جداً. قبل اتخاذ القرارات، كان يستشير الإخوة ويغير رأيه إذا واجه استدلالات مقنعة من الطرف المقابل.
كان يتمتع بحكمة وقدرة على جذب الآخرين وفهم أبعاد القضايا بعمق، وكان قادرًا على إقناع مخاطبيه. في مواجهة الصعوبات والمشاكل المعقدة، لم يتخذ قرارات انفعالية أو متسرعة. كان شخصًا صبورًا للغاية. أتذكر أن الأستاذ سليمان فرنجية، رئيس تيار “المردة”، قال في حديث تلفزيوني: “قلت للسيد حسن نصر الله: لو كنت مكانك، لما تحملت كل هذا الصبر الذي تتحمله. لقد استنفدت كل صبر أمّي”.
كيف تحللون نظرة حزب الله اللبناني والمقاومة الإسلامية من حيث الرؤية والأدبيات وسلوكيات السيد الشهيد عماد مغنية؟
كان للسيد حسن نصر الله رؤية إيمانية وجهادية خاصة بمبادئ وأهداف وسياسات حزب الله اللبناني، وكان يبني مواقفه على هذه الأسس التنظيمية. كان يؤكد كثيرًا على التفاصيل في لقاءاته مع كوادر الحزب ويتحدث مع الناس بناءً على المناسبات التي يجتمع فيها معهم.
بعض المباني التي طرحناها:
1. التربية الإيمانية والجهادية مقدمة على كل شيء، لأنها أساس المقاومة وتحدد مسارها السياسي.خطابات الإمام خلال مراسم استشهاد الإمام الحسين في المجلس المركزي أكدت أيضاً على دور كربلاء وشهادة الإمام الحسين ومواقف السيدة زينب (عليها السلام) في خلق مسار للمجاهدة من منظور الإسلام والولاية الفقهية والمقاومة.
كما كان له حضور في الدروس الدينية الأسبوعية خلال شهر رمضان المبارك، والتي تبث عبر التلفزيون. كما أن خطاباته في مراسم إحياء ليلة القدر أظهرت منهجاً يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في البنية الاعتقادية والجهادية.
2. الوحدة الإسلامية ضرورة وأصل، وهي حصن ضد الفتن المذهبية. إن تكليفنا الجماعي يقتضي عدم تحميل المذاهب الأخرى مسؤولية تصرفات بعض الكفار.
3. المقاومة هي أساس التحالف مع جميع الأشخاص الذين قد يختلفون من حيث المعتقد أو التوجهات الاجتماعية. بالنسبة للعديد من اللبنانيين…
كان حزب الله قد أقام تحالفًا مع المسيحيين وأهل التسنن والتيارات الموالية… لكن هذا التحالف كان قائمًا على أساس الإيمان بالمقاومة ضد العدو الصهيوني من أجل تحرير الأراضي وحماية البلاد. نحن نتعامل مع حلفائنا بكل احترام ونلتزم باتفاقياتنا ومواثيقنا، ولن نتجاوزها أبدًا، لكن إذا تجاوزوها تجاهنا فلن نقبل منهم أي موقف غير ذلك.
- المقاومة ضد الكيان الصهيوني من أجل تحرير فلسطين والقدس تُعد ركيزة ثابتة في سياسة حزب الله بلبنان وجميع أنصاره والقاعدة الشعبية للحزب. ومع ذلك، فإن لحزب الله أولويات أخرى وسياسات داخلية، وجميع مواقفه في المحافل المختلفة تنبثق من هذه الأولوية الأساسية.
- إيماننا بولاية الفقيه في مواجهة جميع التحديات لن يتزعزع أبدًا. لدينا مراجع دينية تدعونا إلى طاعة الله تعالى وأداء واجباتنا الدينية، وهذا الموضوع لا يتعارض مطلقًا مع اعتقادنا بلبنان كوطن لنا وتعايشنا مع الطوائف اللبنانية تحت سقف واحد.
قانون طائف لا وجود له.
1. سلاح المقاومة موجّه ضد النظام الصهيوني الغاصب، وليس له أي ارتباط بالداخل اللبناني. التنشئات السياسية مع الأطراف المتعددة أو الاتفاق مع بعضها تدخل في إطار النشاطات السياسية الجارية. الانتصار في الانتخابات المتعددة يعتمد على دعم الشعبي وفقاً للقانون القائم، وقد نكون قد نجحنا في بعض المناطق وفشلنا في أخرى، لكن هذا الأمر لا علاقة له بقوة المقاومة العسكرية.
خصائص الإنسان المقاوم المنتصر وسرّ صموده الذي تفاعل مع سيرة السيد التناسيب داشته باشد، چیست؟
الإنسان المقاوم الناجح هو الذي يطيع قائده بإيمان. عناصر المقاومة أثبتوا في جميع المعارك أنهم يسعون للشهادة ولا يخافون الموت. لقد أظهروا استعداداً مثالياً مثل الزهد وأثبتوا أنهم جنود الإمام الحسين عليه السلام وأنتظار الإمام الزمان (أرواحنا فداه). هذا الموضوع ظهر جلياً في حروب أعوام 1993 و1996 و2000 و2006.
