أسباب تصاعد ضغط الحكومة اللبنانية على حزب الله لنزع السلاح دعوة للانتحار
وكالة مهر للأنباء، القسم الدولي: تزامنًا مع الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، عقدت حكومة جوزف عون اجتماعًا خاصًا لمناقشة وضع الأسلحة بحوزة الفصائل الداخلية في كافة أنحاء لبنان. ووفقاً للأخبار التي صدرت عن هذا الاجتماع، عندما حاول عون ونواف سلام الحصول ضمنيًا على “موافقة إيجابية” لجميع الوزراء حول نزع سلاح المقاومة، غادر وزراء مقربون من حزب الله وحركة أمل الجلسة. ومع ذلك قال نواف سلام رئيس الوزراء اللبناني الجديد بعد الاجتماع للإعلاميين إن الحكومة كلفت الجيش بوضع خطة للسيطرة الكاملة على السلاح لدى الدولة وتقديمها. وبعد 24 ساعة أعلن وزير الإعلام اللبناني أن مجلس الوزراء أكد نهاية وجود جميع الميليشيات المسلحة باستثناء حزب الله في جميع أنحاء البلاد، وأن الجيش اللبناني سيتمركز عند الحدود.
بعد ساعات قليلة أعلن وزير الدفاع لبداية تنفيذ قرار نزع سلاح المقاومة. كما وصف يوسف رجي وزير الخارجية المنتمي إلى تيار “قواه لبنانية” في مقابلة مع قناة العربية قرار حكومة عون بشأن تحديد السلاح في لبنان بـ”النهائي والحاسم”. ووصف توم باراك المبعوث الأمريكي الخاص قرار مجلس الوزراء اللبناني بالتاريخي والشجاع والصائب مدعيًا دعم واشنطن للشعب اللبناني. ويبدو أن الموعد النهائي لتنفيذ هذه الخطة محدد بنهاية العام الميلادي الجاري.
رداً على هذه التصريحات انتقد نبيه بري رئيس البرلمان ورئيس حركة أمل بشدة سياسة الحكومة قائلاً إن بيروت يجب أن تفكر أولاً بالتصدي للاعتداءات المتكررة للجيش الإسرائيلي وانتهاكه المستمر لوقف إطلاق النار جنوب لبنان قبل المطالبة بمفاوضات حول سلاح المقاومة!
كما عمد مؤيدو حزبي الله وأمل إلى تنظيم تظاهرات في مدن جنوب لبنان أعلنوا فيها دعمهم لسلاح المقاومة كضامن لاستقلال لبنان. يبدو أن تصاعد الضغوط الخارجية المفروضة على الحكومة اللبنانية جعل المجلس الوزاري يغفل المصالح الوطنية للبنان ويركز فقط على إرضاء الداعمين الأجانب له خصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية.
خطة توماس باراك الخادعة
أكد مصدر عبري أنه الشهر الماضي كان توماس باراك المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا يبذل جهودا كبيرة للتشاور مع المسؤولين اللبنانيين لإقامة قنوات حوارية مع حزب الله. وقال المصدر نفسه إنه رغم عدم تمكن باراك من إقامة اتصال مباشر مع المقاومة فإن الفكرة الأساسية طرحها أمام المسؤولين الحكوميين في بيروت. وبخلاف مورغان أورتاغوس اختار باراك لعبة أكثر تعقيداً تجاه المقاومة إذ يعتزم وفق خطته فصل الجناح “السياسي” لحزب الله عن الجناح “العسكري”. وهو النموذج الذي طبّق سابقًَا ضد حركة حماس ويفتح المجال أمام الأمريكيين لتوليد انقسامات داخل صفوف المقاومة الإسلامية اللبنانية وتأمين شرعية الإجراءات المستقبلية ضدها.
في المرحلة الثانية ينوي باراك الترويج لفكرة نزع سلاح جزئي لحزب الله ليبرئ واشنطن مسئوليتها الأمنية تجاه القلق اللبناني. وفق هذا النموذج يدعي الأمريكان أنهم يسعون فقط لاستهداف تلك الأسلحة التابعة لحزب الله التي تُشكّل تهديداً وجودياً لـ«إسرائيل» وتمهد لانتهاك جديد يُقدم عليه النظام الصهیوني ضد لبنان. وإن حاولت واشنطن الظهور كلاعب «وسيط» و«صانع سلام»، فإن أدائها الميداني يؤكد بوضوح انحيازها للإسرائيليين وهو ما برز جليّاً للمراقبين والخبراء الإقليميين خلال الـ670 يوم الماضية! وفي مواجهة هذه السياسة تبدو أفضل استراتيجية للمقاومة هي التركيز على «إعادة البناء والترميم» لقواها الداخلية لمواجهة التحديات المقبلة داخليًّا ولدى النظام الصهیوني أيضاً.
