قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام

إدارة ترامب وعقيدة مونرو: لماذا تحولت فنزويلا إلى ساحة مواجهة؟

تشهد العلاقات الأمريكية الفنزويلية مرحلة بالغة الحساسية مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث تتزايد التحركات العسكرية والضغوط الاقتصادية في إطار استراتيجية جديدة تعتمد على القوة الصلبة.

وبحسب المكتب الدولي لوكالة ويبانقاه الإخبارية، تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا تصعيداً غير مسبوق منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة. حيث شملت الإجراءات الأمريكية الأخيرة احتجاز ناقلة النفط «سكيبر» في البحر الكاريبي، وفرض عقوبات على أقارب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، ونشر آلاف الجنود الأمريكيين في المنطقة. هذه الخطوات يُنظر إليها على أنها مؤشر لانتقال واشنطن من الضغوط الاقتصادية إلى استخدام القوة العسكرية المباشرة.

يتميز التصعيد الحالي بإطار استراتيجي واضح، حيث أعاد ترامب إحياء عقيدة مونرو في الوثائق الأمنية الوطنية، مؤكداً على الهيمنة الأمريكية على نصف الكرة الغربية واعتماد الأدوات العسكرية بدلاً من الدبلوماسية. كما أن فشل إدارة بايدن في إدارة الأزمة الفنزويلية عبر المفاوضات، أتاح لترامب تعزيز سياسة الضغط الأقصى تحت مبرر «الحسم الاستراتيجي».

في هذا السياق، لم يعد الضغط الاقتصادي الأداة الرئيسية، حيث يمثل احتجاز الناقلة «سكيبر» في ديسمبر الماضي عرضاً للقوة العسكرية الأمريكية في واحدة من أكثر الممرات المائية حساسية. كما فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على شركات شحن تعمل في قطاع النفط الفنزويلي، في خطوة تهدف إلى تعطيل الشبكات المالية الداعمة لحكومة كاراكاس.

في الوقت نفسه، يتزايد الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة مع نشر حاملة الطائرات «يو إس إس جيرالد فورد» وغواصات وطائرات مقاتلة من طراز إف-35، مما يبرز البعد العسكري في التحول الاستراتيجي لواشنطن. إلا أن محللين يشككون في المبررات الرسمية للولايات المتحدة، ويرون أن هذه الإجراءات تندرج في إطار الضغط السياسي والاستراتيجي أكثر من كونها جهوداً لمكافحة تهريب المخدرات.

يعيد إحياء عقيدة مونرو تعريف دور أمريكا اللاتينية في الحسابات الجيوسياسية الأمريكية، حيث يُنظر إلى أي نفوذ لقوى غير غربية في المنطقة على أنه تهديد للمصالح الأمريكية. وتتحول فنزويلا إلى نموذج بارز في هذه الاستراتيجية، حيث تهدف واشنطن إلى إرسال رسالة واضحة للدول التي تسعى لسياسة خارجية مستقلة، مثل البرازيل وكولومبيا والمكسيك.

على الصعيد الدولي، تمثل هذه السياسة تحذيراً لروسيا والصين، اللتين عززتا وجودهما في أمريكا اللاتينية، حيث أصبحت فنزويلا نقطة ارتكاز لهما. وتعتبر واشنطن أن الدعم العسكري الروسي والاقتصادي الصيني يشكل تحدياً مباشراً لهيمنتها في نصف الكرة الغربي.

في خضم هذا التصعيد، يتساءل المراقبون عما إذا كانت التحركات الأمريكية تمهيداً لمواجهة عسكرية أم أنها جزء من استراتيجية الردع. فبينما تدرس واشنطن خيارات تتراوح بين ضربات جوية محدودة وسيناريوهات أوسع، تبقى العقبات السياسية والعملية أمام حرب شاملة كبيرة. من جهتها، تعتمد حكومة مادورو على استراتيجية المقاومة الطويلة لرفع تكلفة أي تدخل عسكري.

في النهاية، يبدو أن المسار الأكثر احتمالاً هو استمرار الضغوط المتنوعة، بهدف إجبار مادورو على التراجع دون الدخول في مواجهة مباشرة.

 

©‌ وكالة ويبانقاه للأنباء, https://www.mehrnews.com
قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام
زر الذهاب إلى الأعلى