لماذا تقلق الولايات المتحدة من تطور العلاقات بين السعودية والصين
![[object Object] /الصين , السعودية , الولايات المتحدة , العلاقات الدولية , الاقتصاد العالمي](/wp-content/uploads/2025/12/webangah-7d8d06eea9127de09b54338a644a1c207c4599e1622be262ee39d99f00a76ecd.jpg)
وبحسب المكتب الدولي لوكالة ويبانقاه الإخبارية، شهدت السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في العلاقات بين الصين والمملكة العربية السعودية، وهو تحول أعاد تشكيل المعادلات التقليدية في الشرق الأوسط وترك بصماته على هيكل التنافس بين القوى الكبرى. بدأت العلاقات بين البلدين في تسعينيات القرن الماضي بالتركيز على التعاون في مجال الطاقة، لكنها تطورت اليوم إلى شراكة متعددة الأبعاد تشمل التكنولوجيا والأمن والبنية التحتية والسياسة الإقليمية. زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ التاريخية إلى الرياض في ديسمبر 2022 وتوقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة مثلتا بداية مرحلة جديدة تعكس رغبة البلدين في تعميق التعاون.
يتزامن هذا التحول مع تراجع الثقة السعودية في سياسات واشنطن وسعي الصين لتعزيز نفوذها العالمي، مما جعل هذه الشراكة تحديًا رئيسيًا للولايات المتحدة في سياق المنافسة بين القوى العظمى. في إطار مبادرة الحزام والطريق، تحتاج الصين إلى وصول مستدام إلى مصادر الطاقة وطرق تجارية آمنة، بينما تسعى السعودية، باقتصادها القائم على النفط ورؤية 2030 الطموحة، إلى جذب الاستثمارات الأجنبية ونقل التكنولوجيا وتطوير الطاقة المتجددة وتحقيق توازن سياسي بين الشرق والغرب.
وصلت العلاقات الثنائية إلى مستويات غير مسبوقة من التعقيد والتنوع، حيث أصبحت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، توفر حوالي 18% من واردات الصين النفطية. كما نفذت الشركات الصينية عشرات المشاريع الكبرى في المملكة، بدءًا من مفاعلات نووية موفرة للطاقة وحتى تطوير شبكات الجيل الخامس والاستثمار في الصناعات البتروكيماوية. تعتمد الشراكة السياسية بين البلدين على مبدأ “عدم التدخل”، وهو ما يخدم مصالح الرياض في مواجهة الضغوط الغربية حول حقوق الإنسان، ويمنح بكين دعمًا في قضايا مثل شينجيانغ وهونج كونج.
في المجال الأمني، تطور التعاون منذ شراء السعودية صواريخ باليستية صينية في ثمانينيات القرن الماضي، ليشمل اليوم إنتاج طائرات مسيرة ومناورات مشتركة وتبادل معلوماتي. تثير هذه التطورات قلق واشنطن، خاصة مع تراجع الاعتماد السعودي التقليدي على الأسلحة الأمريكية. من الناحية الاقتصادية، يهدد استخدام اليوان في المعاملات النفطية نظام البترودولار، بينما يحرم التوسع الصيني في السوق الشركات الأمريكية من فرص استثمارية كبرى.
تمثل الشراكة السعودية الصينية نموذجًا جديدًا للعلاقات بين القوى الاقتصادية والدول النامية، قائمًا على المصالح المشتركة وعدم التدخل السياسي. قد يشجع نجاح هذا النموذج دولًا أخرى على تقليص اعتماد على الدولار، مما يهدد الهيمنة الأمريكية على النظام المالي العالمي. رغم المحاولات الأمريكية الأخيرة لتعزيز العلاقات مع الرياض عبر اتفاقيات في مجالات الدفاع والذكاء الاصطناعي، يبقى مدى فعالية هذه الجهود محل تساؤل في ظل الزخم المتصاعد للتعاون السعودي الصيني.
