قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام

السلام الأمريكي في أوكرانيا تفاصيل خطة ترامب المثيرة وتداعياتها

يمكن اعتبار مسودة ترامب التي تضم 28 ‍مادة “سلامًا أمريكيًا” لم تُصاغ ⁣لحل الخلافات العميقة بين الأطراف، بل لإعادة​ ترتيب توازن القوى في أوروبا.

وكالة مهر للأنباء،‍ فريق الشؤون الدولية: أثار نشر مسودة الولايات المتحدة المؤلفة من 28 ⁤مادة لإنهاء حرب​ روسيا وأوكرانيا صدمة ⁤على الساحة السياسية العالمية. هذه المسودة التي أعدها ستيف ويتكوف المبعوث الخاص لحكومة ترامب بمشاركة مباشرة من ماركو روبيو ​وبموافقة ترامب ‌نفسه، سُلّمت إلى فلاديمير زيلينسكي في​ كييف ⁢وتحولت ‌خلال نفس الساعة إلى أهم نقاش دبلوماسي ‌يجمع أوروبا وأمريكا.

على عكس الاعتقاد الأولي الذي رآها فكرة بدائية،​ تشكل ⁢هذه المسودة إطارًا ⁣دقيقًا مرحليًّا وتُعد إعادة تعريف لنظام الأمن في شرق أوروبا من حيث الحجم ونطاق الالتزامات.⁢ تجمع الوثيقة‍ بين تنازلات ثقيلة من أوكرانيا وضمانات أمنية مشروطة من ​أمريكا وإنجازات اقتصادية ⁣مهمة لكل من أمريكا وروسيا، وتقترح عملياً نموذج “سلام‌ مفروض”.

تحديد حدود ⁣جديدة والاعتراف⁤ الفعلي بمكتسبات روسيا

تشكل البنود الإقليمية في المسودة أحد أكثر الأجزاء حساسية وحسمًا. البند 21 يعترف صراحة بشبه جزيرة القرم وجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين وجزء من المناطق ⁢الشرقية كمناطق تحت سيادة روسيا.علاوة على ذلك، يجب ‌تحويل⁢ المناطق المتبقية بمحافظة ⁤دونيتسك الخاضعة‍ لسيطرة أوكرانيا إلى​ “منطقة عازلة غير ⁣عسكرية”، وهي منطقة‍ تبدو⁣ حيادية ‌ولكن ​الوثائق الرسمية ⁤تعيد تبعيتها لروسيا.

في محافظتي خيرسون ⁢وزابوريجيا ⁢أيضًا تؤكد المسودة على ‍”تثبيت ⁣خط التماس‌ الحالي”، وهذا يعني عملياً تثبيت الوضع ​الراهن وقبول مكاسب روسيا العسكرية بحكم الأمر الواقع. هذا ‍القرار لا يقلل فقط ‌بشدة من وحدة ​الأراضي الأوكرانية بل يضعف مركز الدفاع عن مناطق حيوية ‌كالسلافيانسك ‍وكراوماتورسك بصورة دائمة.

تقييد هيكلي للجيش⁤ الأوكراني


تقدم الجزء العسكري للمسودة ⁤ضمن البنود 6 إلى 9 خطة لتقليص كبير لقدرات⁤ الدفاع لدى أوكرانيا​ . وفقاً للبند رقم 6 يتم خفض حجم القوات‍ المسلحة ⁤الأوكرانية إلى 600 ألف ​جندي ، بينما يضم الجيش الحالي أكثر⁤ من 900⁤ ألف عنصر نشط واحتياطي. ⁤البند السابع يلزم بإدخال⁣ حظر دائم لانضمام أوكرانيا للناتو ضمن الدستور ويجب أن تعلن الناتو رسميًّأ​ أنّ أوكرانيا ⁤لن تكون عضوَّة ​أبداً .


يحظر البند الثامن جميع أشكال انتشار قوات الناتو​ داخل ⁣الأراضي الأوكرانية ، والخيار الوحيد هو تمركز طائرات قتالية أوروبية⁣ في بولندا⁣ ؛ خيار ذو تأثير معياري ضعيف . هذه⁤ الشروط كلها تصنف أوكرانيا ضمن نطاق دول محايدة بفترة ⁣الحرب الباردة ؛⁤ دولٌ تبدو مستقلة ظاهريًّا لكن⁤ لها حركة محدودة عسكرياً .


ضمانات‌ أمنية مشروطة وهشة


يتحدث أحد الجوانب المثيرة للجدل بوضوح ضمن بند رقم 10 عن ضمان أمني يشبه المادة الخامسة ⁤للناتو . تعد‌ أمريكا برد عملٍ عسكري قوي ومنسق حال تعرضت لهجوم جديد روسي وأن تفرض عقوبات مرة أخرى على موسكو .


