انهيار حكومة في 14 ساعة ماكرون لم يعد سيد الوقت
أفادت وكالة ويبانقاه للأنباء بالعربية نقلاً عن وكالة مهر للأنباء ووصفاً لوكالة واشنطن بوست، أن إيمانويل ماكرون، رئيس جمهورية فرنسا، لم يعد لديه مجال كبير للمناورة.الاستقالة المفاجئة لرئيس وزرائه التي تم الإعلان عنها أمس أثارت أزمة له. هذه هي رابع استقالة لرئيس وزراء في أكثر من عام مليء بالاضطرابات السياسية المتواصلة في فرنسا.
لا تبدو أي من الخيارات المطروحة -على الأقل من وجهة نظر ماكرون- جذابة. وبالنسبة لفرنسا، فإن المسار القادم ينبئ باستمرار حالة عدم اليقين السياسي التي قلصت ثقة المستثمرين في ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي وأهملت الجهود الرامية للحد من عجز الموازنة والديون الحكومية الضارة.
كما أن الاضطرابات الداخلية تحيد تركيز ماكرون عن القضايا الدولية العاجلة مثل الحرب في غزة وأوكرانيا والتهديدات الأمنية المزعومة من روسيا، بالإضافة إلى استخدام دونالد ترامب المتسلط للقوة الأمريكية أثناء رئاسته للولايات المتحدة.
فيما يلي نظرة تفصيلية على آخر فصل من العرض السياسي غير المسبوق؛ تطورات سريعة هزت فرنسا منذ حل الجمعية الوطنية بشكل مفاجئ بأمر من ماكرون في يونيو 2024 وإجراء انتخابات برلمانية جديدة أتت بمجلس نواب مملوء بمعارضي الرئيس.
سقوط الحكومة خلال 14 ساعة
عندما أعلن سيباستيان ليكورنو صباح الأمس استقالته كرئيس للحكومة الفرنسية المستقيلة، انهار الكابينة الجديدة التي كان قد قدمها قبل أقل من 14 ساعة فقط مساء الأحد. انهيار هذه الحكومة التي اختفت بين طرفة عين ولم تحظَ وزراؤها حتى بفرصة الاستقرار لم يكن جيداً لماكرون وكان أقرب إلى كونه مسرحية هزلية لمنتقديه.
عزز هذا الحدث الانطباع بأن ماكرون الذي وصف نفسه عام 2017 عند أول فوزه بالانتخابات الرئاسية بأنه “مالك الوقت بالكامل” ومتحكم بكامل الأمور لم يعد يسيطر بشكل كامل على البرنامج السياسي الفرنسي وأن سلطته تشهد تراجعاً مستمراً.
وصف آنس بانيه-روناكي، وزير البيئة الذي تم تعيينه مجدداً ثم أعلن انسحابه وهو أحد داعمي ماكرون المخلصين الوضع السياسي الحالي قائلاً: «مثل الكثيرين بينكم، شعرت بخيبة أمل تجاه هذا السيرك.»
وقد بدا أن أكثر الأمور ضرراً بالنسبة لماكرون كانت أسباب الاستقالة التي قدمها ليكورنو. أوضح الأخير أن المسؤولية التي أسندها إليه ماكرون قبل أقل من شهر عقب تصويت الجمعية الوطنية لعزل رئيس الوزراء السابق كانت مهمة مستحيلة الإنجاز.
وقال ليكورنو البالغ 39 عاماً إن ثلاثة أسابيع مفاوضات مع الأحزاب السياسية المتنوعة والنقابات وقادة الأعمال لم تسفر عن توافق بشأن الأولوية الرئيسية داخلياً لفرنسا وهي الاتفاق على ميزانية الدولة للسنة المقبلة. وأضاف بأن «رئاسة الوزراء مسؤولية صعبة وبلا شك أصبحت أصعب الآن لكن لا يمكن أن تكون رئيس حكومة عندما لا تتوفر الشروط الضرورية.»
