مناورة مظاهرة أمريكية إسرائيلية في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
إن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى في القاهرة هي أكثر من أي شيء آخر مناورة أميركية صهيونية لتحقيق أهدافها؛ وهو أمر تعرفه المقاومة جيداً. |
تقرير وكالة مهر للأنباء كتب موقع العهد الإخباري في تقرير له: خلال الأسابيع الماضية، ترددت أخبار عديدة ومتناقضة حول المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة. وقد زعمت وسائل الإعلام العبرية والغربية وبعض وسائل الإعلام العربية مؤخراً أن حماس وافقت على العرض المصري، وهو في الواقع عرض النظام الصهيوني والولايات المتحدة. لكن الهدف الأساسي لأمريكا والكيان الصهيوني في أي مفاوضات هو إزالة ورقة المقاومة الأقوى والأكثر فعالية وهي ورقة الأسير.
وكتبت العهد: في هذه الأثناء يسعى المحتلون لابتزاز المقاومة من خلال التهديد بالهجوم على رفح والذي حتى لو تم تنفيذه فلن يأتي إلا بالمزيد الهزيمة للمحتلين. خلال الأشهر السبعة التي تلت الحرب الأخيرة، لم يتمكن النظام الصهيوني من إظهار أي مشهد انتصار لنفسه، وهو الآن يبحث عن طريقة للتغطية على إخفاقاته وتقديم صورة النصر على الأقل.
ويضيف هذا التقرير: لذلك، إنهاء قضية الأسرى قبل وقف إطلاق النار الشامل والوقف الكامل للحرب والحصول على ضمانات حقيقية لإعادة إعمار غزة وكسر الحصار. الحصار وهذا هو أكبر خطأ يمكن أن ترتكبه المقاومة، وهو بالطبع ما يعرفه قادة المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسهم حماس، ويؤكدون دائماً أنهم لن يقبلوا بأي اتفاق دون اتفاق كامل. إنهاء الحرب، وفي أي اتفاق يجب أن يتم ذكر مسألة وقف إطلاق النار الدائم كتابياً.
التضليل الصهيوني في الوثيقة المقترحة لحماس
الوثيقة المقترحة التي سلمها النظام الصهيوني لحركة حماس عبر مصر تتحدث عن انسحاب القوات الإسرائيلية من محور نتساريم باتجاه حدود قطاع غزة، وهو ما يرى البعض أنه ويعتبرون ذلك مؤشراً إيجابياً، لكن الحقيقة هي أن جيش الاحتلال قرر الانسحاب منه بعد خيبة أمله في تحقيق أي إنجازات في هذا المحور؛ حيث تعرض جنود الصهاينة لهجمات متواصلة وعنيفة من قبل المقاومين الفلسطينيين، والآن يريد الجيش الصهيوني وصف انسحاب قواته من هذا المحور بأنه تراخي إسرائيل في المفاوضات.
ولكن السماح لأهل شمال غزة بالعودة إلى منازلهم ومدنهم ومخيماتهم التي دمرت، دون فتح المعابر بشكل كامل ودون كسر الحصار بشكل كامل، كما وكذلك في ظل عدم ضمان دخول المساعدات الكافية دون عائق إلى قطاع غزة، يعتبر الأمر أشبه بالابتزاز من الفلسطينيين.
ومن بينها عدة أوراق تحول دون تحقيق الأهداف الإجرامية الأمريكية الصهيونية ضد غزة:
– البطاقة الأولى مرتبطة بورقة الأسير وهي أهم ورقة رابحة في يد المقاومة وأصبحت عاملاً في اشتداد الضغط الرأي العام وعائلات الأسرى الصهاينة ضد نتنياهو وحكومته
-البطاقة الثانية تتعلق بتخوف أمريكا من توسيع دائرة الصراع في المنطقة ودخول كافة فصائل المقاومة في الحرب مع النظام الصهيوني في طريقة كبيرة وغير مسبوقة.
-الورقة التالية تتعلق بتصعيد موقف تركيا ضد النظام الصهيوني وتداعيات قرار هذه الدولة وقف التجارة مع هذا النظام والذي بلغ في السابق إلى عشرات المليارات من الدولارات وصلت وشملت 5% من واردات النظام الصهيوني.
-البطاقة الرابعة تتعلق بالخوف من انفجار الوضع في مصر في حال دخول لاجئين من غزة إلى هذا البلد واضطر الجيش المصري إلى منعهم من دخول الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية.
– إن الانتفاضة الطلابية الضخمة في أمريكا، والتي امتدت إلى دول العالم الأخرى، هي ورقة أخرى تحول دون تحقيق الأهداف الأمريكية الصهيونية الإجرامية. وقد فرضت هذه الحركة الطلابية الكبيرة ضغوطًا كبيرة على إدارة بايدن وحزبه الديمقراطي، وعرضت موقفه للخطر الشديد في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي هذا السياق فإن أي دخول بري للجيش الصهيوني إلى رفح ستكون له عواقب خطيرة للغاية على حكومة بايدن وموقفه في الانتخابات.
