قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام

الهوية الجماعية تواجه مشروع الفرقة لماذا تعتبر زيارة الحكيم إلى إيران مهمة في 2024

زيارة السيد عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة الوطني‌ العراقي، إلى إيران (أول مسؤول عراقي يزور إيران​ بعد الحرب التي استمرت 12 ⁢يوماً) ليست مجرد لقاء ⁣دبلوماسي بسيط، بل جزء من استراتيجية كبرى للحفاظ على التوازن والاستقرار الإقليمي.

وكالة مهر للأنباء، القسم الدولي، محمد رضا مرادي، المدير ⁣العام‍ لقسم الشؤون الدولية والأخبار الخارجية في وكالة مهر للأنباء كتب في مقالته: في قلب التعقيدات الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط حيث يُختبر محور المقاومة تحت الضغوط الخارجية والداخلية، تمثل زيارة السيد عمار الحكيم⁢ زعيم التيار⁤ الحكمة ⁤الوطني العراقي إلى إيران (وهي أول زيارة لمسؤول عراقي إلى إيران بعد الحرب التي دامت 12 يوماً) أكثر من مجرد⁤ لقاء دبلوماسي بسيط. ‍فهي جزء من استراتيجية‌ شاملة ​للحفاظ على التوازن‍ والاستقرار الإقليمي. هذه الزيارة⁣ التي‍ جرت في مرحلة ما بعد «الحرب التي استمرت 12 يوماً» بين⁣ إيران⁤ والنظام الصهیوني لا تمثل ​فقط رمزية الروابط الأخوية العميقة بين بغداد وطهران، بل تشكل خطوة استراتيجية‌ ضمن مفهوم «الوحدة الدفاعية». ⁣وهو المفهوم الذي ترى فيه تماسك الداخل الشيعي كعمود فقري لمحور المقاومة‍ أداة لإعادة البناء وتقوية الاستقرار الإقليمي ضد ​مؤامرات التفريق⁤ الأمريكية والإسرائيلية. ضمن هذه الاستراتيجية الكبرى يلعب شخصيات ⁣مثل الحكيم⁤ دوراً حاسماً⁣ باتباع نهج معتدل وقومي يبني جسوراً بين الأجيال السياسية والنخب الوطنية.⁣ هذا النهج يوضح كيف يمكن للتوازن أن يحول الخلافات ⁢إلى تضافر وينقد البيت الشيعي في العراق من التشتت.

من حرب الـ12 يوماً⁣ إلى التهديدات الجديدة تجاه ‍العراق

لمعرفة عمق ‍هذه الزيارة يجب النظر إليها ضمن إطار أوسع واستراتيجي. فحرب الـ12 يوماً لم تستهدف فقط ‍إيران بل وصل صداها حتى العراق أيضاً. تقارير وسائل الإعلام وردود الأفعال السياسية ‌تشير إلى⁣ أن إسرائيل​ تعتبر ⁢العراق «الجبهة القادمة» حسب تقييماتها⁢ عقب تلك الحرب. اختراقات متكررة لأجواء العراق بواسطة طائرات إسرائيلية مقاتلة وتهديدات مباشرة ⁢ضد قواعد الحشد الشعبي وهجمات محدودة على مواقع تتصل بمحور المقاومة هي كلها أجزاء من مشروع أوسع يهدف لزعزعة استقرار بغداد.

في الوقت نفسه⁣ لا يواجه العراق تهديدات خارجية​ فحسب⁤ وإنما يسير نحو​ انتخابات برلمانية تشكل ‌وفق تقارير مؤسسة ​بروكينغز فرصة لتدخل⁣ أمريكي مباشر ⁤يعزز سياسة «فرق ‌تسد وحكم». هذا يتم ​عبر دعم مالي لحملات إعلامية وتحفيز الانقسامات الطائفية بين شيعة ⁤وسنة وأكراد⁢ ما يمنع تشكيل حكومة مركزية قوية ومستقرة. مثال واضح كان احتجاجات عام 2019 التي أدت لاستقالة حكومة عدل عبد المهدي حيث​ لعبت السفارة الأمريكية ببغداد دوراً محورياً في توجيه الفوضى هناك. وسط هذه الظروف الدقيقة⁤ يعتبر العراق ليس فقط جارة لإيران غربياً وإنما جزء لا يتجزأ من محور المقاومة؛ والتهديد الإسرائيلي⁤ المصحوب بتحذيرات وزير حرب⁤ الاحتلال بشأن إجراءات عسكرية محتملة تجاه «أهداف النظام» داخل إقليم كردستان يُعد ناقوس خطر لبغداد. التطورات الإقليمية بدءاً من ⁤سوريا ولبنان ووصولاً لفلسطين واليمن تؤثر بشكل مباشر على المشهد العراقي وبذلك ⁣تعطي زيارة الحكيم لطهران أهمية ‌مضاعفة كونها أول لقاء‍ رسمي لعراقي مع طهران ​بعد حرب الـ12 يوماً.

