فقدان التوازن الاستراتيجي.. الخطر الوجودي الأكبر على الكيان الصهيوني
![[object Object] /الكيان الصهيوني , فقدان التوازن الاستراتيجي , طوفان الأقصى , المقاومة الفلسطينية , أزمة غزة](/wp-content/uploads/2025/12/webangah-166bf7890ecc8a27b7f06788a0824153a8935a74c49ddadbe214f6a2005d0373.jpg)
وبحسب المكتب الدولي لوكالة ويبانقاه الإخبارية، يعيش الكيان الصهيوني حالة من فقدان التوازن الاستراتيجي الذي قد يتحول إلى خطر وجودي. تفاقمت هذه الأزمة بشكل واضح منذ تشكيل تحالف بين حزب الليكود والتيارات الصهيونية المتطرفة أواخر عام 2022، وخاصة بعد بدء عملية طوفان الأقصى.
تمثل هذه الأزمة مشكلة هيكلية داخلية وخارجية نابعة من طبيعة المجتمع الصهيوني وسيطرة التيارات اليمينية المتطرفة على النظام الحاكم، مما يجعل الخروج منها أمراً بالغ الصعوبة. ويعني فقدان التوازن الاستراتيجي عجز دولة أو كيان عن الحفاظ على استقراره الاستراتيجي طويل الأمد، مما يدفعه إلى دوامة من الاضطرابات المستمرة التي يعجز عن التكيف معها أو الخروج منها.
قد يؤدي هذا الوضع إلى انزلاق النظام إلى فوضى سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية، أو حتى اندلاع صراعات داخلية ومواجهات خارجية غير محسوبة العواقب. في مثل هذه الظروف، تقود النخبة الحاكمة عملية “تدمير ذاتي” يصعب التعافي من نتائجها الكارثية.
العقلية التي أدت إلى فقدان التوازن الاستراتيجي
بعد أن أنقذته الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب من “مستنقع غزة”، يتمكن نتنياهو وفريقه الحاكم في الأراضي المحتلة من التنفس الصعداء والتباهي بسيطرة جيش الكيان الصهيوني على لبنان وسوريا وغزة. إلا أن هذه التطورات لن تحل أزمة فقدان التوازن الاستراتيجي، لأن العقلية الصهيونية القائمة على التفوق والعزلة والهيمنة تفتقر إلى القدرة على التفكير المتوازن.
كما أن الشعور التاريخي بعدم الأمن وعدم الثقة بالآخرين والعداء تجاههم، يؤدي إلى قرارات وتوجهات خاطئة تفرض أوضاعاً مهينة وغير متكافئة تجعل التعايش معها مستحيلاً.
مكونات فقدان التوازن الاستراتيجي
يمكن تلخيص مكونات أزمة فقدان التوازن الاستراتيجي للكيان الصهيوني في النقاط التالية:
1. كشفت الاحتجاجات الواسعة عام 2023 ضد الإصلاحات القضائية عن الهوة السياسية والاجتماعية بين التيارات العلمانية والتيارات التلمودية، مع تجليات واضحة في أزمة تجنيد اليهود الحريديم.
2. الأزمة غير المسبوقة بين الحكومة والجيش وجهاز الشاباك، خاصة خلال العامين الماضيين أثناء معارك طوفان الأقصى، والتي أدت إلى استقالات قيادية بارزة.
3. التناقض البنيوي بين التوسع الاستيطاني والمتطلبات الاستراتيجية للاستقرار، مع استمرار مشاريع التهويد في القدس والضفة الغربية.
4. تراجع ثقة الرأي العام بالحكومة والجيش وفقدان الشرعية الداخلية وفق معظم استطلاعات الرأي.
5. فشل نظام الردع التقليدي وتبني أساليب عنفية أدت إلى تدهور صورة الكيان عالمياً.
6. تعدد الجبهات العسكرية الذي يستنزف موارد الكيان الصهيوني.
7. التقليل من قدرات المقاومة واتباع فرضيات أمنية خاطئة.
8. العزلة الدولية المتزايدة والمحاكمات أمام العدالة الدولية.
دور المقاومة في أزمة الكيان الصهيوني
لعبت المقاومة الفلسطينية وخاصة حركة حماس دوراً محورياً في دفع الكيان الصهيوني نحو فقدان توازنه الاستراتيجي خلال معارك طوفان الأقصى، حيث استهدفت نظام الردع الصهيوني وأجبرته على التحول من التخطيط الاستراتيجي إلى إدارة الأزمات.
كشفت المقاومة هشاشة الوضع الداخلي للكيان الصهيوني، بينما زادت الممارسات العنيفة ضد المدنيين في غزة من الغضب الدولي والضغوط على تل أبيب.
في هذا السياق، لم تكن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تدهور الوضع الدولي للكيان الصهيوني مبالغاً فيها، حيث وصفها محللون بأنها “إنقاذ من انتحار سياسي”.
سيناريوهات مستقبلية
رغم أن وقف إطلاق النار في غزة وقرار مجلس الأمن قد قدما حلاً جزئياً، إلا أن المشاكل الهيكلية المسببة لفقدان التوازن الاستراتيجي ما تزال قائمة. وفي حال استمرار الأوضاع الحالية، فإن ثلاثة سيناريوهات محتملة تلوح في الأفق:
1. استعادة جزئية للتوازن بمساعدة أمريكية، لكنها تبقى هشة بسبب العقلية الصهيونية الرافضة لمنح تنازلات حقيقية.
2. استمرار فقدان التوازن بسبب الانقسامات الداخلية والسياسات العدوانية.
3. انهيار كامل للتوازن الاستراتيجي مع سيطرة التيارات المتطرفة واتخاذ قرارات خاطئة.
ختاماً، فإن النظام السياسي الصهيوني وعقيدته الأيديولوجية حولا الكيان إلى كيان يفتقر للتوازن الاستراتيجي، بينما تخفي الأزمات الهيكلية وهشاشة نظام الردع عناصر انفجار محتملة. وبالتالي، فإن ابتهاج الصهاينة بعد حرب غزة ما هو إلا هدنة مؤقتة ستتحول قريباً إلى عدم استقرار استراتيجي مزمن.
