قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام

وقف إطلاق نار هش المعركة هل يلوح في الأفق موجة جديدة من الهجمات الإسرائيلية الثقيلة على لبنان

لبنان في مفترق طرق مُلزم، بين الاستسلام والدمار، ليس في طور الاختيار⁤ بل يصارع الفصل الأخير من ظلمة تاريخية.

وكالة⁣ مهر للأنباء، فريق ‍الشؤون ⁤الدولية: بعد ​عام على⁢ انتهاء الحرب الثالثة في لبنان، تحولت ​الآفاق السياسية في⁢ هذا البلد العربي إلى ساحة مواجهة دبلوماسية محفوفة ‍بالمخاطر. اتفاق وقف إطلاق النار الذي صُمم أولًا كأداة لتثبيت الهدوء بات اليوم خط المواجهة الأول لمعركة معقدة حول الإرادات والأهداف الاستراتيجية. من جانب واحد يتمسك محور أمريكا والكيان الصهيوني ‌بمهلة واضحة تربط أي‍ استقرار مستقبلي بنزع السلاح الكامل ‍لحزب الله؛ وهو شرط يعتبرونه «غير قابل ​للتفاوض» والطريق الوحيد لتجنب حرب مدمرة أخرى.

من الجانب ⁢الآخر يصر حزب‌ الله على مواقفه ويفسر أسلحته ⁤ليس كتهديد بل كضمان⁣ لبقاء لبنان وأداة ردع فعالة وحيدة ‍ضد التهديدات الخارجية ⁢ويرفض⁢ تسليمها⁤ بشكل قاطع. هذا ⁣التصادم المباشر خلق حالة «تعليق» في لبنان وأضعف استقرار البلد بشدة. يرى الخبراء⁢ أن إرادة أورتيغاس وباراك (مندوبَي الحكومة الأمريكية في بيروت) للسيطرة على القرارات السياسية هناك قد أوصلت الوضع⁢ إلى هذه الحال الهشة. ‌سنتناول لاحقًا أبرز‌ أبعاد الصراع‍ بين لبنان والكيان الصهيوني.

يمكن⁢ تتبع ‌جذور التوتر المتصاعد وعدم الاستقرار جنوب لبنان إلى واقعين لا يمكن⁢ إنكارهما: أولا استمرار احتلال⁤ الكيان⁣ الصهيوني لخمس مواقع استراتيجية داخل الأراضي‌ اللبنانية ‌وثانيا التجاهل الواضح وشبه اليومي لاتفاق وقف ⁢إطلاق النار المصمم ⁢للحفاظ على السلام بالمنطقة. هذه الانتهاكات المستمرة التي أصبحت جزءًا من الروتين الحدودي‍ خلقت أجواء متوترة وغير⁤ قابلة⁣ للتنبؤ تحمل احتمال الانفجار بأي لحظة.

في مثل هذا السياق أغرقت عواقب هذه الإجراءات المميتة أكثر من مجرد الاشتباكات العسكرية⁣ واستهدفت حياة المدنيين بشكل مباشر. المثال البارز والمحزن لهذه الحقيقة كان المأساة الإنسانية ​العميقة التي وقعت يوم الاثنين في قرية آرام البياض بمنطقة صور. لم يكن‌ هذا الحادث القاتل للمدنيين سوى‌ جزء من⁤ نمط سلوكي أكبر يشمل أعمال استفزاز وخطورة تجاه قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أيضاً،​ مما يدل⁢ على تصعيد خطير للصراعات وتجاهل كامل للقوانين الدولية ولحياة البشر بالمنطقة.

اختيار بين سلام هش وحرب ⁣شاملة

وسط أجواء يهيمن‌ عليها⁣ الخوف وسوء الظن ​وصلت الجهود الدبلوماسية لمنع انهيار السلام الكامل⁤ بلبنان إلى ‌نقطة دقيقة للغاية. زيارة مرتقبة لمورغان أورتيغاس مبعوث ترامب الخاص ⁣إلى بيروت، ويزيد بن فرحان مستشار وزير الخارجية السعودي لشؤون لبنان وحسن رشاد⁣ رئيس جهاز​ المخابرات​ المصري تمثل رموز محاولات يائسة للمشي فوق حبل رفيع جداً للدبلوماسية.

تركز ‍المحور⁢ الرئيسي لهذه المحادثات على تنفيذ​ أحد أهم ‍وأكثر‌ بنود اتفاق وقف إطلاق النار تعقيداً ونفوذاً لسنة 2024 وهو نزع سلاح حزب الله وفرض السيطرة الحصرية للجيش ‌اللبناني وقوات‌ اليونيفيل جنوب البلاد.لكن⁣ هذه الجهود ترافقها تحذيرات واشنطن الصريحة بأنه إذا ​لم⁢ تتخذ بيروت إجراءات حاسمة فإن مواجهة ⁤عسكرية جديدة مع الكيان الصهيوني ستكون حتمية لا⁤ محالة. ويجري كل ذلك بينما يؤكد حزب الله رفضه القاطع لأي نزع للسلاح ويعلن جهوزيته لـ«الدفاع» مضيفاً مزيداً​ من التعقيد​ للحسابات السياسية.

