قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام

انطلاق مؤتمر الدوحة 2025 تحت شعار «إرساء العدالة… من الوعود إلى الواقع الملموس»

انطلقت في العاصمة القطرية أعمال مؤتمر الدوحة 2025 بمشاركة واسعة من القادة والسياسيين والدبلوماسيين والخبراء من مختلف دول العالم. المؤتمر الذي يستمر يومين يناقش قضايا إقليمية ودولية ملحة، وعلى رأسها العدوان على غزة.

وبحسب المكتب الدولي لوكالة ويبانقاه الإخبارية، افتتح أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، الدورة الثالثة والعشرين من مؤتمر الدوحة بمشاركة حوالي ستة آلاف شخص من رؤساء الدول والسياسيين والدبلوماسيين الحاليين والسابقين والإعلاميين والخبراء الاجتماعيين والاقتصاديين من أكثر من 160 دولة حول العالم.

استضاف فندق شيراتون الدوحة جلسات مؤتمر الدوحة على مدار يومي السبت والأحد، والذي انعقد هذا العام تحت شعار «إرساء العدالة… من الوعود إلى الواقع الملموس» وتحدث فيه أكثر من 450 متحدثًا. وتناول المتحدثون في هذا المؤتمر الذي استمر يومين قضايا وأزمات إقليمية ودولية، وعلى رأسها العدوان المستمر منذ عامين من قبل النظام الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بالإضافة إلى التطورات في السودان وسوريا واليمن والتحديات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة.

ومن أبرز المتحدثين في هذا المؤتمر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، ونواف سلام رئيس وزراء لبنان، وأحمد الشرع رئيس النظام السوري، وهاكان فيدان وزير خارجية تركيا، وبدر عبد العاطي وزير الشؤون الخارجية المصري، وخوسيه مانويل ألبارس وزير الشؤون الخارجية الإسباني، ونجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق، ومصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، وهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة وبيل غيتس مدير ومؤسس شركة مايكروسوفت.

وأكد أمير قطر في رسالة نشرها على شبكات التواصل الاجتماعي حول مؤتمر الدوحة أن «مؤتمر هذا العام ينعقد في ظل ظروف إقليمية ودولية تتطلب جهودًا منسقة لخفض التوتر ودعم السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، من خلال إرساء العدالة وتعزيز التنمية البشرية ومبادئ الحلول السلمية لمختلف الصراعات».

وفي كلمته في افتتاح مؤتمر الدوحة، أكد محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، أن التحديات التي تواجه المنطقة لا يمكن فصلها عن تراجع احترام القوانين الدولية الذي يشهده العالم.

وأشار إلى أن «العدالة غالبًا ما تغيب في سياق القانون الدولي»، مؤكدًا أن الحلول العادلة وحدها يمكن أن تخلق سلامًا دائمًا في العالم.

وخلال كلمته في إحدى جلسات المؤتمر، أوضح آل ثاني أن «وقف إطلاق النار الكامل في غزة لا يمكن اعتباره متحققًا دون انسحاب إسرائيل من قطاع غزة»، مؤكدًا أن «المفاوضات جارية لرسم مسار المرحلة التالية في قطاع غزة».

وحذر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني من أن «انتهاك إسرائيل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يمثل تهديدًا بإعادة إشعال الصراع».

وفيما يتعلق بالاتهامات الموجهة إلى قطر بتقديم الدعم المالي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، صرح بأن «هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة وكلها مجرد اتهامات»، مضيفًا أن «علاقة قطر بحماس بدأت قبل 13 عامًا بناءً على طلب من الولايات المتحدة».

وأكد وزير الخارجية القطري أن السلام في المنطقة لا يتحقق دون مشاركة جميع الأطراف، مشيرًا إلى أن بلاده ستواصل دعم الشعب الفلسطيني، لكنها «لن تخصص ميزانية لإعادة بناء ما دمره الآخرون»، في إشارة إلى تدمير إسرائيل لقطاع غزة خلال عامين من الإبادة الجماعية.

وفي إحدى جلسات المؤتمر التي عقدت تحت عنوان «إيران والفضاء الأمني المتغير في المنطقة»، تمت مناقشة الوضع الأمني في المنطقة بعد الهجمات الإسرائيلية والأمريكية على إيران بحضور جاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ومحمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني السابق وناتالي توتشي مديرة معهد الشؤون الدولية.

