لماذا تساعد كازاخستان في كسر عزل النظام الصهيوني الدولي

وكالة مهر للأنباء، فريق الشؤون الدولية: وسط الضجيج الدبلوماسي والتكهنات اللامتناهية حول الاصطفافات الجديدة للقوى في الشرق الأوسط، قلب مفاجئ من قلب آسيا الوسطى كل الحسابات رأساً على عقب. بينما كانت الأنظار مشدودة إلى الرياض ودمشق وجاكرتا لمتابعة العضو التالي في تسلسل اتفاق إبراهيم، أعلنت أستانة استعدادها للانضمام إلى هذا المحور، محطمّة الجمود الاستراتيجي الإقليمي. لم يكن هذا التحول مجرد خبر بل بيان؛ فسره محللون إسرائيليون مثل آمیت سگال فوراً ليس باعتباره تطبيعاً تقليدياً وإنما كتحاق رسمي لكازاخستان بهيكل أمن مضاد لإيران.
رهان أستانة؛ الهروب من المدار الروسي والصيني بثمن الدخول إلى نادي الغرب
قرار كازاخستان بقبول اتفاق إبراهيم ليس تحركًا ردّياً أو رمزياً؛ إنه رهان محسوب متعدد الأبعاد.تسعى أستانة بهذا الإجراء إلى فك قيود التبعية التقليدية للجاذبية الروسية والصينية. الاتفاق بالنسبة لهم ليس هدفاً بل «أداة» لجذب الاستثمارات الغربية، وتحقيق قفزة تكنولوجية في الصناعات المعدنية الإستراتيجية، والأهم من ذلك شراء «تأمين أمني» من واشنطن.
يرحب دونالد ترامب بهذه الخطوة ويصف أستانة لا بعضو جديد بل بـ«رصيف استراتيجي» لتمدد النفوذ الأمريكي نحو ساحتي روسيا والصين الخلفيتين. ما يبدو سعيًا لاستعراض التسامح الديني وكسر عزلة الكيان الصهیوني هو فعلاً مناورة جيوسياسية جريئة لكازاخستان لإعادة تعريف موقعها ضمن النظام العالمي الجديد؛ مع انتقادات تعتبره صفقة لغسل جرائم إسرائيل في غزة.
محاولة كسر جدار العزلة الدبلوماسية لإسرائيل
بالنسبة للكيان الصهیوني الذي غرق بعد عامين متواصلين من الجرائم في غزة ولبنان داخل مستنقع العزلة العالمية، يشكل هذا التطور حقنة حياة حيوية. انضمام دولة كبيرة ذات غالبية مسلمة من آسيا الوسطى يتجاوز الفوز الدبلوماسي ليكون سوطًا إعلاميًا قويًا لتبييض الصورة الدولية لذلك الكيان ورسم صورة مزيفة لتقبله عالمياً. كما يتيح للإدارة الأمريكية خلال عهد ترامب استعادة إرث سياستها الخارجية الأولى وعرض اتفاق إبراهيم كإنجاز دبلوماسي حصري.
عملياً قد لا يحدث الانضمام تغييرات ملموسة بالعلاقات القائمة لكنه يسهّل وصول تل أبيب إلى موارد أوراسيا ويعزز الجبهة المضادة لإيران بقيادة أستانة. أما المقاومة الفلسطينية فتعتبر هذه الخطوة مجرد «إفلاس أخلاقي» ومكافأة للجزار؛ صفقة مخزية تبيع فيها كازاختان مكانتها لإنقاذ نظام يغرق قبل أن تحصل على أي مكسب ملموس.
خلاصة القول
يمر العالم سريعًا بفترة «الضبابية الإستراتيجية» نحو عصر «صعود مراكز القوة». جهات مثل كازاختان تخوض رهانات كبيرة للهروب من مصير الدولة التابعة وبلوغ منزلة قوة مستقلة ضمن التوازن العالمي الجديد. انضمام أسانطة لاتفاق إبراهيم هو صرخة واضحة لهذا البلد للدخول إلى النادي الجديد.
في هذه الظروف تكمن إجابة طهران ليس بالجمود ولا بردود الفعل العاطفية وإنما ضمن “عقيدة الترابط الاستراتيجي”. يجب على طهران تجنب تصعيد النزاعات وبموازاة ذلك بسرعة مضاعفة بناء شبكة علاقات اقتصادية ونقل وطاقة متداخلة مع قازاخستان (معقدة جداً لدرجة أن أي تحوّل عدائي منها سيكلفها ثمناً باهظاً). هذا النهج الذكي مع تصور كامل للأمن هو السبيل الوحيد للضبط طويل الأمد لهذه الجارة وإدارة هذا الرهان الخطير.
تبرَّت الخبرات السابقة بتصرفات هجومية أو انفعالية تجاه دول وسعت علاقاتها مع صہیونیست أثبتت أنها تعرض المصالح الوطنية للخطر عبر ابتزاز أو تصعيد النزاع . استنادا الى هذه التجربة التاريخية ، فإن الحكومات الإيرانية مطالبة بوضع سياسة حكيمة لإدارة العلاقات مع قزاقستان ومنع العراقيل التي يثيرها النظام الصهيوني . p>
div>
