توازن القوى بين تل أبيب ودمشق من تطبيع العلاقات إلى التقسيم
ذكر القسم العربي في وكالة ويبانقاه للأنباء نقلاً عن ”وكالة مهر للأنباء” ومن قناة الميادين، أن مؤسسي النظام الصهيوني كانوا منذ بداية وجود هذا النظام يرون أن إقامة إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط تمثل وجوداً لا يمكن الاندماج مع ظروف المنطقة. وبقاء هذا النظام يعتمد على محاولة تفكيك المنطقة. لذا تعتبر السلطة الحاكمة في تل أبيب أمن المجتمع الصهيوني مرهوناً بإضعاف وتفتيت الدول المحيطة.وحتى اتفاقيات التسوية مع بعض الجيران تُعد هدنة مؤقتة للتفرغ لجبهات حرب وتدمير أخرى ثم تسوية حساباتها لاحقاً مع تلك الدول التي تسوت معها. وقد تكررت هذه الظاهرة عدة مرات في لبنان ومصر والسلطة الفلسطينية.
ويستخدم الصهاينة لتحقيق أهدافهم ثلاثة عوامل أساسية:
– الانقسام الكبير داخل المجتمع العربي
– تراجع نفوذ القوى الإقليمية
– الدعم الغربي غير المحدود
مفاوضات تل أبيب مع سوريا من موقع القوة
خلال العقدين الماضيين، أدت النزاعات والانقسامات الداخلية في بعض دول المنطقة إلى تهديد مفهوم الأمن القومي لديها وأدت إلى حروب داخلية وانقسامات طائفية غير مسبوقة انعكست على البنى الأمنية والسياسية للدول الأساسية بالمنطقة.
وفي هذا الإطار بدأ النظام السوري الجديد علاقات بلا نتائج واضحة مع النظام الصهيوني. إذ لم ترَ تل أبيب أي تهديد من دمشق بعد تغيير السلطة السورية ديسمبر الماضي، وبالتالي لم تشعر بضرورة تقديم تنازلات لدمشق التي خرجت عمليًا من محور المقاومة.
لم تعد سوريا منافسًا لإسرائيل منذ ذلك الحين، بل أصبحت ساحة لتصفية الحسابات وإرسال رسائل مختلفة. وفي ظل هذه الظروف فقد الجيش السوري الذي عانى التآكل خلال 14 سنة من الحرب بنياته التحتية وتعرض العديد من عناصره للإقصاء.
مفتاح التطبيع يبدأ من أذربيجان
أظهر نظام أبو محمد الجولاني منذ سقوط حكومة بشار الأسد إشارات متعددة حول تحولات جوهرية في الخطاب السياسي السوري واستعدادًا لفتح سياسة تطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني التي سبقتها عدة نظم مثل البحرين والإمارات والمغرب والسودان.
في النصف الأول من عام 2025 تدخل الوسطاء الإقليميون والأوروبيون لتشكيل قنوات اتصال بين دمشق وتل أبيب. وأشارت التقارير إلى استعداد النظام السوري الجديد لتوقيع اتفاق تسوية ليس فقط بل واعتماده الكامل لأراضي إسرائيل المحتلة على هضبة الجولان مقابل ضمانات اقتصادية تتعلق بتخفيف العقوبات الغربية أو رفعها تمامًا. واعتبر ستيف ويتكاوف ممثل دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة السابق لشؤون الشرق الأوسط وتوماس باراك مبعوثه لسوريا احتمال بدء محادثات غير مباشرة حول قضايا الحدود.
شكلت زيارة الجولاني إلى أذربيجان التي جرت مؤخراً ذروة هذه الجهود حيث أعلنت أذربيجان حليفة رجب طيب أردوغان استعدادها لإرسال الغاز إلى سوريا بينما توفر نحو 60% من البنزين المستخدم بالأراضي المحتلة وهي الشريك الأبرز والأكثر استراتيجية لإسرائيل بين الدول ذات الأغلبية المسلمة ولم تقف أذربيجان يوماً عن دعم تل أبيب حتى أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة.
التحديات أمام تطبيع العلاقات بين دمشق وتل أبيب p>
بالإضافة إلى “وهم القوة” لدى إسرائيل وأحلام اليمين الصهيوني بالسيطرة على المنطقة، هناك عوامل أخرى تعارض جهود دمشق للتقارب والتطبيع: p>
الأول؛ هشاشة شرعية حكم الجولاني الداخلي span> p>
النظام الذي تشكل بعد سقوط بشار الأسد يفتقر للشرعية السياسية الكافية أو القاعدة الشعبية اللازمة وهو نتيجة تحالف مجموعات سلفية محلية وإقليمية؛ لذا فإن أي خطوة نحو التطبيع قد تؤدي إلى تمرد داخلي أو انقسامات واسعة ضمن البنية الحكومية السورية . p>
الثاني ؛ غياب الدولة المركزية span> p>
سوريا اليوم لا تُعتبر دولة مركزية بالمعنى التقليدي وإنما هي دولة منهارة وضعيفة إدارياً وعسكريا تعاني تعدد مراكز القوى والنفوذ داخل أراضيها مما يعقد مسألة تطبيع العلاقات لأن الجولاني يفتقر لاتفاق داخلي داعم لهذا المسار . p>
الثالث ؛ الخوف العظيم لدى الرأي العام الشعبي span> p>
رغم تراجع حضور قضية فلسطين رسمياً ضمن الخطاب العربي الرسمي إلا أن معظم الشعوب العربية تعتبر الكيان الإسرائيلي العدو رقم واحد والاحتلال لأرضهم ، ويرى هؤلاء أن أي تطبيع معه يُعد خيانة ويفتح الباب أمام احتجاج سياسي واسع يُضعف الأنظمة الحاكمة أكثر. /پ>