قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام

تصاعد النزاع السياسي في أرمينيا وتأثيره على المصالح الوطنية لإيران

في حال إعادة اختيار رئيس ‍وزراء أرمينيا الحالي،⁤ فإن إنشاء “مسار ترامب” وتعزيز تقارب هذا البلد مع أوروبا وأمريكا سيدخلان مرحلة التنفيذ، وستواجه إيران في منطقة القوقاز ‍ظروفًا جديدة.

مذكرة⁤ ضيف، الدكتور إحسان موحديان: مع تبقي نحو ثمانية ⁢أشهر على الانتخابات البرلمانية في أرمينيا​ التي ستؤدي ⁤إلى انتخاب رئيس وزراء جديد للبلاد، اشتدت النزاعات السياسية في هذا البلد الجار المهم لإيران.

مصير⁢ انتخابات أرمينيا يُعد مهمًا لإيران لأن هذا البلد ⁤حافظ على علاقات صداقة مستمرة معها ويُعتبر دائمًا أحد جسور التواصل والنقل الإيراني مع العالم الخارجي. كما أن محاولة ترامب لإنشاء مسار ترانزيت داخل أراضي أرمينيا وبالقرب من ⁢حدود إيران‌ المعروف باسم “مسار ⁢ترامب” زادت المخاوف بشأن ‌تعاظم خطر الاختناق الجيوسياسي لإيران في منطقة القوقاز.

سبق أن حاولت باكو انتهاك سيادة أرمينيا الوطنية واحتلال جنوب البلاد خاصة محافظة ⁢سيوانيك لإنشاء ممر زنجزور المزعوم وتحقيق أهداف توسعية بدعم من تركيا وإسرائيل‌ وإنجلترا.وعلى الرغم⁣ من أن مسار ترامب مقرر إنشاؤه مع احترام السيادة الوطنية لأرمينيا، إلا أن هناك شكوكاً حول نوايا الولايات المتحدة الحقيقية بهذا الصدد.

على أي حال يصعب تصور⁤ قيام‍ الولايات المتحدة بالإضافة إلى حكومتي تركيا وأذربيجان قبل الانتخابات البرلمانية الأرمينية بأي تحركات جدية لزعزعة استقرار أرمينيا. والسبب أن نيكول باشينيان رئيس الوزراء الحالي يدعم فكرة السلام مع تركيا وأذربيجان وكذلك إنشاء مسار ‍ترامب. إن إحداث​ أي نزاع حدودي جديد أو تحركات ‍عسكرية حادة للاستحواذ على مسار ترامب بطريقة تستفز إيران قد تغير المشهد السياسي لصالح معارضة باشينيان. لهذا السبب يصعب توقع حدوث صراع عسكري جديد في القوقاز ⁣قبل ربيع 2024. لكن يجب ​توقع ⁣أنه إذا فشل باشينيان ولم يُعاد اختياره⁢ رئيساً للوزراء، ‍فإن تركيا وأذربيجان ستهجمان بسرعة ​على ‌سيوانيك لاحتلالها وإنشاء الممر الزائف زنجزور.

ما هي حجج باشينيان ومعارضيه؟

من جهة أخرى ينبغي ملاحظة أن القوى السياسية المعارضة في أرمينيا ليست ضد السلام بشكل عام ولكنها‌ ترفض المسارات الحالية المدعومة حكومياً لإحلال السلام مع باكو وأنقرة. ويرون ‌أن هذه المسارات‍ تنطوي على تنازلات مبالغ فيها لهذين البلدين وقبول نفوذهما الاقتصادي والثقافي والسياسي والأمني وتغيير الهوية الوطنية لأرمينيا بما​ يشكل تهديداً وجودياً للبلاد.

الأحزاب المعارضة تقول إن علييف رغم صياغته لمسودة اتفاق سلام لا يزال ​يستخدم مصطلح “الممر”، ويرفض مواجهة حراس الحدود الأرمنيين ويدافع عن عودة مواطنيه إلى أرمينية والتلاعب الديمغرافي والهووي فيها، ويصف أرمنستان بآذربيجان الغربية ويرى سيوانيك جزءًا من أراضي جمهورية آذربيجان ولا يوافق حتى على إطلاق سراح أسرى الأرمن من حرب قره باغ. وهكذا فإن الثقة بـ باكو وأنقرة لتوفير الطاقة والاحتياجات الاقتصادية الأخرى تُعد تفاؤلاً شديدا‌ لأنها ستستغل التبعية الاقتصادية المستقبلية لأرمنستان لتهديد استقلالها.

التطور الآخر الذي عمّق الصراع السياسي الداخلي هو تعامل باشينيان الحاد تجاه خصومه السياسيين والدينيين والاقتصاديين؛ إذ⁣ لجأ إلى اعتقال عدد كبير منهم ممن لهم وزن اقتصادي أو يشغلون مواقع مهمة ‍سياسية ودينية داخل البلاد. لذلك يقول المعارضون إنه خوفاً من خسارة الانتخابات يتهم منافسيه بالفساد أو بتصرفات تنتهك التعاليم الكنسية ليهيمن على الساحة السياسية ويحرم منافسين أقوياء من الترشيح لرئاسة‌ الوزراء لاحقاً.بالمقابل يعتقد ⁣باشينيان ومؤيدوه بأن خصومه موالون لموسكو⁤ ويسعون للإطاحة به بأساليب قاسية ⁢كما أنهم متهمون ⁣بالفساد المثبت وبعضهم ينتمي ⁢للطائفة العليا لكن تم ضبط تصرفاتهم خارج إطار ‍الشؤون الدينية المقبولة والتي استغلوا بها الكنيسة الرسولية ⁢الأرمينية كمركز للتحريض ضده بمحافظة أشميادزين قرب يريفان؛ حيث حاول شرعنة عزله حتى نظم طقس الأحد المسيحي المستقل عن الكنيسة الرسمية الأسبوع الماضي مما أثار جدلاً واسعًا بسبب إقامة القداس من قِبل كاهن ⁤مُنْحَلّ رسمياً.

