تفاصيل الاستراتيجية الصهيونية الأمريكية لتقسيم سوريا ما هو مخطط ينون
وفقًا لوكالة مهر للأنباء، تناول موقع الجزيرة الإخباري في مقال تحليلي استراتيجيات الكيان الصهیوني والولايات المتحدة الأمريكية في سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية وحتى سقوط حكومة بشار الأسد. وأشار الموقع إلى أن الولايات المتحدة تعطي الأولوية للسيطرة الجيوسياسية وحماية مصالحها الأمنية والطاقة، بينما يسعى الكيان الصهيوني إلى تفتيت سوريا إلى كيانات طائفية وقومية لتقسيم العالم العربي وترسيخ هيمنته الإقليمية.
أ: الاستراتيجية التقليدية للصهیونيين في تقسيم الدول
نهج الكيان الصهيوني تجاه سوريا والمنطقة العربية ليس جديدًا. جذوره تعود إلى أوائل تأسيس هذا الكيان، حيث أظهرت الوثائق الاستراتيجية الداخلية من خمسينيات القرن الماضي التي صدرت عن وزارة الخارجية الموساد مطالبة بإنشاء دولة كردية كحاجز أمام تدفق التيار القومي العربي السائد آنذاك.
كان “مخطط ينون الصهيوني” يرى أن أمن وهيمنة تل أبيب تعتمد على تفتيت الدول العربية إلى كيانات طائفية وقومية صغيرة مثل الدروز والعلويين والأكراد والمارونيين والأقباط وغيرهم.
الهدف كان استبدال الدول العربية القوية والمركزية بدول صغيرة ضعيفة ومجزأة لا تشكل تهديدًا لأمن تل أبيب بل يمكنها لاحقًا أن تتحول إلى حلفاء أو وكلاء تحت رعاية الكيان الصهیوني.
في حالة سوريا، تشمل هذه الاستراتيجية تقسيم البلاد إلى أربع مناطق نفوذ رئيسة:
1. دولة درزية تتركز في محافظة السويداء جنوب سوريا.
2. دولة علويّة صغيرة على الساحل السوري تحت دعم روسيا تتركز حول مدينتي اللاذقية وطرطوس.
3. منطقة كرديّة شمال شرقي البلاد بدعم أمريكي وتحت سيطرة القوات الديمقراطية الكردية بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD/YPG).
4. الحزام العربي السني تحت نفوذ تركيا ويمتد على طول الحدود الشمالية والشمالية الغربية ووسط سورية.
هذا التقسيم يخدم أهداف الكيان مباشرة عبر إبقاء سوريا ضعيفة ومنقسمة بحيث لا تستطيع القيام بدورها كلاعب إقليمي يدعم المقاومة الفلسطينية أو يعارض التوسع التل أبيبيّ.
برنارد لويس, أحد أبرز المفكرين الأمريكيين والصهيونيين, قال في 1992 إن معظم دول الشرق الأوسط معرضةً لمثل هذه العملية الظاهرة بـ اللوذنة لبنانياً؛ إذا ضعف المركز القوي للدولة بما يكفي يتحول البلد لفوضى بين طوائف وعشائر ومناطق وأحزاب متصارعة.
تدمير القدرات العسكرية والاستراتيجية السورية
منذ عام 2013 شنّ العدو الإسرائيلي المئات من الغارات الجوية بحجة استهداف مواقع إيران وحزب الله داخل الأراضي السورية. بعد 7 أكتوبر 2023 واصل العدو اغتيال قادة عسكريين تابعين لإيران وحزب الله داخل سورية.
أدت هذه الهجمات أيضًا لتدمير ممنهج لأنظمة الدفاع الجوي السوري ومستودعات الأسلحة والقواعد العسكرية ومراكز البحث العلمي بهدف واضح هو منع إعادة بناء القدرات العسكرية لسوريا وفرض تفوق عسكري ونفسي دائم للعدو الإسرائيلي وإعادة قدرته على الردع بالمنطقة.
منذ سقوط بشار الأسد المتوقع ديسمبر 2024 تصاعدت هجمات تل أبيب حتى شملت احتلال أكثر من 400 كم مربع من الأراضي السورية إضافة للجولان المحتل والهجوم على القدرات العسكرية والبنى التحتية الحيويّة لسوريا.
ب : أجندة أمريكا؛ السيطرة عبر الفوضى المسيطر عليها
تتماشى استراتيجية الولايات المتحدة بسوريا مع سياستها الأوسع بعد الحرب الباردة لمنع ظهور أي قوة إقليمية أو عالمية قادرة منافسة هيمنة واشنطن.
خلال الحرب الباردة اعتبرت واشنطن سورية دولة تابعة للاتحاد السوفييتي وداعمة للقومية العربية والمقاومة الفلسطينية والتحالفات المناهضة للأمريكي.