لكن​ هذا البند​ يحتوي شروط تقيد وظيفة الضمان بشكل كبير ؛ ففي حالة إطلاق صاروخ⁢ واحد حتى لو كان بسيطاً من قبل أوكرانيا باتجاه موسكو أو سان بطرسبورغ تلغى الحماية فورياً؛ شرط يُحوّل بكل فعالية ‍كل⁤ عمليات ​هجومية وحتى الردع الفعال للأولانزي بلا معنى ويجعلهم رد فعل​ وحيد​ فقط .كما تطلب أمريكا مقابل تقديم⁢ الضمان الأمني⁣ «تعويضات» وهو أمر فريد ومثير⁤ للاهتمام‌ منذ نوعه. ⁢

الحزمة الاقتصادية : دمج إعادة إعمار اوکراین مع مشروع مربح⁤ لأمریکا۔


القسم الاقتصادي بالمسوده واسع الحجم ​مقارنة ⁢بوثائق مماثلة سابقة ۔ ينص بند ال١٤ علی إنفاق مئة مليار⁤ دولار⁤ باعتبارها أصول مجمدة روسية لصالح اعادة بناء ⁢اوکراین مع قضاء نصف ⁣الأرباح امریکیۃ‍ ۔ اوروبا ملزة بتقديم مئة⁣ مليار إضافیة كتمویلات‍ ۔

بنود ​أخرى تشمل ⁣إنشاء صندوق مشترك بين الولايات المتحدة‍ وروسيا للاستثمار في قطاعات مثل الطاقة والذكاء الاصطناعي والمراكز البيانية ⁢ومشاريع القطب الشمالي. كما يبحث بند رقم13 إمكانية إعادة دمج روسيا بالاقتصاد العالمي​ ودعوتها مجددًا للانضمام لمجموعة الثماني G8. تشير‍ الجزئية الاقتصادية بالمخطط أن إدارة ترامب ترى حرب أوكرانيا⁣ فرصة اقتصادية كبيرة مما ‍يعزز إمكانية التعاون الهيكلي مع‌ موسكو.

ردود ​فعل ‌متحفظة لكنها مقلقة لدى كييف

أشار زيلينسكي ردّاً أوليًا إلى وجود ​«حوار جدي ومفيد»، ‍لكنه شدّد على‌ أن ​أي⁢ اتفاق يجب ⁤أن​ يحقق⁤ «سلامًا حقيقياً وعادلاً». أفادت مصادر مقربة ‌منه بأن قبول ⁢التخلي عن أراضٍ ⁣والحظر الدائم لانضمام الناتو يكاد يكون مستحيلاً ‍للحكومة الأوکرانیة۔ وزیر دفاع کییف ⁢الذی یقال إنه⁢ دعم عدة بنود فنیاً لم يتخذ بعد قرارا سیاسیا۔ ⁢يظهر هذا التباين الواضح بین العمل الفني ⁢والقرار السياسي عمق الانقسام داخل الحكومة حول مستقبل ‌الحرب وطريقة ⁣التعامل مع واشنطن۔

صدمة ​سياسية بأوروبا وشعور بالعزلة

واجهت العواصم الأوروبية ​النصوص دون سابق‌ إنذار ⁣تقريبَا؛ أعلنت كايا كالاس ببروكسل «إن خطة مصاغة بدون مشاركة أوروبا وأوکراین محكومة بالفشل». أكّد وزير خارجية بولندا أن «أوروبا‍ تمتلك مصالح أكبر بهذه الحرب مقارنة بأمريكا​ ولا يمكنها ‌الوقوف كمراقب سلبي». وصف⁢ الدبلوماسيون الأوروبيون المسودّة بأنها استمرار للشروط التي طرحتها روسيا خلال مفاوضات اسطنبول ‌عام2022 والتي قُدرت وقتذاك وردّت عليها السياقات … ويرون ⁢أنفسهم الآن بوضع عزلة⁣ وعدم⁢ اطلاع بينما تواجه واشنطن وكييف تحدياً جديداً.

“صمت​ مدروس لموسکو وعلامات رضى”

لم توجه موسکو رد فعل رسمي بعد وقال ديمیتری بيسکوف إن «لا ​مستجد يُذكر»، إلا أنّ مصادر‍ أمريكية⁢ أكدت اطلاع مدير​ صندوق الاستثمار المباشر الروسي علی‍ تفاصيل الوثيقة ووقوع اعتراض محدود⁢ تجاه محتويات مسودیّة ‌بما یؤشر الى توافق کلی حسب ما بدا بخلفیات الأمور ساتھ ارض ‍المطالب الروسية.

>>النتيجة<

يمكن اعتبار مسودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التي تضم ثمانية وعشرين مادة بمثابة مشروع⁢ سلام⁣ أميركي ليس لحل النزاعات ⁣العميقة بين الطرفین وإنما لضبط توازن القوى مجددَ اًَ فی اروباں۔۔⁣ تجعل الوثيقة اوکراينا دولة ⁢محايدة ومحدودية ، وتثبت مكتسباتها​ الروسية وتعزز المكاسب الاقتصادية والاستراتيجية ‍الأمريكية.

ومع ذلك ‍فان نجاح الملف يعتمد‍ بشكل رئيسي​ علي ⁣قبول ثلاثة أطراف أساسية‍ هي كييف وموسكو وأوروبا؛ وفي ظل⁤ الظروف الراهنة لا تتوافق أي منهم بالكامل معه لذلك يبقى‍ مصير‌ المستند⁣ مجهول‪/‬‏
⁤ ‍ ⁣ ⁤ ‍

مصادر الخبر: © وكالة ويبانقاه للأنباء, وكالة ⁢مهر للأنباء,
قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام
زر الذهاب إلى الأعلى