«الهوية الجماعية» مقابل مشروع التفريق؛ لماذا​ زيارة الحكيم لإيران مهمة؟

نظرية الهوية الجماعية

زيارته طهران​ وسط ظروف إقليمية مشحونة تكشف عمق علاقاتهم مع السياسيين⁢ الإيرانيين؛ ففي بداية وصوله توجه الحكيم إلى مقام ⁤الإمام الخميني⁢ (رحمه الله) ​لتقديم التحايا وهذا‌ إجراء رمزي ⁣يؤكد الروابط ⁤الفكرية ويُظهر للشيعة العراقيين كيف أن الوحدة حول مبادئ الثورة الإسلامية مفتاح البقاء أمام ⁤الصهیونية . خلال لقائه بالسيد حسن خميني ـ المشرف على الحرم ‍الشريف للإمام ـ وصف‍ حكيم إيران‍ بأنها “في الخط الأمامي للعالم الإسلامي في مواجهة نظام الاحتلال الصهیوني”، وأضاف أن⁣ المسلمين السنة والشيعة وقفوا مع إيران خلال حرب الـ12‌ يوماً بسبب ‍مقتهم لجرائم⁤ إسرائيل وأن طهران وبعد تجاوز صدمة الهجوم الأول رداً بقصف منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلي فرضت الهزيمة عليه؛ الآن تحاول ⁤إسرائيل‍ إشاعة⁣ الفوضى الداخلية داخل إيران ​لكن دول المنطقة فهمت جيدًا أن ضعفها يصب ضد مصالح‍ الجميع بالمنطقة . يبدو أن هذا ⁣التصور المبنيّ على نظرية⁤ الهوية الجماعية (Collective Identity ‌Theory) قادرٌ على حشد الدعم العربي لممارسة ضغط دبلوماسي مكثف ضد الكيان الصهيوني . ومن الناحية الاستراتيجية أدى نهج⁢ حكيم المعتدل بتيار الحكمّة لأن يصبح قوة موحدة داخل البيت الشيعي؛ إذ أسس​ تياره عام 2017 مركّزًا جهوده على وحدة⁣ شيعة وسنة ⁢ومحاربة​ الفساد وتعزيز ⁤الديمقراطية ليكون أحد العوامل المحورية للتغيير الهيكلي بالعراق ، ودوره​ محوري ‍أيضًا بتشكيل حكومة⁤ محمد شياع السوداني عام 2022 والتوسط بين الأطراف المختلفة مما رسخ مكانته كـ “صوت الاعتدال الشيعي”.

انتخابات العراق

تحولت الانتخابات العراقية لساحة لاستغلال بعض اللاعبين الخارجيين مثل الولايات المتحدة حيث تقوم واشنطن⁤ باستخدام أدوات دبلوماسية ومخابرات واعتصامات شعبوية لتشكيل موازين القوى بما يخدم مصالحها ⁣وتستخدم سفارتها ببغداد الانقسامات الداخلية لتحقيق أهدافها الخاصة بينما تُعتبر زيارة ​حكيم رد فعل مباشر لهذه المحاولات ؛ فاكتساب الخبرة بسبب‍ أحداث حراك 2019 وإسقاط حكومة عبد المهدي⁢ أكّد قدرة بغداد بالاعتماد خاصةً ‌على الجارات وفي مقدمتهم إيران للوقوف بوجه التدخل⁢ الخارجي وتأتي مشاوراته مع المسؤولين الإيرانيين‍ لتركيز جهود تبني قرارات مضادة ‌للصهيونية في منظمة التعاون الإسلامي وتنفيذ اتفاقيات أمن ‍مشتركة تستطيع بناء درع دفاع مشترك أمام ⁣العدوان الإسرائيلي⁣ كما تعزز الزيارة الرمزية احترام الإمام الخميني وتأكيد تضامن‌ السنة⁤ والشيعة وتقوية روابط الفكر الوسطوي.

الخلاصة

زيارة ⁤السيد عمار⁣ الحكيم لطهران وسطً الأعاصير السياسية والتهديد الإسرائيلي للعراق ليست ⁢لقاء عادياً​ بل خطوة رمزية واستراتيجية تقود البيت الشيعي نحو توافق تدريجي تقوم بتثبيت ⁣التضامن الرمزي بين بغداد وطهران وتفشل المشاريع الأمريكية-الصهیونية⁤ . وقبل الانتخابات​ المقبلة تقع مسؤوليتهم بأن يدركوا حجم الأخطار ويتعاملوا معها لتحويل⁣ العملية الانتخابيَّة لفرصة لبناء دولة قوية مستقلة وليست‌ سببًا لتمزيق المجتمع الداخلي .مثل ​هذا ⁤المنهج لا يضمن الوحدة الوطنية فحسب بل يعكس قوة عراق مستقرة وإقليمياً.

مصادر الخبر: © وكالة ويبانقاه ⁣للأنباء,وكالة مهر للأنباء,
قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام
زر الذهاب إلى الأعلى