قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام

خبير: إيران تواجه تحديات بسبب نقص علاقة استراتيجية مع قوى عالمية كبرى

أكد محلل سياسي أن عدم وجود علاقة استراتيجية بين إيران وكل من الصين وروسيا والولايات المتحدة يضع طهران أمام تحديات جمة. وأشار إلى أن السياسات المتقلبة لإيران تثير قلق بكين وموسكو.

وبحسب المويبانقاهولي لوكالة ويبنگاه الإخبارية، يرى محمد مهدي خدابخشي أن إيران تواجه تحديات كبيرة نتيجة لعدم وجود علاقات استراتيجية مع القوى العالمية الثلاث: الصين وروسيا والولايات المتحدة.

ويوضح خدابخشي أن العداء الأمريكي لإيران بدأ بعد الثورة الإسلامية باستخدام أدوات مختلفة كالعقوبات، مما حال دون إقامة علاقة استراتيجية مع واشنطن. كما أن التباين في الأنظمة والمفاهيم الفكرية بين البلدين لا يسمح بقيام مثل هذه العلاقة.

ويشير إلى أن إيران لم تترك لها خيارات كثيرة، فإما الصين أو روسيا. ويرى أنه يمكن القول إن الصين أصبحت قوة اقتصادية وتكنولوجية عظمى في السنوات الأخيرة، ولديها علاقات تجارية واسعة مع العديد من دول العالم، وحققت تقدماً كبيراً في مجالات مثل الطاقة والذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فإن نظرة إيران إلى هذين البلدين كانت في الغالب بديلة، بمعنى أنه إذا لم تتعاون أمريكا وأوروبا، فإننا نذهب إلى الصين وروسيا، وليست نظرة استراتيجية طويلة الأجل. مثل هذه النظرة تسببت في النهاية في ارتباك إيران في تحديد مصالحها الحقيقية.

ويضيف أن بعض النشطاء السياسيين في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام يبررون ضرورة وجود علاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة وتجنب التعاون الوثيق مع روسيا أو الصين، وذلك بالاستناد فقط إلى تاريخ القاجار واحتلال روسيا لإيران. ويؤكد أن هذا الاستدلال قد يكون جزءاً من الواقع التاريخي، إلا أنه يتجاهل نقطتين مهمتين:

الأولى: أن هؤلاء الأفراد لا يشيرون إلى عداء الولايات المتحدة لإيران حتى قبل الثورة الإسلامية، والذي بلغ ذروته في تدخل هذا البلد في الإطاحة بحكومة مصدق.

الثانية: أن العلاقات الدولية ليست علاقات ثابتة، فالظروف وسلوك الدول يتغير باستمرار.

ويستشهد بقول الإمام الخميني حول العلاقة مع أمريكا: «إذا فهمونا وأدركوا مصالحنا، فنحن أيضاً مستعدون للعلاقة». ولكن على مدى ما يقرب من خمسة عقود بعد الثورة، لم تُظهر أي من الإدارات الأمريكية مثل هذا التغيير في سلوكها. في المقابل، شهد النظام السياسي في روسيا والصين تحولات جدية، وقد أدت هذه التغييرات إلى تقارب مواقف إيران والصين وروسيا، على الأقل في بعض المجالات.

ويوضح أن انعدام الثقة من جانب الصين وروسيا تجاه إيران ينبع من عدم استقرار عملية صنع القرار في السياسة الخارجية الإيرانية. ويتوقع هذان العملاقان أن تلتزم الدولة التي تدعي شراكة استراتيجية بالثبات والاستمرارية في مواقفها الكلية، إلا أن إيران غيرت سياساتها الكلية مرات عديدة على مدى أربعة عقود.

