تورط أوروبي خفي في دعم إرهابيي قوات الدعم السريع في السودان

وبحسب المكتب الدولي لوكالة ويبانقاه الإخبارية، كان السودان على شفا أزمة طويلة الأمد قبل اندلاع الحرب العلنية في أبريل 2023. إذ خلفت عقود من الحكم الاستبدادي بقيادة عمر البشير اقتصادًا هشًا وقوات أمنية متفرقة وهياكل شبه عسكرية متجذرة.
بعد سقوط عمر البشير في أعقاب انقلاب عام 2019، فشلت الفترة الانتقالية بين المدنيين والعسكريين في توحيد الفصائل المتناحرة. وبالتالي، تحول عدم الاستقرار السياسي والتمردات المحلية والمنافسة الشديدة بين القوات المسلحة السودانية (SAF) وقوات الدعم السريع (RSF) إلى حرب شاملة.
على الرغم من المسافة الجغرافية، يلعب الاتحاد الأوروبي دورًا فعالًا في هذه التطورات. وعلى مدى عقد من الزمان تقريبًا، اتبع الاتحاد استراتيجية “تدويل” إدارة الهجرة، وإدارة المساعدات والتدريب والمعدات المقدمة للدول الأفريقية بحجة الحد من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
كان لهذا النهج في السودان عواقب وخيمة ومدمرة غير مقصودة، حيث اختلطت الأموال المخصصة لـ “إدارة الهجرة” و”بناء القدرات” بتهريب الأسلحة والمراقبة الضعيفة.
واصلت الحكومات الأوروبية، وخاصة بريطانيا، مساعداتها بينما كانت تعلم أن هذه الأموال ستتحول إلى معدات تصل إلى قوات الدعم السريع.
بين عامي 2014 و 2018، ضخ الاتحاد الأوروبي أكثر من 200 مليون يورو (حوالي 232 مليون دولار) إلى السودان من خلال “صندوق الاتحاد الأوروبي الاستئماني للطوارئ من أجل أفريقيا (EUTF)” و”خطة إدارة أفضل للهجرة”. وعززت هذه الأموال التعاون بين الاتحاد الأوروبي والهياكل الأمنية السودانية، بما في ذلك الوحدات التي اندمجت لاحقًا في قوات الدعم السريع.
في أوائل عام 2017، حذر “مشروع إيناف” (Enough Project) في تقرير بعنوان “مراقبة الحدود من الجحيم” من أن “أخطر جانب في الدور المتزايد لأوروبا في السودان هو أن قوات الدعم السريع قد تستفيد من المساعدة المالية الأوروبية.
بعد ذلك بعامين، اضطر الاتحاد الأوروبي إلى تعليق العديد من الأنشطة المتعلقة بمراقبة الهجرة في السودان بسبب مخاوف بشأن احتمال تحويل الموارد لأغراض قمعية. وكشفت دويتشه فيله هذا الأمر بتقديم وثيقة أوروبية رسمية.
تثير هذه التناقضات سؤالًا أساسيًا: إذا كان الاتحاد الأوروبي على علم بمخاطر تحويل الموارد، فلماذا استمر في ضخ مئات الملايين من اليورو إلى السودان في ظل ضعف الرقابة على عملية الإنفاق؟
الأسلحة الأوروبية في حرب السودان
مع تعمق الصراع، تم العثور على أسلحة وذخائر أجنبية، معظمها أوروبية، في صفوف قوات الدعم السريع. أثبتت الصور الموثوقة وتحليل المصادر المفتوحة وتتبع الأرقام التسلسلية وجود أسلحة أوروبية الصنع في حرب السودان.
في نوفمبر 2024، نشرت منظمة العفو الدولية تحقيقًا أظهر أن ناقلات الجنود المدرعة “نمر عجبان” كانت مجهزة بأنظمة دفاعية من صنع شركة غالكس الفرنسية. ونشرت المنظمة صوراً ومقاطع فيديو من عدة مواقع في السودان، وخلصت إلى أن نشر هذه الأنظمة في دارفور يشكل انتهاكًا لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على المنطقة منذ سنوات.
أظهرت التحقيقات الميدانية التي أجرتها فرانس 24 ورويترز في أبريل الماضي أن قذائف الهاون عيار 81 ملم التي عثر عليها ضمن أسلحة قوات الدعم السريع في شمال دارفور، كانت من أصل بلغاري. تتطابق العلامات الموجودة على الذخيرة مع قذائف الهاون التي تصنعها شركة بلغارية.
في أكتوبر الماضي، كشفت صحيفة الغارديان أن معدات عسكرية بريطانية، بما في ذلك أنظمة استهداف الأسلحة الخفيفة والمحركات المدرعة، كانت في حوزة قوات الدعم السريع.
تشير هذه المعلومات مجتمعة إلى أن الأسلحة المصنوعة في أوروبا قد وصلت إلى أيدي أطراف النزاع في السودان على الرغم من الحظر والضمانات. ومع ذلك، واصلت الحكومات الأوروبية، وخاصة بريطانيا، إصدار تراخيص جديدة لمصدري الأسلحة على الرغم من علمها بأن معداتها قد وصلت إلى أيدي قوات الدعم السريع.
