لماذا تم تحقيق اتفاق شرم الشيخ
وكالة مهر، فريق الأخبار الدولية– مهدي أفراز: حماس مثل إيران واليمن قبلتها لاقتراح ترامب بوقف إطلاق النار تحمل منطقًا وعقلانية. المقاومة في إيران وفلسطين واليمن ولبنان تستغل كل الفرص المتاحة لتعزيز مشروعها.خلال العامين الماضيين ركز المشروع المقاوم على إنهاء المجازر وتثبيت النصر التاريخي في السابع من أكتوبر 2023 وإفشال كل المخططات القائمة على التهجير الدائم واحتلال غزة بواسطة جيش الاحتلال ونزع سلاح المقاومة.
الطبيعة الطامعة للغرب ستدفعهم عادة إلى عدم الالتزام بأي تفاهم، وربما يكون وقف إطلاق النار الحالي مجرد عرضٍ للخروج من مأزقين؛ الأول إخراج ترامب من الضغوط للحصول على جائزة نوبل السلام، والثاني إخراج إسرائيل من مستنقع خطة احتلال غزة.
إذا توجّه المحتلون للالتزام بمضمون الاتفاق سيكون إنجازًا عظيمًا للمقاومة الفلسطينية التي فرضت شروطها على إسرائيل بحماسة مقاتلي القسام وصمود شعب غزة الأسطوري، ومجدداً قضت عليهم إلى حالة ما قبل سبعين عامًا. والفرح والاحتفالات اليوم بين شوارع غزة تعكس هذا الواقع.
وإذا أخفق الاتفاق لاحقًا نتيجة مناورة النظام الصهیوني بعد دعايات ترامب حول قيادة العالم وترشيحه لجائزة نوبل وتحقيق تحرير الأسرى الإسرائيليين، فستحقق المقاومة ثلاث مكاسب جديدة: أولاً تعزز قناعة أمتنا الإسلامية وشعب غزة بمسؤولية حماس وتزداد التأييدات لمسيرة الإدارة المستقبلية لغزة عبر المقاومة الإسلامية؛ ثانيًا لن يبقى موضوع للنقاش وسيزداد اتساع نطاق المعركة؛ وثالثاً سترتفع دائرة الغضب والكراهية العالمية تجاه إسرائيل وأميركا إلى أقصى حدودها.
أبرز درس حتى الآن هو أن مهما توحدت القدرات التسليحية حول العالم فإن الإرادة والإيمان لدى شعب قطاع لا تراجع ولا تخضع.إسرائيل اليوم لا تزال تعتمد أهدافها كما كانت يوم الثامن من أكتوبر 2023 وفي ذات الخطاب فهي بحاجة لاتفاق حتى بعد مرور 730 يوم عملية وحصد دماء مئتي ألف نسمة دون تحقيق أي انتصار ميداني أو استراتيجي ملموس، بينما ترفض حماس جميع البنود المكرهة وتطالب بإعادة تبادل الأسرى بشكل مستمر.
وفق المنطق الطبيعي والتاريخي لن ينجح أي اتفاق سلام دون حفظ كامل حقوق الفلسطينيين وسيكون مصيره الفشل. خطة السلام الأمريكية إذا لم تتوافق مع شروط المقاومة ستواجه ذات مصير فشل اتفاقيات إبراهيم المقطوعة واتفاقيات أوسلو الملغاة لأنها تغفل جذور المشكلة: الاحتلال ونزع الحقوق الأساسية لشعب بأكمله. طالما لم تُقصَ الجذور ويُعاد حق تقرير المصير للفلسطينيين ستكون كل محاولات السلام مؤقتة وفاقدة للأساس الحقيقي.
ومن يتحدثون اليوم عن هذه الاتفاقية بمعنى السلام يجب أن يدركوا أن الشعب الفلسطيني وأجياله الجديدة قد دخلوا نقطة اللاعودة. عاصفة الأقصى ورد فعل الكيان الصهيوني الهستيري قضيا نهائيًّا على آخر جسور التواصل الضعيفة والمتهالكة مع المجتمع الصهيوني ووصلتا بالعلاقات إلى نقطة غير قابلة للإصلاح أو العودة.
قبل ذلك وبالرغم من عقود الاحتلال والصراع كان هناك بصيص أمل للتعايش والحلول السياسية وحتى تعاملات شكلية في بعض الطبقات الاجتماعية، لكن حجم المجازر غير المسبوقة وعمق الجرائم الإنسانية والفظائع التي ارتكبت بغزة ترك جرحاً عميقاً في ذاكرة وشعور الشعب الفلسطيني الجامعي بحيث أصبح التخاطب المشترك ومستقبل التعايش أمراً مستحيلاً فضلاً عن تحقيق سلام فعليّ مع الكيان الموجود الآن.