قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام

أمريكا تصادر ناقلة نفط فنزويلية: استعراض قوة أم سرقة موارد؟

صادرت القوات الأمريكية مؤخراً ناقلة نفط تحمل نفطاً فنزويلياً، مما أثار تساؤلات حول الأهداف الحقيقية للإدارة الأمريكية وتداعيات هذه السياسات المتوترة. وتسعى واشنطن لتبرير هذه الخطوة بذريعة مكافحة المخدرات ودعم الديمقراطية، بينما تشير التحليلات إلى أن الهدف الرئيسي هو إضعاف الحكومة الفنزويلية.

وبحسب المكتب الدولي لوكالة ويبانقاه الإخبارية، تشير التطورات الأخيرة في منطقة البحر الكاريبي إلى أن الولايات المتحدة تنتهج مرة أخرى مسار المغامرة العسكرية، وهو المسار الذي لم يسفر عن شيء سوى زعزعة الاستقرار والعقوبات ومصادرة الثروات الطبيعية لشعوب أمريكا اللاتينية المستقلة على مدى سنوات.

يثير التوقيف الأخير لناقلة نفط تحمل نفطاً فنزويلياً من قبل القوات الأمريكية والزيادة الكبيرة في الوجود العسكري لواشنطن في المنطقة، مرة أخرى، أسئلة جدية حول الأهداف الحقيقية لحكومة ترامب، وطبيعة أفعالها، والعواقب المحتملة لهذه السياسات المتوترة.

في حين تحاول الولايات المتحدة تبرير أفعالها بذرائع مثل مكافحة المخدرات ودعم الديمقراطية، تظهر الأدلة والتحليلات بوضوح أن الهدف الرئيسي لواشنطن هو إضعاف الحكومة الفنزويلية الشرعية والسيطرة على موارد الطاقة الهائلة في هذا البلد.

هل تتجه أمريكا نحو عملية برية؟

تظهر تصريحات دونالد ترامب في الأيام الأخيرة أن البيت الأبيض يحتفظ عمداً بمساحة من الغموض والتهديد العسكري. وفي حديث لترامب مع موقع بوليتيكو، وبينما ادعى صراحة أن أيام مادورو باتت معدودة، سعى إلى إبقاء التهديد على مستوى غير محدد ولكنه قابل للتوسع، بالتهرب من إجابة واضحة حول احتمال إرسال قوات برية.

هذا التكتيك، الذي شوهد سابقاً في ملفات إيران وكوريا الشمالية وحتى المكسيك، هو جزء من استراتيجية الغموض الهادف التي تتبعها حكومة ترامب؛ وهو النهج الذي يسعى إلى الحصول على امتيازات سياسية دون الدخول في حرب شاملة، بالاعتماد على استعراض القوة والضغط النفسي والعمليات المحدودة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن واقع الميدان يظهر أن واشنطن تجاوزت حدود التهديد وتقوم بتهيئة الأرضية لعمل عسكري بشكل جدي. إن الانتشار الواسع النطاق لأسطول البحرية الأمريكية في منطقة البحر الكاريبي، بما في ذلك حاملة الطائرات جيرالد فورد، التي تعتبر أكبر حاملة طائرات في العالم، وزيادة العمليات المشتركة بين خفر السواحل والبحرية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، يعطي صورة واضحة لتشكيل حلقة ضغط عسكري حول فنزويلا.

وفي هذا الصدد، يعتقد العديد من المحللين أن واشنطن تتقدم عملياً في عمليات برية محدودة؛ وهي عمليات يمكن أن تتخذ شكل هجوم على قواعد عسكرية أو مراكز لوجستية أو معسكرات لجماعات تعتبرها أمريكا هدفاً أمنياً. هذا النمط طبقته القوات الأمريكية لسنوات في مناطق مختلفة من العالم؛ عمليات صغيرة وسريعة ومنخفضة التكلفة تهدف إلى خلق حالة من عدم الاستقرار وإرسال رسالة تهديد والتمهيد لمزيد من الضغوط.

توقيف ناقلة نفط؛ استعراض قوة أم سرقة موارد؟

في صميم هذه التطورات، يمثل توقيف القوات الأمريكية لناقلة نفط تحمل نفطاً فنزويلياً، والذي نشره المدعي العام الأمريكي، علامة فارقة مهمة. هذا العمل جدير بالملاحظة من عدة جهات:

أولاً، أن العملية نفذت في المياه الدولية وتشكل انتهاكاً صارخاً لقوانين البحار والسيادة الوطنية لفنزويلا. ثانياً، تحاول الحكومة الأمريكية تبرير عملها في إطار مكافحة الإرهاب من خلال نسبة هذه الناقلة إلى جماعات قريبة من إيران؛ وهو النهج الذي أصبح أداة مشتركة لواشنطن لغزو الدول لسنوات.

بالإضافة إلى ذلك، يجب تحليل توقيف الناقلة في إطار سياسة أمريكا القديمة للسيطرة على موارد الطاقة الفنزويلية. وشددت كاراكاس مراراً وتكراراً على أن هدف أمريكا ليس المخدرات ولا الديمقراطية ولا حقوق الإنسان؛ بل ثروة النفط والغاز الفنزويلية التي لا نهاية لها، والتي تسعى واشنطن إلى مصادرتها. كما أن البيان الشديد اللهجة للحكومة الفنزويلية بعد توقيف الناقلة، أشار بالتحديد إلى هذه النقطة، وأعلن أن هذه العملية تكشف حقيقة سياسات أمريكا؛ وهي السياسة التي تسعى منذ سنوات، بتبريرات واهية، إلى السيطرة على ثروات الشعب الفنزويلي.