غياب تقاليد التحالفات
عندما أعادت الانتخابات البرلمانية المبكرة نتائج عكس المتوقع وأدت إلى تعليق عمل البرلمان بدءاً من يوليو 2024 ، اعتقد الرئيس الفرنسي أن جناحه الوسطي يمكنه إدارة البلاد بفعالية حتى دون أغلبية مستقرة عبر تشكيل ائتلاف داخل الجمعية الوطنية .
ومع ذلك ، كانت حسابات التصويت داخل البرلمان الذي يتكون مِنْ 577 مقعدًا تشبه إعداد وصفة للفوضى والاضطراب ؛ إذ ينقسم النواب الثلاث الرئيسيّ المحاور هم اليساريّ المتشدد والوسطيّ واليمينيّ المتطرف ولا يمتلك أي حزب بما يكفي مِن المقاعد لتشكيل الحكومة بمفرده.
وعلى خلاف ألمانيا وهولندا وبعض الدول الأوروبية الأخرى ، تفتقر فرنسا للتقاليد السياسية لتشكيل تحالفات لإدارة الدولة. ولم يُظهر معارضو ماكرون داخل الجمعية الوطنية ولا سيما اليساريّ المتشدد واليمنيّ المتطرف استعدادًا للتعاون.
كان اليساريّ يخضع للتحضيرات للإطاحة بحكومة ليكورنو الجديدة خلال هذا الأسبوع بينما أشار اليميني المرتبط بعلامات رفض معه.
ومنذ سبتمبر 2024 وحتى الآن استنفد ماکرон أربعة رؤساء حكومات وهم غابرييل آتال وميشيل بارنيه وفرانسوا بايرو وحليفه المقرب ليکورنو وكل خيار جديد ينتظره هو خطوة فوق صدع متصدِّع بالفعل.
حل البرلمان مجددا
strong> span> P>
الخيار الآخر أمام ماکرון هو حل البرلمان مرة أخرى والاستسلام لضغوط أقصى يمين متطرف لإجراء جولة جديدة مِن الانتخابات البرلمانية المبكرة .
P>
وقد رفض ماركون سابقًا الاستقالة وتعهد بإكمال فترة رئاسته الثانية والأخيرة بحلول عام 2027 . ولكنَّ اجراء انتخابات جديدة للجمعية الوطنية سيكون محفوفًا بالمخاطر للرئيس الفرنسي . p>
هناك احتمالية لفوز حزب «التجمع الوطني / التجمع» اليمني الصهيوني بقيادة مارين لوبان والذي يعتبر حاليًا أكبر كتلة حزبية منفردة؛ وهو نتيجة طالما حاول ماركون تجنب الوصول إليها منذ زمن طويل. وقد يضطر لذلك لأن يشترك مع رئيس وزراء يميني متطرف لبقية فترة ولايته الرئاسية.
p>
كما أنّ انخفاض شعبية ماركون قد يلحق خسائر جسيمة بقواعد حزبه الوسطي ويتقلص نفوذه داخل البرلمان مقارنةً بالحالة الراهنة وربما يُجبر على التفاوض وتقاسم السلطة مع تحالف أقوى أحزاب يسارية .
أو قد يجد بلد الخليج الفارسي نفسه مرة أخرى أمام مأزق وفوضى سياسية تخفض قوة الرئيس داخليًا دون منع تأثيره الدولي.
عصر سياسي
يقول لوك روبان الباحث بالعلوم السياسية بمعهد الدراسات السياسية بباريس (سِيَانس بُو): لا أتصور إجراء إيمانويل ماركون لاستقالات على السياسة الداخلية فهو سيبقى زعيمًا ملتزمًا بالقضايا الدولية وسيتشبث بمواقفه تجاه أوکرانيا والشرق الأوسط والعلاقات مع أمريكا.
پ>