أظهرت المقاومة الإسلامية قدراتها التدميرية في عام 2018، وكذلك في جبهة غزة خلال عمليات “طوفان الأقصى” 2023 والحرب المباشرة مع الصهاينة عام 2024.
أكد عناصر المقاومة أن أبناء ولاية الفقيه يتبعون أوامر القائد الاستثنائي السيد الشهيد الإمام، السيد حسن نصرالله.
تشمل ساحة المقاومة جميع الفئات من نساء ورجال وأطفال وشباب، حيث يتجلى التضحية والصبر والجهاد في كل لحظة. فقد استشهد أو جرح أو أُسر العديد من أبنائهم، لكنهم يعلنون استعدادهم الدائم لتقديم المزيد من التضحيات. وقد قدّم الكثير منهم دماءهم في الهجمات الجوية على المدن والقرى والمنازل اللبنانية، بينما يواصلون مواجهة الكيان الصهيوني بصلابة.
لم يتردد الكثيرون في فقدان منازلهم، ولم يتزعزع إيمانهم قط، بل قدّموا أنفسهم فداءً للمقاومة وسادةً لها. هذه الساحة العامة هي شريك الانتصارات ورمز صمود المقاومة، وهي التي توفر الحماية الحقيقية وتدعم مسيرة النضال بكافة أشكاله.الإيمان والولاء والرضا، عناصر أساسية للمقاومة.
المنطقة تشهد مشروعين متوازيين، أحدهما أمريكي-صهيوني والآخر محور المقاومة. فما هو دور حزب الله في محور المقاومة؟ وهل تعتقدون أن شهادة السيد حسن نصر الله كان لها تأثير سلبي على نشاطات هذا المحور؟
حزب الله اللبناني قام على أساس مشروع المقاومة الإسلامية في مواجهة النظام الصهيوني بعد اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982، واستمر في تعزيز قوته وحقق انتصاره بتحرير جنوب لبنان عام 2000. وفي نفس العام، تشكلت المقاومة المسلحة الفلسطينية بعد سنوات من النضال، كنتاج لانتصار المقاومة الإسلامية في لبنان، وهو ما اعترف به القادة الفلسطينيون صراحةً.
حزب الله اللبناني يعمل بالتعاون مع قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، والتي تلعب دورًا كبيرًا في تدريب وتجهيز وتسليح المقاومة الإسلامية.قامت جماعات المقاومة الفلسطينية بتجهيز ودعم هذه المجموعات أيضًا. ساعدت إيران وحزب الله في سوريا على مواجهة التهديدات التكفيرية، كما استفادت الحكومة العراقية من هذا المسار وشكلت تحالفًا شعبيًا في البلاد لمواجهة الجماعات التكفيرية في العراق.
السمة المشتركة بين كل هذه الجماعات هي مواجهتها للعدو الصهيوني والسعي لتحرير فلسطين والقدس. يتمحور مفهوم المقاومة حول وحدة الهدف في هذا السياق، مع ضرورة التعاون والاستفادة من الإمكانيات المشتركة. تقع جمهورية إيران الإسلامية في قلب هذا المحور.
قدم حزب الله على مستوى مجاهديه وقادته العديد من الشهداء، منهم الشيخ راغب حرب، السيد عباس الموسوي، الحاج عماد مغنية وغيرهم من شهداء المقاومة. ولا يزال هذا النهج مستمرًا حتى اليوم مع استشهاد السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين وغيرهم من قادة وشهداء حزب الله.ستكون دماء الشهداء الطاهرة حافزًا لمواصلة المسير. إن الشهداء يمهدون الطريق لتحقيق أهداف المقاومة دون أن يتسببوا في أي تأثيرات سلبية. هذا الدرس تعلمناه من كربلاء الإمام الحسين، الواقعة التي ظلت حية في وجدان الأمة الإسلامية، وعززت كلمة الحق والإسلام، وحققت الانتصار والحرية.
بعد استشهاد السيد حسن نصرالله والقادة الآخرين والشهداء، والزلزال الذي وقع يوم 27 سبتمبر 2024، واصلت المقاومة عملها فورًا باختيار أمين عام جديد، واستكملت المهام القيادية التي شغرت مواقعها، واستمر نضال المجاهدين في الخطوط الأمامية بشكل أسطوري. كما استهدف صواريخ وطائرات حزب الله العمق الأراضي المحتلة حتى اضطر الكيان الصهيوني إلى طلب وقف إطلاق النار. هذا الأمر هو نتيجة مباشرة لدماء شهداء المقاومة، والمقاومة الإسلامية ستواصل مشروعها دون تردد.
