قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام

فشل الولايات المتحدة في إدارة العالم تحول السلطة نحو الشرق

الرسالة‌ المشتركة بين الصين وروسيا وإيران إلى مجلس الأمن نموذج واضح لتحقيق التحول في نظام القانون الدولي.

مذكرة⁤ ضيف، ‌أكبر معصومي: إن مراجعة الاتجاهات الحالية في المجتمع ‌الدولي تظهر بوضوح أن النظام الدولي‌ السائد يمر بالانتقال من هيمنة أحادية القطب نحو نظام متعدد الأقطاب. يمكن مراقبة أدلة هذا ​التحول الجذري في التطورات التي تشهدها المناطق الاستراتيجية⁣ من أوروبا وغرب آسيا إلى جنوب⁢ شرق آسيا وأمريكا اللاتينية. في هذه المرحلة التاريخية، رسخت جمهورية الصين الشعبية نفسها كأحد الأقطاب⁣ الناشئة للنظام⁣ الدولي ⁣بفضل اقتصادها الديناميكي والمتوسع.

جدير بالذكر أن⁣ الصين بعد الحرب العالمية الثانية اعتمدت سياسة الحياد، أي⁣ الامتناع عن دخول النزاعات الدولية المختلفة وإقامة علاقات ودية​ مع‍ الدول المتنوعة، ما جعلها لاعباً مستقلاً على الساحة⁤ الدولية ساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية لهذا​ البلد.

مع ذلك،⁣ تحوّلت السياسة ⁢الصينية الحديثة من الحياد إلى دور فاعل ونشط ضمن ترتيب​ جديد يعيد رسم النظام الدولي برؤية تحدّد⁣ نفوذ الولايات المتحدة. وفي هذا ‍السياق الجيوسياسي، أدركت⁣ الصين الموقع الاستراتيجي⁣ للجمهورية الإسلامية الإيرانية واعتبرت⁤ خطاب إيران المناهض للاستكبار البديل الوحيد القادر على تغيير المعادلات في منطقة⁣ غرب آسيا وتحويل السيطرة من النظام الأمريكي-الصهیوني إلى استقلال الحركة الوطنية. بناءً عليه يمكن القول إن القرن الواحد والعشرين ⁤الذي بدأ ​بتراجع تدريجي للهيمنة الأمريكية يستمر ​اليوم بإرادة مراجعة دول هامة مثل الصين لإعادة​ تعريف البنية​ القانونية والسياسية⁤ للنظام العالمي.

من الأحداث التي تمثل نموذجاً مناسباً لتحقيق ⁢تحول ملحوظ في النظام⁢ القانوني الدولي تأتي الرسالة المشتركة الموجهة من جمهورية الصين الشعبية وروسيا الاتحادية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى رئيس مجلس⁢ الأمن للأمم المتحدة والأمين العام للأمم⁢ المتحدة. تستند هذه الرسالة ذات المكانة القانونية الرفيعة إلى المبادئ الأساسية‍ للقانون الدولي مثل مبدأ المساواة⁤ بين‌ سيادات الدول ⁤ومبدأ عدم التدخل بالشؤون الداخلية، حيث أعلنوا صراحة ‌«عدم الاعتراف بالعقوبات الأحادية ‍الجانب​ وعبر ⁤الحدود المفروضة على إيران».

وفي سياق هذه الرسالة ⁢الدبلوماسية التي ‌تعكس تقارباً⁤ استراتيجياً غير مسبوق على ‍الصعيد الدولي، أبلغت‍ الدول الثلاث ‍مدير عام ⁤الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه «نظراً لانتهاء المهلة⁣ المحددة وفق قرار مجلس الأمن رقم 2231 من الناحية القانونية الدولية لم يعد⁤ ثمة حاجة للاستمرار ببروتوكولات الاتفاق النووي (البرجام)»، وهو​ إجراء ‍يعبّر عن عدم شرعية العقوبات بهذا المنظور ويؤكد أولوية ​القانون الدولي العام على الاتفاقيات الخاصة.

هذا ‍التنسيق الثلاثي ⁢الذي يجري ضمن إطار مبادئ ‌ميثاق الأمم ⁢المتحدة وبهدف ​مواجهة الهيمنة الأحادية ⁣يُعد دليلاً لا‌ ينكر عليه للتسارع ⁤الكبير ‍نحو‌ الانتقال من⁤ النظام ⁣الهيمني السابق إلى نظام⁢ متعدد ‌الأقطاب حديث في ​العلاقات الدولية. وقد تسارع هذا⁣ التغيير ‌خلال فترة رئاسة​ ترامب مع تصاعد السياسات الأحادية لواشنطن، ​وهو الآن يتقدم‍ بقوة⁣ متزايدة.

وتكتسب القضية أهمية خاصة لأن انهيار أسس النظام القديم وتثبيت هيكل متعدد ‌الأقطاب يمثلان ⁣فرصة تاريخية كبيرة للجمهورية الإسلامية الإيرانية ‌كلاعب محوري في ⁢غرب آسيا لاستثمار ‌هذه التحولات البنيوية وتخطي ⁤عقدة مفصلية مهمة بتاريخ المنطقة بسرعة وبنجاح وتثبيت مكانتها كقوة إقليمية بارزة.
يُشار هنا أنه رغم تحدث العديد ‍من المحللين عن ‌آثار ‌ونتائج الحرب العدوانية الصهیونية ضد المقاومة⁣ والتي استمرت اثني عشر⁣ يوماً ‌فقط إلا ‌أنَّ هجوم المحور الأمريكي-الصهيوني يبدو⁤ خطأً ⁣استراتيجياً كبيراً ⁢لهم.

خطأ تسبب فيه أعداء الجمهورية الإسلامية الذين صمموا العملية العسكرية لكنهم دون قصد⁢ شاركوا بتحويل ‌القوة الكامنة ‍لإيران إلى قوة ​فعلية واقعية عسكرية وإقليمياً⁤ وأدّى ذلك لنتيجة عكس توقعاتهم الأصلية لمحور العدو ⁣العبري-الأمريكي تمامًا.

وفهم‍ العالم جيدًا عقب هذا الحدث أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية ​هي اللاعب الإقليمي الوحيد القادر على‍ الصمود أمام الطموحات الهيمنوية المفرطة بكل ما تمتلكه⁤ من​ قدرة وكفاءة. وإنّ نجاح ⁢هذا⁢ الصمود لم​ يسجل فقط ⁤سقوط النظام السابق ⁤بقيادة أمريكا بمنطقة غرب آسيا بل أثبت للعالم أجمع أن إيران الاسلامیة بعزيمتها الوطنيّة وقوتها العسكرية ونفوذها الإقليمي قادرةٌ أن ​تؤدي دور ⁤«محور الاستقرار والقوة» واقعياً ومؤثرًا ⁤وسط‌ اضطرابات منطقة الشرق الأوسط المُحتدمة؛ وهو تحول يعيد تعريف⁢ مكانة⁢ إيران​ الجديدة ضمن المعادلات الإقليمية والدولية.

مصادر الخبر: © وكالة ‍ويبانقاه للأنباء, وكالة مهر للأنباء,
قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام
زر الذهاب إلى الأعلى