قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام

تحدي كبير للصهاينة من الحريديم من هم وماذا يطالبون

يواجه النظام الصهیوني اليوم، ‌بالإضافة إلى التحديات⁢ الخارجية،‌ تحديات داخلية عميقة جداً. وتمثل قضية الحريديم نموذجاً بارزاً من هذه ⁤التحديات الكبرى على الساحة الداخلية للنظام الصهیوني.

مهر للأنباء، ⁣فريق الشؤون ⁢الدولية: في خضم الأزمات السياسية والعسكرية المتعددة التي عصفت بالنظام الصهیوني خلال السنوات الأخيرة،‍ عاد مجتمع الحريديم أو⁣ اليهود الأرثوذكس المتشددين ليصبح أحد ⁤أهم اللاعبين في المشهد السياسي والاجتماعي للنظام.هذا المجتمع المعروف ⁤بالتزامه المطلق بالتقاليد التوراتية لا ⁢يشكّل جزءًا مهمًا من النسيج الثقافي والديني فحسب، بل​ يؤثر بشكل مباشر على سياسات الحكومة.⁣ وكانت التظاهرات ‌الواسعة الأخيرة في⁢ القدس ⁣المعروفة بـ«مسيرة ‍الملايين» مثالاً واضحًا على التصارع بين قطبين‌ رئيسيين في المجتمع الإسرائيلي: التقليد الديني والعلمانية الحكومية. جرت هذه الأحداث بينما لا يزال‌ النظام الصهیوني مشغولاً بحرب غزة وأزماته الداخلية.‌ إن الحضور المكثف للحريديم في الشوارع ‌لا يقتصر على احتجاج‌ ديني فقط، بل يعكس صراعًا أعمق حول الهوية‌ والعدالة الاجتماعية وشرعية الدولة العلمانية.

تحليل تظاهرات الحريديم الأخيرة

شهدت مدينة القدس مؤخرًا ‍واحدة من أكبر ‍التجمعات الاحتجاجية الدينية في ‍تاريخها. ووفق تقارير وسائل الإعلام الصہیونية، تجمع ⁣أكثر من 200 ألف من أتباع الحريديم احتجاجًا ⁤على قرار المحكمة العليا بإلغاء الإعفاء الذي كان يمنح ​لطلاب الدين من الخدمة ⁢العسكرية وسط شوارع المدينة الرئيسية. وقد أدت هذه الفعالية التي أطلق عليها الإعلام «مسيرة الملايين» إلى شلّ ‌كامل لنظام النقل العام ‌وإغلاق الطرق الرئيسة.

بدأت‌ التظاهرات بنظام ديني خاص لكنها سرعان ما تحولت إلى مسألة سياسية.⁢ تجلى صدّى الشعارات ​مثل⁢ «التوراة هي درعنا» و«الدراسة الدينية ⁣هي الخدمة الحقيقية» بين المشاركين الذين ⁣ارتدوا الملابس السوداء التقليدية ‌وحملوا لافتات ذات مضامين دينية لتأكيد حضورهم كبيان مقاومة روحية وليس مجرد احتجاج مدني.

في خطاباتهم أكد القادة الدينيون أن إلغاء إعفاء طلاب الدين ‍هو «اعتداء على أسس الإيمان اليهودي» وأنه لا‌ يمكن لأي قوة أن تبرره. ‌شهدت بعض الاشتباكات المحدودة بين ⁢الشرطة ​وبعض المحتجين؛⁣ فيما أضفى مقتل فتى يبلغ 15 عامًا إثر سقوطه من ارتفاع بعداً‌ مأساويًا زاد ⁣الاهتمام الإعلامي بالحدث. عقب⁤ ذلك ربط قسمٌ كبيرٌ من الرأي ⁣العام داخل​ النظام هذا التجمع بالتجاهل⁢ لقوانين الأمن والسلامة العامة، بينما⁤ وصف المحتجون أنفسهم الأمر بأنه «تضحية ‍في سبيل الإيمان».

كان للتظاهرات ​تأثير سياسي واضح حيث استخدمت أحزاب دينية مرتبطة بمجتمع الحريديم مثل حزب «شاس» و«يهودوت هتوراه» تلك ⁤الفعاليات كورقة ضغط تجاه حكومة نتنياهو بهدف إعادة منح الإعفاءات العسكرية ‍واستعادة ميزانيات المدارس ⁢الدينية المدعومة سنويًا بمئات ملايين الشواقل. وفي المقابل اعتبرت الأحزاب العلمانية والتيارات الوسطية هذه التحركات تجاوزًا للعدالة وهروبًا ⁣من المسؤولية خصوصاًَ مع اشتداد المعارك التي يخوضها الجيش ‍الإسرائيلي في غزة؛⁣ ومن ثم لم تكن​ التظاهرات مجرد حدث ديني بل رمز أزمة شرعية سياسية وتعميق الانقسامات بين الطبقات‍ الدينية وغير الدينية داخل المجتمع الإسرائيلي.

من هم الحريديم وما مطالبهم؟

يُعدّ الحريديم فرعاً متشدداً ضمن اليهود الأرثوذكس نشأ في القرن التاسع عشر بأوروبا الشرقية؛ ‍وجاء مصطلح “حريدي” مشتقّاً عبر العبرية “خارد” أي “الخائف / الخاشع لله”، وهو يعبر عن رؤية تعتبر كل اتصال مع العالم الحديث تهديدا​ لطهارة العقيدة والتدين الحقيقيين؛⁤ وكان أبرز المؤسسين الفكريين للحركة ​مثل الرب ‌موشه سوفر يعارضون حركة التنوير اليهودية (هاسكالا) ويعتبرون⁤ العودة للسنة الأصلية للتوراة طريقة وحيدة للحفاظ على الهوية الدينية الأصيلة.
وبعد تفكك المجتمعات اليهودية ⁤الأوروبية هاجر عدد ⁤كبير منهم إلى الأراضي⁤ المحتلة⁤ وأسسوا مجتمعات مغلقة متنوعة تنتشر الآن ضمن مناطق مختلفة وفي تل أبيب تحديداً.

⁤ يُقدر تعداد مجتمع الحريدي حاليا نحو 1,3 ‌مليون نسمة بما يمثل نسبة​ تتراوح بين 13%⁤ و14% تقريبًا ​ضمن مجموع ⁤السكان الإسرائيليين.
اجتماعيّا ⁤يكرّس الرجال معظم وقتهم للدراسة الحرة‍ للتوراة ضمن مدارس “يشيفا” ويتجنبون ‍العمل الرسمي بالسوق المفتوح للمهن⁤ العادية؛ بينما تتحمل ‌النساء مسؤوليات الإنفاق وتأمين متطلبات ⁣الأسرة ​رغم انخفاض متوسط دخلهن مقارنة بالشريحة العامة.

(يتبع…)

مصادر ​الخبر: © وكالة ويبانقاه للأنباء, وكالة مهر للأنباء,
قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام
زر الذهاب إلى الأعلى