لشد تأييد الناس كرر باشينيان التأكيد بأنه ⁤إذا لم يُنتخب مجدداً فقد تتصاعد ⁢الحرب بين ⁢يريفان وباكو مجدداً وهو أمر تلقاه غالبية الشعب⁢ بشدة نظراً لما يعانون منه نتيجة الواقعة بين جارَين عدَوَين‌ وسئموا الحروب والنزاعات المسلحة فيما يحظى بوعد استمرار‍ الاستقرار الاقتصادي ​وفرص الاندماج الأوروبي وتحقيق رفاه أكبر باهتمام شعب فاق الأحزاب المعترضة التي ترفض تطبيق هذه الأفكار وتقول إن أوروبا لن تقبل ‍بانضمام أرمينيا مطلقاً وتصعيد العداء ضد روسيا⁣ بناءً لوصايا الغرب والتقليل عبر إضعاف القوة العسكرية الأرمينية يمكنهما تحويل​ هذه الدولة الصغيرة التي يبلغ سكانها ثلاثة ملايين نسمة إلى نسخة ثانية لأوكرانيا؛ ‌لذا وجب⁣ المحافظة والحذر وعدم قبول الروايات⁢ الرسمية التي تدعي التنوع بالعلاقات الخارجية وليس العداوة تجاه روسيا خاصة بعد فقد الأرض الدفاعية المهمة المتمثلة بقراباغ الجبلية وضغط المطالب بإغلاق قاعدة 102 الروسية ⁣وبعض الخطوات الحدّ مِن التعاون الاقتصادي والأمني مثل التراجع عن عضوية رابطة الدول المستقلة مما يجعل الوضع أكثر هشاشة خصوصاً وأن الدعم الغربي الجديد محدود لفظياً وفي مجالات الطاقة والممرات يرتبط بمصالح معهم عبر باكو فقط وليس يريفان.

لا بدّ من إدراك أن النزاعات الجوهرية مستمرة حتى موعد انتخابات البرلمان الأرميني وكل طرف يحاول إقناع الرأي العام بمنطق وجهة ⁣نظره يزيد فرص نجاح حزبه بالفوز بها مستقبلًا.

من سيكون المنتصر؟

<pتعتمد نتائج الانتخابات بدرجة كبيرة على قدرة المعارضة تشكيل جبهة واسعة⁢ موحدة وإجراء ‌تجديد سياسي وعرض شخصية جديدة وموثوقة لتولي رئاسة الوزراء حيث يعاني كبار الساسة السابقين بمنصب رئيس الوزراء أو الرئيس اتهامات واسعة خصوصًا تتعلق⁤ بالفساد الاقتصادي والإهمال تجاه رفاه وتقدم الوطن وتركيز الموارد بأيدي مجموعات وحركات معينة ⁣مما أفقدهم القدرة لاستقطاب الناخبين مرة أخرى بينما نجحت اعتقالات بعض المنظمين المحتمل نشاط المعارضة بتكميم أفواه البعض وتقليص أعمال الحزب ومن ثم باتت المواجهة أصعب بالنسبة ‍لهم.

علينا انتظار ما إذا كان بإمكان المعارضة تأسيس تكتل شعبي ‌واسِع مدعوم بتحالف الكنيسة والأحزاب التابعة للرؤساء​ السابقين سيركسيسيان وكوتشاريان وبعض الشخصيات الاقتصادية المؤثرة مثل سامول كارابتيان (المعتقل ‍حاليا بتهمة فساد مالِي لكن ⁣أفراد أسرته يمارسون تحرك سياسي‍ كبير) أم لا.

تشير استطلاعات⁢ الرأي الأخيرة خلال الأشهر الماضية بالرغم من الشعبية الأكبر لباشينيان مقارنةً بمنافسيه السياسيين إلا أنّ المناخ الراهن يغلب عليه‌ الركود وقلة المشاركة السياسية وشعبوية جميع الأحزاب منخفضة وسيكون تحديًا ما إذا تغير ذلك الأمر بفضل الحملات‍ الانتخابية.

عادةً​ ما تجذب الحكومات القائمة بين 300 و400 ألف صوت ثابت غالبًا موظفي القطاع الحكومي وعائلاتهم نتيجة عادَة اجتماعية قديمة تلزم هؤلاء أخلاقياً بالتصويت لمن يدعم مفوض العمل لديهم لذلك غالب الموظفين يصوتوا لحزب الحكومة الحالية وإذا⁤ تمكنت فرق المعارضة جذب أكثر من 400 ألف مقترع للمشاركة ستكون⁣ قادرة على هزم الرئيس الحالي⁣ وتقديم بديل مناسب لكنه بعيد الاحتمال بشرط عدم اللجوء للأساليب القديمة واستمرار طرح أفكار‌ جديدة تخاطب المجتمع الأرمني.

If re-elected as ⁣prime minister of ‌Armenia, the implementation of the Trump ⁤corridor and deepening⁣ integration with Europe and ‌America will ‍enter operational stages while the ⁣Islamic Republic of Iran will confront new ​circumstances in the ⁤Caucasus region. Thus, Iran must carefully assess developments in Armenia now to prepare relevant scenarios for various outcomes, as events like creating the Trump corridor might affect Iran’s territorial integrity, security, and unity; ‍so it is indeed not an exaggeration to say ⁣that Armenian elections influence Iran’s future as ‍well.

قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام
زر الذهاب إلى الأعلى