ويشير إلى أن إيران وجهت أنظارها في بعض الأحيان نحو الغرب، وأطلقت في أحيان أخرى شعارات الابتعاد الكامل عن الغرب، وفي أحيان أخرى تحولت نحو الشرق، دون أن تحول أياً من هذه الأمور إلى استراتيجية طويلة الأجل ومستدامة. فعلى سبيل المثال، تسند تطوير ميناء تشابهار إلى الهند، التي تعتبر داعماً قوياً لإسرائيل وشريكاً للولايات المتحدة، وتتوقع أنه إذا تركت الهند إيران بسبب الضغوط الأمريكية، فإن الصين ستأتي بسرعة لملء الفراغ!

ويؤكد أن التغييرات المتتالية للحكومات في إيران، والخلافات الفصائلية، وعدم وجود صوت موحد من إيران، جعل الصين وروسيا تشعران بأن أي اتفاق مع إيران قد يتعرض للانتكاس أو التعليق أو تغيير المسار مع تغير المناخ السياسي الداخلي. فعلى سبيل المثال، مصير الاتفاقية التي مدتها 25 عاماً والموقعة مع الصين غير واضح.

ويضيف أنه بالإضافة إلى ذلك، استخدمت إيران ورقة الصين وروسيا في أوقات مختلفة لممارسة الضغط على الغرب فقط، وليس كجزء من مشروع استراتيجي طويل الأجل. ويؤكد أن هذه العوامل مجتمعة جعلت الصين وروسيا تعتبران إيران لاعباً لا يمكن التنبؤ به ويفتقر إلى الاستقرار اللازم لبناء شراكة استراتيجية حقيقية.

ويشدد على أن أحد العوامل الأخرى المسببة لعدم الاستقرار في تشكيل نظرة استراتيجية للصين وروسيا في إيران هو الفضاء الذهني والرأي العام، وهو الفضاء الذي تأثر إلى حد كبير بوسائل الإعلام الأجنبية الناطقة بالفارسية وحتى بعض وسائل الإعلام المحلية. فعندما يتم طرح اتفاق مع الصين أو روسيا، تصفه هذه الوسائل الإعلامية بأنه استعماري على الفور. إلى درجة أن البعض ادعى أن إيران باعت جزيرة كيش للصين! هذا النوع من سرد القصص يخلق الخوف والتشاؤم والمقاومة الاجتماعية ضد أي تعاون طويل الأجل مع الشرق، في حين لا يوجد مثل هذا الفضاء في الجانب الآخر.

ويختتم بالإشارة إلى أن روسيا وضعت أحد أهم موانئها في أستراخان تحت تصرف إيران، لكن لم تدع أي وسيلة إعلامية روسية رسمية حتى الآن أن روسيا باعت أستراخان لإيران. ويؤكد أن هذا الاختلاف في الإدارة الإعلامية والفضاء النفسي يجعل تشكيل إجماع وطني في إيران أمراً صعباً، وفي نظر الشركاء الأجانب المحتملين، تبدو إيران دولة يمكن أن يتخذ رأيها العام موقفاً ضد أي قرار استراتيجي بأقل قدر من التحريض الإعلامي، وهذا يقلل من مستوى ثقة القوتين الشرقيتين في طهران.

ويختتم بالقول إنه لا ينبغي لطهران أن تكرر الأخطاء التي ارتكبتها في التسعينيات وأن تسعى فقط إلى وجود الغربيين في إيران. يجب أن تكون أكثر واقعية بشأن قضية الشرق والغرب وأن تجعل علاقتها الحالية مع الصين وروسيا أكثر استراتيجية بحيث يكون لترك هذه العلاقة ضرر على كلا البلدين. وعندما توقع المملكة العربية السعودية، الشريك العسكري والسياسي والاقتصادي الأهم للولايات المتحدة في المنطقة، اتفاقيات مهمة مع الصين في مجال تطوير السكك الحديدية والبناء، فإنها تبعث برسالة مفادها أن على إيران أن تفهم ظهور قوة الشرق بشكل أفضل وأن تحدد مصالحها الرئيسية وتسعى إليها بسرعة.

محمد مهدي خدابخشي

 

©‌ وكالة ويبانقاه للأنباء, محمدمهدی خدابخشی
قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام
زر الذهاب إلى الأعلى