بعد اجتياح العراق عام 2003 سعيت الولايات المتحدة لعزل سورية ومنع أي فراغ إقليمي يملؤه أحد بعد سقوط صدام حسين.
مع بدء الانتفاضة السورية عام2011 تبنت أمريكا سياسة تدخل نشطة لدعم القوات الكرديّة شمال شرق سورية بحجة محاربة الجماعات المتطرفة وتقليل النفوذ الإيراني وفي الوقت ذاته سمحت للاحتلال الإسرائيلي باستمرار الهجمات لزعزعة القدرة العسكريّة للسوري ولإيران.
بالرغم من مظهر الدعم للتقسيم الحقيقي لسورية إلا أنّ هدف أمريكا ليس تقسيمًا إثنيّاً أو طائفياً مثلما يريد الاحتلال بل الحفاظ على وجود طويل الأمد يمنع السيادة الروسية والإيرانية شرق المتوسط ويضمن بقاء أَي حكم مستقبلي سوري خاضعا لمصالح واشنطن.
تصعيد التوتر بالسويداء؛ الطموحات الإسرائيلية بمنطقة الدروز
بدأ فصيل درزي موالي للاحتلال بإثارة اضطرابات اجتماعية واقتصادية حديثاً في السويداء باستغلال الغضب الشعبي وتمثل أهداف تل أبيب بخطط ينون بتشكيل تحالف مع الأقليات الإثنية والدينية – أمثال الدروز – الذين قد يفضلون استقلالا ذاتيا برعاية الاحتلال لكن المجتمع الدرزي مقسم بين مؤيد ومعارض لهذا التدخل ويصر قسم كبير منهم على الوفاء للنظام السوري الراهن.
اختلاف وجهة نظر واشنطن وتل أبيب تجاه الدروز
بينما يسعى الاحتلال لإنشاء كيان درزي جنوبي بسورية تبقى السياسة الأمريكية حذرة تدرك أن الدعم العلني قد يثير ردود فعل عنيفة بالأردن ولبنان وحتى ضمن صفوف الدروز داخل إسرائيل الذين قد يمتنعوا عن استخدامهم كورقة سياسية للصهیونیین كما تخشى واشنطن أن يؤدي تقسيم الدولة لتمكين المتطرفین وزيادة النفوذ الروسي والإيراني.
لهذا فإن أمريكا ترغب بسورية مجزأة لكنها ليست منهارة للحفاظ سيطرتها دون حدوث فوضى واسعة بالمنطقة لكن إسرائيل مستعدة لقبول وحتى تغذية الفوضى إذا كان الثمن القضاء النهائي للخطر السوري عليها.
دور تركيا : ترسيخ النفوذ الاستراتيجي
تلعب تركيا دوراً محورياً بإعادة بناء سوريـا الجديدة فقد غير انقرة نهجها عقب إخفاقاتها السابقة بدعم المعارضة والجماعات المسلحة خلال الحرب الهادفة لإسقاط الأسد وانتقلت لتركيز جهوده بمواجهة تشكيل كيان كردي عند حدودها الجنوبية الشرقيه.
دخل الجيش التركي شمال سيريا داعماً مسلحین عرب وترکمان سوراي لعبوا الدور الرئيس بمنع تمدد الاكراد الا ان تركيا باتت منذ سقوط الاسد تدعم النظام الحالي بشكل بارز .
تنافس مصالح انقرة بشدة مع سياسة كل من امريكا واسرائيل المتمركزة بدعم قوات كردیة وانفصاليین دروز مما يجعل اي حكم ذاتيه للكرد تهديد للأمن الداخلي ووحدة الدولة التركية .
قال هاکان فیدان وزير خارجیة ترکیا صراحة إن ترکیا ستقف ضد أي محاولات لتقسیم سوریہ او منح حکم ذاتی للمسلحین وستتصدى لها بأي وسيلة کما اعلن رفض ترکیا لما يسمى مشروع انفصال سوریا .
ترسم خريطة جديدة لسورية : نزاع حول مستقبل المنطقة
قال هالفورد مکیندِر السياسي والفيلسوف البريطاني وأحد مؤسسي علم الجغرافيا السياسية إن “كل من يحكم أوروبا الشرقية يحكم قلب العالم؛ وكل من يحكم قلب العالم يحكم جزيرة العالم؛ وكل من يحكم جزيرة العالم يحكم العالم”.
الخطر الحالي يكمن بمعاناة الشعب السوري المستمرة وتآكل الأمن القومي العربي واعتراض مفهوم السيادة العربية واحتمال اندلاع صراعات اقليمیه اوسعت ما لم تستجب القوى الاقلیمیه وبالاخص ترکیا ومعھا ایران والدول العربیه بالتعاون والتنسيق
في ظل تلك الظروف ينتظر العرب والعالم الواقع المرير لانشقاق سوریە بما يماثل مخطط صہیونی یحقق الحلم القديم لاسرائیل بتكوين شرق أوسط ممزق وشبه تابع ومحكوم.