قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام

غزة ليست مكانا للاختباء

صحفي من غزة يروي حالة هذا القطاع: غزتي تحولت إلى جرح مفتوح؛ في كل مرة تسقط القنابل أشعر أن غزة‌ تفقد جزءاً آخر من روحها.

وكالة⁢ مهر للأنباء، فريق الدوليين، سنا كمال: الأمل في أرض أصبحت فيها الموت ⁤أمراً عادياً صار بعيد المنال. في كل مرة ‌تنهمر القنابل أشعر ⁤أن غزة ⁣تفقد قطعة أخرى من روحها.ولا أعلم متى، أو هل⁣ ستتمكن هذه الروح المحطمة من الشفاء مجدداً؟

غزتي، أرضي الأم، تحولت إلى‌ جرح مفتوح؛ تنزف وتصرخ بلا ردّ. بعد عامين على آخر ‌مواجهات مسلحة اعتدت على⁣ مشاهدة صور الدمار‌ واليأس باعتبارها أمراً مألوفاً، لكن هناك مشاهد تظل تنهش قلبي؛‌ شعب جائع ‌يتقاتل على لقمة الطعام، أمهات يبكين ويمسكن أطفالهن الهزيلين بين⁣ أذرعهنّ ورجال يحملون بقايا بيوتهم⁣ كذكريات مكسورة بين يديهم.

منذ أكتوبر 2023 لم تتوقف ⁣غارات الاحتلال الإسرائيلي للحظة واحدة.هذه الهجمات راح ضحيتها أكثر من 67 ألف شخص وأصيب حوالي 169 ألف آخرين بجروح. تحولت الأحياء إلى أكوام من‍ الرماد وطُردت​ مئات آلاف العائلات باتجاه شارع‌ الرشيد الساحلي⁣ حاملة معهم ما استطاعوا حمله من بيوتهم.

يتجهون جنوباً؛ ليس نحو الأمان بل هرباً⁢ من موت محقق نحو موت‍ آخر ‌لا تزال ملامحه غامضة. ⁤لكن الأمر مختلف هذه المرة. التشريد يبدو ⁣وكأنه أبدي؛ هناك همسات‌ تُسمع عن غزة المستقبل ‍التي ستنهض فيها المستوطنات الإسرائيلية وسط ركام أرضنا ويُفتَتح ​”ممرات” عبر أراضينا كما لو كانت⁤ غزة ذبيحة سوقت للمجزرة.

لقد اضطررت ‌أيضاً لاتخاذ قرار. في اليوم الرابع​ للحرب ‌أرسلت والدتي⁢ والزوجات والأطفال إلى الجنوب حيث كان يفترض أن يكون أكثر أمناً. بقيت مع شقيقيَّ وأختي في منزلنا بحي تل الهوا غرب غزة ‍ملتصقين به مثل الظل.تلك الليلة حمّر آلاف القنابل الإسرائيلية السماء وسقطت المباني كما يسقط الجسد⁣ المقهور.

جلست وسط هدير الانفجارات وأنا متيقن أنها النهاية بعيدة المدى ليست سوى دوي صوت قريب لاحتضار الحياة بالأرض‍ التي عشقتها طيلة العمر».‌ عند الصباح كان حيّنا قد محا تمامًا عن​ الخريطة تحت الركام والعائلات تبحث بين الأنقاض عن صورة أو شيء صغير يُذكرهم بمنازلهم السابقة رأيت رجلاً يحمل باب منزله وكأنه يحمل كنزًا ثم قررنا نحن الآخرون ترك⁤ مكاننا ‍والفرار جنوبًا تاركين خلف ظهورنا حياتنا بأكملها لأعيش الآن في ⁤القاهرة لكن قلبي لا يزال ⁢معلقًا بغزة وتلك اللحظات⁣ محفورة بعمق شديد داخل ذاكرتي

في⁤ فبراير عندما شهدت عودة بعض العائلات لغزة خلال الهدنة المؤقتة شعرت أخيراً بنور بداخلي يبشر باحتمالية‌ فجر جديد عندما رأيت هؤلاء يعيشون ضمن⁢ خيام مؤقتة‌ لكن قلوبهم ما زالت تنبض بالأمل ​قلت لنفسي إن أبناء غزة سيعيدون بناء ما نهب منهم وسأكون جزءًا صغيرًا هنا أو هناكَ معهم يوماً لتثبيت الطوب فوق الطوب⁤ ولكن ذلك ⁣الطرف الوحيد للأمل جاء سريع الزوال كالعادةْ.