وقال ظريف في كلمته: «إيران مرت بسبعة آلاف عام من العواصف المختلفة. لقد تعرضنا للغزو والاحتلال، لكننا لم نفن أبدًا. ما زلنا صامدين وسنظل صامدين».

وأضاف: «بعد الهجمات الأمريكية والإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، أظهرت طهران أنها قادرة على إلحاق أضرار جسيمة بإسرائيل».

كما أشار ظريف إلى أن إخلاء القواعد العسكرية الأمريكية قبل هجماتها على إيران يدل على قوة إيران، وتساءل: «متى اضطرت الولايات المتحدة إلى إخلاء قواعدها قبل مهاجمة دولة في المنطقة؟».

من جانبها، أكدت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في كلمتها في جلسة الدوحة على أهمية الالتزام بالدبلوماسية الفعالة والقوانين الدولية لمواجهة التحديات المعقدة، قائلة إن «أمريكا تمر بمرحلة حساسة في علاقتها بقيمها الأساسية ودورها في السياسة العالمية».

وفيما يتعلق باستراتيجية دونالد ترامب، أكدت كلينتون أنه «هناك تركيز كبير على الابتعاد عما أعتبره قيمًا أمريكية أساسية، ومن الضروري إعادة النظر في التوجهات الحالية للسياسة الخارجية الأمريكية».

إن العدوان الذي يشنه النظام الصهيوني ضد قطاع غزة لم يعد مجرد أزمة إنسانية، بل تحول في نظر المشاركين الغربيين والعرب في اجتماع الدوحة إلى اختبار واضح لمصداقية الخطاب الأوروبي حول حقوق الإنسان وسيادة القانون.

كما أكد هاكان فيدان وزير خارجية تركيا في اجتماع الدوحة أن أنقرة تسعى منذ بداية الحرب في أوكرانيا وغزة إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية.

وقال: «نحن نواجه أزمات عديدة في غزة وأوكرانيا، وقد طالبنا بوقف إطلاق النار منذ البداية».

كما أعرب فيدان عن استعداد تركيا للعب دور في إحلال السلام في غزة، موضحًا أن هناك محادثات جارية لتشكيل قوة لتحقيق الاستقرار في غزة.

وانتقد خوسيه مانويل ألبارس وزير الشؤون الخارجية الإسباني إسرائيل، قائلًا إن «كل من يبدأ حربًا لا ينبغي أن يكافأ، بل يجب أن يقدم تنازلات».

وشدد على أن «الوقت قد حان لتأسيس دولة فلسطينية حقيقية تشمل الضفة الغربية وغزة تحت حكومة فلسطينية واحدة. عنف المستوطنين خرج عن السيطرة، وحل الدولتين هو السبيل الوحيد الحقيقي للسلام للفلسطينيين والإسرائيليين».

وأوضح ألبارس أن «قرار بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية كان بسبب العدالة للشعب الفلسطيني، على الرغم من الانتقادات التي واجهتها إسبانيا».

وكان أبرز وأكثر الخطابات تأثيرًا في اجتماع الدوحة من نصيب السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية. وقد قوبل خطابه برد فعل ملحوظ تجلى في تفاعل المشاركين داخل القاعة.

وخلال كلمته، صرح البرغوثي بأن «غزة وفلسطين بشكل عام أصبحتا معيارًا حقيقيًا لقياس مصداقية العدالة الدولية»، وأعرب في الوقت نفسه عن دهشته وشكه في معنى القيم الأوروبية التي يتم تطبيقها بشكل انتقائي.

وفي إشارة إلى تصريحات كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، التي ذكرت أنه لا يمكن مساواة المعتدي والضحية في سياق الحرب الروسية على أوكرانيا، انتقد البرغوثي النهج الأوروبي تجاه العدوان على قطاع غزة، ثم تساءل: «ألا يمكن تطبيق نفس المبدأ على الحرب الإسرائيلية على غزة أيضًا؟ هذا التناقض لا يمثل فشلًا أخلاقيًا فحسب، بل يحول القانون الدولي إلى أداة سياسية تستخدم على أساس المصالح وليس المبادئ».

وحذر البرغوثي من أن «استمرار هذا المعيار المزدوج لا يهدد الفلسطينيين فحسب، بل يقوض أيضًا أسس النظام الدولي القائم على القانون ويدفع العالم نحو منطق القوة بدلًا من القانون».

 

©‌ وكالة ويبانقاه للأنباء, الجزيرة, مهر
قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام
زر الذهاب إلى الأعلى