هل ستشن الولايات المتحدة هجوما عسكريا على فنزويلا

ذكرت القسم العربي في وكالة ويبانقاه للأنباء نقلاً عن “وكالة مهر للأنباء” والجزيرة، أن دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أعلن السبت الماضي أنه تلقى خطة عملية عسكرية بشأن فنزويلا من وزارة الحرب الأمريكية، وأنه اتخذ قراره بشأن التدخل العسكري في فنزويلا، لكنه لم يفصح عن طبيعة هذا القرار.
نظرية جيمس مونرو في السياسة الخارجية
تُعد نظرية السياسة الخارجية لجيمس مونرو، خامس رؤساء أمريكا وأحد أهم مؤسسي الولايات المتحدة، تجاه دول أمريكا الجنوبية أحد الركائز الأساسية لسياسات واشنطن تجاه هذه الدول حتى اليوم. تقوم نظرية مونرو على أساس أن قارة أمريكا الجنوبية تمثل الفناء الخلفي لأمريكا ولا تسمح لأي قوة عالمية خارجية بتموضع استراتيجي فيها ضد الأمن الوطني الأمريكي.
برز مبدأ مونرو بعد استقلال العديد من دول أمريكا الجنوبية عن الاستعمار الإسباني والبرتغالي، ما جسّد رغبة الولايات المتحدة في إبقاء القوى الأوروبية بعيداً عن هذه القارة وفرض هيمنتها عليها.وظهر التطبيق الأبرز لهذه النظرية خلال الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي السابق، حين فرض الرئيس جون إف كينيدي حصاراً على جزيرة كوبا لمنع إنشاء مواقع إطلاق صواريخ نووية سوفيتية هناك عام 1962 بعد اكتشاف مخططات موسكو بهذا الخصوص.
إلى جانب نظرية مونرو، تحظى حساسية اليمين الأمريكي الذي يمثل القاعدة الانتخابية لترامب بدرجة عالية حيال دول أمريكا الجنوبية. تنبع هذه الحساسية من ضرورة حماية هوية أمريكا كدولة بيضاء ذات قيم مسيحية بروتستانتية سائدة. ولذلك يدعي بعض المفكرين الأمريكيين مثل سامويل هنتنغتون أستاذ العلوم السياسية أن وجود المتحدثين بالإسبانية يشكل تهديداً كبيراً لهوية البيض الأمريكية وقيمهم الأخلاقية.
قد تُفسر السياسات الحالية لترمب المتعلقة بالهجرة بتحجيم تدفق الأقليات العرقية القادمة من جنوب القارة وإغلاق الحدود الجنوبية ومنع الهجرة غير الشرعية وترحيل المهاجرين غير القانونيين؛ حيث أدت هذه السياسات إلى ترحيل أكثر من مليونَي مهاجر خلال هذا العام فقط.
هل الهجوم على فنزويلا حتمي؟
فنزويلا كانت إحدى الدول المؤسسة لمنظمة أوبك عام 1960 وقد استفادت بشكل كبير خلال الحصار النفطي العربي أثناء حرب أكتوبر 1973 بالتعاون مع عدد من الدول العربية. شهدت العلاقات بين فنزويلا وأمريكا تدهورًا شديدًا منذ انتخاب هوغو شافيز رئيسًا لفنزويلا عام 1998، إذ تبنى سياسات اشتراكية لتوزيع ثروة النفط بين الفقراء وتقليل النفوذ الاقتصادي للشركات الأجنبية.
أقام الرئيس الفنزويلي علاقات ثنائية قوية مع أعداء أمريكيين تقليديين مثل إيران وكوبا لمواجهة السياسة الخارجية الأمريكية بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضده عام 2002 وبعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003. واستمرت عدائية واشنطن لفنزويلا وتفاقمت منذ وفاة شافيز وتولي نيكولاس مادورو الرئاسة خلفًا له عام 2013.
فشلت أميركا مرات عدة في تنفيذ انقلابات ومحاولات اغتيال مادورو أو اختطافه عبر رشوة طيار طائرته الخاصة؛ وآخرها كشف رفض الطيار شخصيًا لعروض أمريكية مغرِرة بهذا الشأن مؤخرًا. تتهم إدارة ترامب مادورو بالفساد والاستبداد السياسي وقمع المعارضة وتسهيل دخول المخدرات إلى أراضي أميركا. ويراه ترامب تهديدًا خطيرًا للأمن الوطني الأميركي مما دفع لاشتداد الهجمات العسكرية ضد قوارب فنزويلة الأمر الذي أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص واعتبرتها جماعات حقوق الإنسان تصفيات خارج إطار المحاكم العادلة.
طبيعة الهجمات العسكرية الأميركية ضد فنزويلا
تشير الجزيرة إلى أن التدخل العسكري الأميركي المحتمل بفنزويلا يبدو أمرًا لا مفر منه بناءً على تحليل طريقة تعامل ترامب مع الأزمات الخارجية وإدارته للمداخلات العسكرية المحدودة سابقاً. والسؤال المطروح الآن ما إذا كان ترامب يريد شنّ هجمات محدودة الأهداف أو تدخل قوي يهدف لإسقاط حكومة مادورو بالكامل؟
يوحي سقف الأهداف السياسية الأميركية المحتملة للهجمات العسكرية المرتقبة بفنزويلا بأنها كبيرة وبأن ترامب يسعى لإسقاط حكومة مادورو نهائيّاً. وربما تحمل الأيام القادمة مفاجآت كثيرة فيما يتعلق بأزمة فنزويلا التي قد تواجه خطر اندلاع حرب أهلية تقلق حتى قاعدة دعم دونالد ترامب الانتخابية رغم بساطة فرضياً للهجوم الأميركي عليها من الناحية التكتيكية إلا أن نتائجه ستكون خطيرة للغاية .