-الضغط الجماعي للدول الداعمة لفلسطين من خلال المنظمات الدولية والإجراءات السياسية والقانونية والدبلوماسية مثل قطع العلاقات مع النظام الصهيوني وأيضا قرار محكمة العدل الدولية لإصدار مذكرة اعتقال تعتبر السلطات الإسرائيلية، ومن بينها رئيس وزراء هذا النظام بنيامين نتنياهو، ورقة ضغط ضد أمريكا وإسرائيل، وإذا هاجم هذا النظام رفح فإن هذه الضغوط ستكون أكبر بكثير. ص>
ما مدى جدية تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة؟
في الوضع الذي لم تتوصل فيه مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، المنعقدة في القاهرة، إلى نتيجة ملموسة بعد، فإن الولايات المتحدة، التي أكدت سياستها الأحادية الجانب، وقد التزمت المواقف الداعمة للكيان الصهيوني لفظياً بوقف الحرب بشكل كامل، ولكن مع ذلك لا ينبغي التغاضي عن النية الخادعة للأمريكيين الإسرائيليين، ولا يخفى خداع هذين الجانبين على أحد.
وهنا يجب أن ننتبه إلى عدة نقاط:
– أولاً الهدف المشترك لأمريكا وإسرائيل هو التوصل إلى اتفاق مرحلي تتضمن مرحلته الأولى تحقيق الأهداف الإستراتيجية لواشنطن وتل أبيب. وتتعلق هذه المرحلة بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين. ولذلك فإن الخيار الأرجح هو أن تستأنف حكومة نتنياهو الحرب بمجرد تحقيق أهدافها وسرقة بطاقة أسرى الحرب من حماس وشن مجزرة كبيرة في رفح.
-أخذ أكبر ورقة قوة من يد المقاومة، أي ورقة الأسير، يمكّن بايدن من إنقاذ الأسرى الإسرائيليين داخلياً في أميركا وبين اللوبيات الصهيونية باعتباره انتصاراً للتعريف بنفسه والتخلص أيضاً من ضغوط الرأي العام إلى حد ما.
– سلوك مصر الذي ضغط على حماس للموافقة على صفقة تبادل الأسرى بالشكل الذي تريده إسرائيل، وفي المقابل لا تهاجم إسرائيل رفح، غبي جدا. والحقيقة أن الاقتراح الذي قدم لحماس تحت عنوان الاقتراح المصري هو اقتراح إسرائيلي، وأمريكا تقف وراءه، ومصالح الكيان الصهيوني مخفية تماما فيه تجد المفاوضات.
– انعقد في الرياض اللقاء السباعي بين سلطات الدول العربية والسلطة الفلسطينية وأيضا مع الكشف عن خبر الهبوط طائرة رئيس الموساد في مطار الرياض والمعلومات التي تفيد أنه فيما يتعلق بالمفاوضات لإبرام اتفاق التطبيع بين السعودية والكيان الصهيوني فمن الواضح أن هناك تنسيقا بين العرب والكيان الصهيوني و الولايات المتحدة للسيطرة العسكرية على نظام الاحتلال في قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، وقرروا نقل الإدارة المدنية في غزة إلى منظمة ترك السلطة الفلسطينية لقوات هذه المنظمة المدعومة من العرب. لقمع وتدمير عناصر المقاومة.
-لذلك فإن إخراج بطاقة الأسرى من المقاومة هو هدف إسرائيلي أمريكي مصري عربي مشترك والسلطة الفلسطينية، وهم يريدون الإبقاء عليه الكرة في الأرض في المفاوضات أسقطت حماس وحملتها مسؤولية فشل المفاوضات.
خيارات المقاومة وتكتيكات حماس في المفاوضات والحرب
إن نجاح حركة حماس في إدارة الحرب يعتمد على معركة رفح، وهنا أمام حماس خياران:
– الخيار الأول هو رفض حماس الاتفاق مع الكيان الصهيوني والدخول في مواجهة عسكرية مع الجيش الصهيوني في رفح، وكذلك الاحتمالات المتعلقة إلى إمكانية القبول بالإفراج عن بعض الأسرى الصهاينة أثناء الهجوم على رفح، مما يعقد أوضاع المقاومة.
– الخيار الثاني هو قبول الصفقة والتخلي عن بطاقة أسير الحرب دون ضمان التوقف الكامل للحرب، وفي هذه الحالة سيحدث نفس سيناريو الخيار الأول تتكرر ولكن دون مواجهة في رفح
في هذه الحالة تعود الكرة إلى الأرض الأمريكية مرة أخرى؛ حيث لا تقبل أمريكا وجود دول ضامنة أخرى في المفاوضات. وهذا الموضوع يدفع مساعي الولايات المتحدة والكيان الصهيوني إلى تحميل حماس مسؤولية فشل المفاوضات.
ومن ناحية أخرى يجب أن نضع في اعتبارنا أن المقاومة لديها الكثير من المفاجآت بالنسبة لهم إذا اضطروا إلى خوض مواجهة عسكرية مع الصهاينة في العراق. رفح. يضاف إلى ذلك أن الجبهات الموالية لغزة، من مقاومة لبنان إلى العراق واليمن وحتى البحرين التي دخلت مؤخراً في مواجهة مباشرة مع المحتلين، دخلت مرحلة متقدمة من عملياتها.
في هذه الأثناء الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة في ظل العمليات الثقيلة والمتقدمة لحزب الله اللبناني أصبحت عبئا كبيرا على أكتاف الجيش الصهيوني والصهاينة يعلمون أنه في حال الهجوم على رفح فإن المقاومة اللبنانية ستبدأ مرحلة غير مسبوقة من هجماتها في أعماق فلسطين المحتلة.
من جهة أخرى، وفي ظل عدم اهتمام حكومة النظام الصهيوني بقضية أسرى هذا النظام، من المتوقع أن تتواصل الاحتجاجات في شوارع إسرائيل الأراضي المحتلة ستشتد ضد نتنياهو وحكومته. وبشكل عام فإن هذه المفاوضات شكلت ضغطاً على نتنياهو وبايدن قبل أن تكون سبباً في الضغط على المقاومة الفلسطينية.