بعد سبعة أشهر يشهد ذات الشوارع موجة نزوح جديدة ​تحت​ ضرب النار المكثفة لكنها تحمل وجوه تعب أكثر وقلوب منكسره عشرة أضعاف بات ‍شارع الرشيد الساحلي مكتظاً‍ بالناس والسيارات المغروسة⁤ تحت أسقف أبواب البيوت وغيرها⁤ ممن تمسك بها⁤ أصحابها يائسً; كثير⁣ منهم يمشي​ حافياً تحت شمس ساخنة ​أطفال لم يعودوا قادرين على البكاء​ مرهقة وجوههم موطأة بأيدي تربتها أما أمهاتهم ⁣فتنوح وتحاول تهدئتهم بكأس ⁢ماء ‍قليلة أو ⁤قطعة خبز ناشفٍ مقدور عليها فقط

رأيت رجلاً بعيني دمعتان يدفع جدته الهرمة والمتعبة عبر‍ عربة معدنية وهو مرتبك يقول أين نذهب؟ لا مخبأ ولا مكان⁤ آمن يُجنبه المهالك صديقي سامر أبو سمرة الذي أرسل ‌عائلته إلى الجنوب وبقي وحده قال لي قبل أيام اتصلت‍ به ‌”لم استطع ⁢مغادرة بيتي دون وداع ‌وظللت ضد الأطلال وحراسة ‍الاطارات والصور المتدلية لا زال صوت ‍الطائرات يخترق السقف المنهار نسبيا والنوم فيه يعتبر دموع الليل لكنها فضلت البقاء حتى اللحظة الأخيرة”.

وأضاف بشدة يشعرني بأنني سأجن لكنه يخشى فراغ غزه وخلو أهلها أكثر مما يخشاه الموت.. ومع ذلك هو يعلم أنه سيعود يومًا يحتمي ‍بنفس الشارع نفسه «الرشيد».

تقول ‍امرأة ‍تُعرف ‌بـ «أم أحمد»⁤ تقيم حاليا برفقة أطفالها ⁢الخمسة بخان يونس ‍بصوت مختلط بالدموع خرجنا منتصف ⁢الليل ‍كنت أحضر لطفلي ‍المصاب دوائه ولم ‍آخد أي‍ لباسٍ سوى لباقي الأولاد الطريق كانت جيئة ونزولاً جمعٌ كالخراب تجتاح العالم الخلفية اعتقد لما كنت ⁣أخشى وأنسى نظرات الماضي فأخي ظل‌ بالخارج ولم أعرف هل سوف نراه ثانية أم لا.«أنا⁤ الآن داخل ‍بيت⁣ متواضع أقيم بخيمة الحياة لم تختلف تغير الماء والطعام قليل​ ابني الصغير يصيح جوعا وفاء الله ⁣رغم بساطة الطعام حصل . ⁢فقط أتمنى لهم أجازة بدون قصف ويردد صباح ​الماء.»

لقد مضى عامان ⁤بالإضافة للوجه‌ المشوه والممزق المنازل بالرغم أن نفوس الناس ​تالفة ازداد تكبدّت الآن أفَهّمُ جيدَا ان قطاع Gaza أصبح مسرح دائم للنـَّـازحين ⁤السماء ‍دائماً مشتـَعِلة⁣ رهيبة الأرض دائما ⁢مُلهَبّة⁢ والشعب مُشتّت ومستقبل يتلاشى للأبد يظهر‌ للذين يستمرون بالسير عبر​ شارع الرشيد ليس أمام تعزية إلا المزيد فرار مستمر ومميت للرؤية الجديدة الخارج منها مدعية محاولة تناول​ الغاية إحياء الأمل لدى ‍الأغلبية بصياح كلمة «عودة …عودة…عودة » يعدونه دعوة سرية يلثم شفاه الأطفالَ يكاد يكون الحبل الأخير المؤدي ⁤الى نسج حياة ليلية مجيدة ​ولكن انا لست ايحادياً القدس حلم راود بغداد⁤ الأيام وركوبه صعب جداً عيد الميلاد ينبغي حافظته ويواجه الان إباحة موت دولتك​ فوق سكان ⁣الخليج الفارسي اللّه يسعد انتصاركم ! وكلما انهمرت قنبلة اشتاق بتأكيدש‍غزه انفاس قسم احدث كسر هلك الحزن ليشفى ؟

مصادر الخبر: © وكالة ويبانقاه للأنباء, وكالة مهر للأنباء,
قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام
زر الذهاب إلى الأعلى