المعادلة الفرَلبنانية
طريقة تصويت البرلمان لاختيار جوزف عون ورئيس الوزراء نواف سلام تعكس تشكيل تحالف سياسي بين الجهات الخارجية المؤثرة مثل أمريكا والسعودية وفرنسا وبالطبع نظام صهیون داخل لبنان. وهؤلاء قرروا دفع حزب الله نحو محرقة «نزعه السلاح»، مستغلین ذريعة تعزيز سلطة الدولة لإحياء حقبة الحروب الأهلية مجددًا.
وقد هددت فرنسا بتقديم دعم مباشر لعمليات نزعه إذا طلب الجيش ذلك فيما تناست أمريكا عهد ترامب نهج الحكومات السابقة المتحفظ إزاء الأزمة اللبنانية وعكفت الدخول المباشر لتسهيل تطبيق مطالب نتانياهو.
معركة وجود
بعد إعلان وقف إطلاق النار بين حزب الله والنظام الصهيوني سبتمبر 2024 وسقوط بشار الأسد بدمشق تغيرت موازين القوى بمنطقة الشام بالكامل.يتعاون نظام جولاني بتناغم مع قيادة القيادة المركزية الأمريكية (سنتكام) وترتيبات إسرائيل ويعزز خطوط الإمداد اللوجستي لحزب الله داخل الأراضي السورية محاولاً قطع وصول الأسلحة إلى جنوب لبنان بقوة العنف والعمليات المشتركة لنظام جولاني والإسرائيلي تستهدف طرق تسهيل التسليح للحزب بشكل واضح ومؤثر للغاية.
وفي الوقت ذاته وعلى خلفية المفاوضات الداخلية حول الوضع الأمني بجنوبي البلاد وجه توماس باراك تهديدات استعمارية تقضي بأن النظام السوري الجديد قد يُرسل سياساته لتغيير الحدود وربط الأراضي اللبنانية بسوريا كاملًة!
مثل هذه التصريحات العدائية خاصة وأن مؤسسة «ألما» تؤكد استمرار إسرائيل بإجراءات إرهابية استهدفت قوات ومواقع حزب الله خلال الأشهر الثمانية الماضية أثارت جدلاً واسع النطاق! بالنسبة لقيادات الحزب يعتبران جولاني ونظام صهيوني يشكلان خطر “وجودي” محاصر للبنان وأي تقصير أمني ضدهما يعني استبعاد اسم الجمهورية اللبنانية نهائياً عن الخرائط الجغرافية قريباً للغاية.
بناءً عليه لا توجد رؤية واضحة للحفاظ وقف النار الهش بين الطرفين ولابد للمقاومة الاستعداد لخوض “معركة وجود”. وهذا يجعل خطوة الحكومة باتجاه نزعة تسلح الحزب غريبة ومثيرة للتساؤلات والشكوك الكثيرة جدًا..
ثمّة كلام… مغزى الكلام
تصاعد الضغط الأمريكي بعد الاعتداء غير القانوني للنظام الصهيوني على إيران خلال الحرب التي دامت 12 يوماً أدى إلى تضاعف الدعوات للنأي بالسيدان بغداد وبيروت عن مجموعات المقاومة وإسقاط أسلحتهم تدريجيا. وهذه المواجهة الأمنية هدفُها تحويل ميزان القوى شرق العرب وتمكين مشروع “طريق التنمية “ـ و “ممر داود ” السياسي الاستراتيجي الأميركي ، الذي يربط بين مصالح اقتصادية وأمن دول المنطقة ويوجه لفصل جديد بإدارة أمريكية وشكل جديد لأوضاع الشرق الأوسط .
وفي ظل تلك التحديات يكون وقف هذا الخيار الحقيقي ليس بالحوار والدبلوماسية وحسب بل بالاستنفار الكامل لكل قوات وأذرع المقاومات وإيقاف زحف اليد العسكرية فوق الزناد وانتظار المناسب .. أثبت تجارب العدوان الإسرائيلي عام 2006 وهجمات الحزب أنه كل عملية جديدة بالميدان لقوى المقاومة فقد تستطيع تغيير مجريات أصعب المعارك العسكرية والإنذار للاحتلال الإسرائيلي بالدخول تحت حدوده الفلسطينية المُحتلة..