يعتقد الكثيرون أنكم كنتم من أطلقتم لقب “سيد الشهداالترجمة:
لماذا اخترتم لقب “سيد الشهداء” للشهيد السيد حسن نصرالله؟
الهدف من هذا اللقب هو إبراز المكانة الحقيقية للسيد حسن نصرالله عند استشهاده. لُقِّب بـ”سيد شهداء الأمة” لأنه كان يضطلع بأهم دور قيادي في محور المقاومة، كما حمل أهم دور على مستوى الأمة الإسلامية من المنظور العالمي. كان قائدًا وطنيًا وعربيًا وإسلاميًا وفلسطينيًا، وعلى مستوى الأمة الإسلامية بأكملها. وهو الذي قاد المقاومة إلى القوة والانتصارات الحالية، وضاعف أنصارها، وهزم أعداءها ومرتزقتها على المستوى الإقليمي، ليرتقي في النهاية شهيدًا في جبهة القتال الأمامية.
لقد وعدتم بتقييم الأحداث التي جرَت. هل سيتم مراجعة هذه التقييمات في سياساتكم وإجراءاتكم عبر جميع المجالات قبل الحرب؟ وماذا ستفعلون بعد ذلك؟
تقييم المشكلات والتحقيق في الثغرات التي ظهرت هو أقل الواجبات والمهام…
إنه جزء من الوفاء للشهداء والجرحى والأسرى وعناصر المقاومة والرأي العام، كي يتم استخلاص الدروس والعبر اللازمة للمستقبل. وبطبيعة الحال، لا يمكننا في المجالات الأمنية والعسكرية والسياسية والثقافية مواصلة عملنا بالطريقة نفسها كما في الماضي، بل يجب إجراء تقييم شامل للمرحلة السابقة لتشكيل المراحل القادمة على أساس هذا التقييم. النقطة الثابتة هي ذات المبادئ التي تأسست عليها حزب الله، والتي تؤكد أولوية المقاومة، وجميع الحلول لتحقيق هذه المبادئ باستخدام تطورات الحرب في مرحلة دعم غزة والحرب ضد الصهاينة قابلة للنقاش والتعديل بناءً على نتائج هذا التقييم.
في أي مرحلة أنتم اليوم؟ وما رأيكم في الوضع السياسي والثقافي في لبنان والمنطقة؟ كيف ستتعاملون مع مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني على مستوى المنطقة الذي يتبناه ترامب؟ وما هو الأداء المتوقع منكم فيما يتعلق بالدور السياسي والثقافي للبنان؟
اليوم، الحقيقة هي أن المنطقة تواجه ضغوطًا ومؤامرات من قبل الاستكبار الأمريكي والنظام الصهيوني كأداة إجرامية له. تُبذل جهود لتطبيع العلاقات بين نظام الاحتلال الإسرائيلي والدول العربية في المنطقة، خاصةً لتصفية القضية الفلسطينية.كما أن لبنان مستهدف بهدف ضرب المقاومة. سنواصل مسيرة المقاومة كمشروع تحرري في مواجهة كل هذه التحديات، وسنرفض بكل قوتنا جميع أشكال الاحتلال وتوطين اللاجئين الفلسطينيين وتطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني، وسنواصل تعزيز قوتنا مع حلفائنا لمواجهة التحديات المتعددة.
حزب الله اللبناني تيار قوي ومؤثر داخل لبنان وعلى جميع المستويات، ويواصل جهوده بالتعاون مع حركة أمل وقواعده الشعبية وحلفائه. نحن في حزب الله نعمل وفقًا لمشروع وطني للحفاظ على وحدة واستقلال لبنان، وبشراكة مع التيارات والأحزاب والطوائف المختلفة.سنعمل من أجل ازدهار الاقتصاد الوطني وإعادة إعمار الدمار الناجم عن الهجمات الإسرائيلية واستعادة الودائع المصرفية للمواطنين ومكافحة الفساد والعناصر الفاسدة وتطبيق سيادة القانون. هناك فرص كثيرة للعمل لصالح الجيل الحالي في لبنان، بما في ذلك الشباب والنساء والأطفال والأجيال القادمة. كما سنواجه التحديات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية بأداء مخطط وفعال، ومشاركتنا في الفترة الأولى من رئاسة السيد جوزيف عون تقوم على هذا الأساس.
كل قائد بارز وعظيم مثل السيد حسن نصرالله يترك إرثًا ضخمًا، ما هي توجيهاتكم لأمة الإسلام للحفاظ على هذا الإرث وضمان استمرار توسيع دوره ومكانته؟
لقد فقدنا جسد سيد شهداء الأمة، ولكن تعليماته ما زالت باقية، وحزب الله الذي ضحى بحياته لتنظيمه ما زال قائمًا.والمقاومة الإسلامية التي أمضى كل لحظات حياته من أجلها مستمرة…الانتظار لفرج الإمام المهدي لتسليم الراية إليه ما زال مستمراً. يجب أن ندرس خطاباته ونتبع مواقفه وسيرته، وأن نستفيد من مختلف جوانب حياته وجهاده. إرثه لا ينضب، وهذا الإرث سيكون نعيماً لمن يستقي من هذا المنبع العظيم ومن هذا المصدر الإلهي والولائي للاستمداد.