كما أن هذا العمل يوجه رسالة واضحة إلى ناقلات النفط الأخرى التي تنوي نقل النفط الفنزويلي: أي سفينة تدخل دورة تجارة الطاقة في هذا البلد مهددة من قبل أمريكا. وفي الواقع، تحاول واشنطن بهذه الإجراءات إكمال الحصار الاقتصادي على فنزويلا وشل صادراتها النفطية.

أزمة جديدة تخلقها واشنطن؛ من الفنتانيل إلى الإرهاب المرتبط بالمخدرات

من أجل إضفاء الشرعية على أعمالها العسكرية في منطقة البحر الكاريبي، وضعت إدارة ترامب ادعاء مكافحة تهريب المخدرات على رأس دعايتها الإعلامية. لكن الحقيقة هي أن الجزء الأكبر من الفنتانيل الذي يدخل الولايات المتحدة يأتي من المكسيك وشبكات المخدرات في ذلك البلد؛ وليس من فنزويلا. ومع ذلك، صنفت أمريكا بعض الجماعات الفنزويلية كمنظمات إرهابية أجنبية وتستخدم هذا اللقب كملصق قانوني لتبرير العمليات العسكرية. الهجمات الأمريكية العديدة على القوارب في منطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، والتي خلفت حتى الآن عشرات القتلى، نفذت في هذا الإطار.

حتى أن إحدى حالات الهجوم المزدوج، التي استهدف فيها الناجون أيضاً، وصفتها بعض منظمات حقوق الإنسان بأنها جريمة حرب.

ومع ذلك، لا تزال واشنطن تصور هذه الإجراءات على أنها قانونية تماماً؛ وهو ادعاء واجه معارضة واسعة النطاق من قبل الحقوقيين وأعضاء الكونغرس، بل إن بعض أعضاء لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب وصفوها بأنها خطوة واضحة نحو الحرب.

ما هي الأهداف الحقيقية لأمريكا في فنزويلا؟

تحليل سلوك إدارة ترامب يظهر أن أهداف واشنطن تتجاوز بكثير الادعاءات الرسمية. وأهم الأهداف هي:

1. الإطاحة بحكومة مادورو وإعادة فنزويلا إلى منظومة الهيمنة الأمريكية

من وجهة نظر واشنطن، فنزويلا ليست مجرد دولة في أمريكا اللاتينية؛ بل هي أكبر مالك لاحتياطيات النفط في العالم، وفي حالة الاستقلال السياسي، يمكن أن تكون قوة اقتصادية وجيوسياسية مهمة في المنطقة. إن مقاومة حكومة مادورو للضغوط الأمريكية وعلاقات كاراكاس الوثيقة مع روسيا والصين وإيران غير مقبولة بالنسبة لواشنطن.

2. استعراض القوة وتعزيز القيادة الأمريكية في نصف الكرة الغربي

شدد ترامب مراراً وتكراراً في استراتيجيته للأمن القومي على إحياء قوة أمريكا في نصف الكرة الغربي. إن وجود أكبر حاملة طائرات أمريكية بالقرب من فنزويلا هو أيضاً جزء من هذا الاستعراض للقوة.

3. منع وجود الصين وروسيا في المنطقة

تخشى واشنطن من أن التعاون الاقتصادي والعسكري بين فنزويلا والصين وروسيا سيخل بالتوازن التقليدي للقوى في المنطقة. ولهذا السبب، تحاول إبعاد حكومة مادورو عن هذا المحور بالضغط العسكري والاقتصادي.

4. هندسة نصر سياسي لترامب

تحتاج إدارة ترامب إلى تقديم إنجاز خارجي عشية الانتخابات أو الأزمات الداخلية. ويمكن تقديم سقوط حكومة مادورو باعتباره مثل هذا الإنجاز؛ حتى لو كانت له عواقب وخيمة على المنطقة.

نتيجة

تظهر مجموعة التطورات الأخيرة أن فنزويلا تتعرض مرة أخرى لضغط شامل من قبل أمريكا؛ وهو الضغط الذي يتراوح بين الحصار الاقتصادي والتهديد العسكري وتوقيف ناقلات النفط. وفي حين تحاول واشنطن تبرير هذه الإجراءات في إطار مفاهيم مثل مكافحة المخدرات أو دعم الديمقراطية، فإن الحقيقة هي أن الهدف الرئيسي هو كسر إرادة الشعب الفنزويلي ومصادرة موارده الهائلة من الطاقة.

ولكن على عكس ما تتصوره أمريكا، قاومت حكومة مادورو حتى الآن، كما أن جزءاً كبيراً من الشعب الفنزويلي يقف في وجه التدخل الأجنبي على الرغم من الضغوط الاقتصادية. ويظهر سلوك حكومة ترامب أن البيت الأبيض يتحرك في اتجاه المزيد من التوتر وقد يدفع المنطقة نحو مواجهة خطيرة. مستقبل هذه الأزمة غير واضح، ولكن هناك نقطة واحدة واضحة: لقد تحولت فنزويلا مرة أخرى إلى مسرح تكتسب فيه مقاومة الأمة لضغوط قوة أجنبية معنى وأهمية تاريخية.

 

©‌ وكالة ويبانقاه للأنباء, Mehrnews
قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام
زر الذهاب إلى الأعلى