هذه الأزمة السياسية مع تصاعد الهجمات العسكرية وضعت حكومة عون-سلام‌ أمام مفترق طرق خطير؛ إما الخضوع للضغوط الدولية بمخاطر انزلاق داخلي⁣ أو المقاومة والمواجهة بحرب‌ مدمرة قد تكون هذه المرة أعنف ‍بكثير ⁤مما سبقها. والحقيقة أنه لو أن التقنيين الذين يحملون السلطة ‌بلبنان انتبهوا قليلًا لوقائع الميدان لما تصوروا‌ أن فكرة نزع سلاح المقاومة ممكن تنفيذها ولن يقعون فريسة فخ ‌الحرب الأهلية.

انتهاكات​ متكررة لاتفاق وقف النار؛ ناقوس حرب ⁤قادمة

وقف إطلاق ‌نار هش منذ نوفمبر 2024 يُضمحل عملياً بأصوات انفجارات ودخان هجمات جوية صهيونية جنوب ⁣وشرق لبنان بعيداً عن الأوراق الرسمية للتفاهمات المكتوبة. العمليات العسكرية التي تنفذ ​بذريعة ‌استهداف البنى التحتية وأعضاء حزب الله⁣ ومنع إعادة تأهيل القدرات العسكرية لهذا التنظيم أصبحت شبه يوميّة وأسفرت خلال​ أيام قليلة ⁣عن⁢ مقتل أكثر من ثلاثة عشر شخصا بينهم أخوين مدنيّين ضمن مصنع للنشارة بالإضافة لقائد بارز بحزب الله.

⁤ والأسوأ أن دوامة العنف تلك اجتذبت قوات حفظ السلام للأمم المتحدة (اليونيفيل) نحو⁢ Office of Legal Affairs ⁤.​ أحداثٌ مؤخراً شملت طيران معتدي لطائرة إسرائيل⁤ المسيرة ، وإطلاق دبابة رصاص تحذيري‌ ورمي قنبلة قرب سفن اليونيفيل أدّت لازدراب⁤ عالمي‍ وهجوم صارم من الأمم المتحدة‌ وفرنسا⁤ . وصف المتحدث باسم الأمم المتحدة تلك الأفعال بأنها «خطيرة جداً جداً»، ما يجسد الواقع المؤلم بأن القوات الدولية المنتشرة لحفظ الاستقرار باتت هي ذاتها هدفا بهذا النزاع المعقد ما‌ يهدد آخر خيوط الأمل‌ لإنقاذ المنطقة فضمان استقراره .

ثمار الكلام
أخيراً المشهد اللبناني يعكس مأساوية تناقض ومعيار مزدوج واضح ؛​ ففي حين يحتكر الطرف الأول حصانة كاملة يدوس شروط وقف الإطلاق المحتملة ،⁢ ويستمر باحتلال أراضي البلاد ويسفك⁣ دماء المدنيّين ، توجه اتهامات وتمويل دولي صارم للطرف الثاني ‌؛ شعب يحارب فقط ⁤لأجل وجوده ولا يرغب بمغامرات توسعية غير محسوبة النتائج. المطالبة بخروج السلاح⁣ المقاوم ليست سوى محاولة لاستئصال الدرع الوحيدة للبنان لصد عدوان المعتدي عليه .

الغرب ⁤بتجاهل جريمة إسرائيل اليومية يحاول فرض خضوع بيروت ويبسط رقبة الوطن ‍ليتم مسلوب حق الدفاع الذي⁢ هو حق أساسي وباطني⁣ لكل شعب .
هذا ⁤ليس سلاما؛ إنه تهديد جائر حيث تُباع الراحة بثمن الذُل والانكشاف الدائم.
لبنان بهذا المفترق المفروض بين الانقياد ‌والخراب ليس فقط⁤ خياراً بل‌ يصارع ‍الفصل الأخير لانتهاك تاريخي .
خلال العام الماضي أثبت الشيخ ‌نعيم قاسم بقيادة⁤ حكيمة ‍بأن التعرض للمواجهات الأمنية الإسرائيلية لم يكن ‌لعبة استراتيجية⁤ إنما تركيزه منصب⁤ فقط لإعادة بناء الشرخ العسكري والأمني.

مصادر⁣ الخبر: © وكالة ويبانقاه للأنباء, وكالة مهر للأنباء,
قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام
زر الذهاب إلى الأعلى