اغتيال قادة المقاومة من “شغاقي” إلى “الزواوي”؛ سياسة تدمير المقاومة ولكن بنتيجة عكسية
إن سنوات سياسة إرهاب الدولة الصهيونية في القضاء على القادة الفلسطينيين لم تضعف المقاومة في الأراضي المحتلة فحسب، بل جعلت الجيل الجديد وشباب الضفة الغربية وقطاع غزة يفضلون خيار المقاومة المسلحة ضد الغزاة. |
بحسب المجموعة الدولية وكالة تسنيم للأنباء، منذ تأسيسه عام 1948، كان النظام الصهيوني شبيهاً بإرهاب الدولة والتصفية الجسدية لمعارضيه. ومن أجل خلق “الردع” والصمود ضد الدول العربية، بالإضافة إلى الحرب الكلاسيكية، استخدم الصهاينة أيضًا سلاح “الإرهاب” مرات عديدة.
يعد كتاب “انهض واقتل أولا” الذي كتبه رونين بيرجمان، الصحفي والمراسل ومحلل القضايا العسكرية والأمنية، أحد أفضل الأعمال المكتوبة لإظهار تاريخ وفلسفة الإرهاب خلال الصهيونية. لقد أدت عملية اقتحام الأقصى المفاجئة والفشل الاستخباراتي للأجهزة الأمنية التابعة للنظام إلى إدراج “التصفية الجسدية” للقادة السياسيين وقادة نظام المقاومة الإسلامية للشعب الفلسطيني على أجندة تل أبيب مرة أخرى.
النقطة المثيرة للاهتمام هي أن المحكمة العليا في إسرائيل، والتي تُعرف بما يسمى مؤيدة “القيم الديمقراطية” في الأراضي المحتلة، تعتبر أن تكون هذه الجريمة مبررة وقانونية بحجة مكافحة العمليات الانتحارية! وعليه، وفي استمرار هذا التقرير التحليلي، سنحاول إلقاء نظرة على بعض عمليات اغتيال القادة الفلسطينيين التي قام بها.
=” RTL” style=”text-align:justify”> الشهيد فتحي شغاغي; مؤسس حركة الجهاد الإسلامي، حركة الجهاد الإسلامي، فلسطين، ” src=”https://newsmedia.tasnimnews.com/Tasnim/Uploaded/Image/1402/09/14/14020914160118300289229710.jpg”/>
عاد الشهيد فتحي شغاغي صاحب كتاب “الحل الخميني والبديل الإسلامي” إلى موطنه فلسطين عبر مصر عام 1981. في عام 1983، سُجن في سجن غزة لمدة عام تقريبًا، وبعد ثلاث سنوات، حُكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات نهائيًا وخمس سنوات مع وقف التنفيذ بتهمة النشاط العسكري. وعندما سافر هذا الزعيم الفلسطيني إلى ليبيا للتحقيق في أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، ذهب إلى جزيرة مالطا بعد المؤتمر الليبي.
وأخيرًا وصل في 26 أكتوبر 1995، عندما كان يقيم في سليمة، مالطا، تم اغتياله على يد اثنين من راكبي الدراجات النارية أمام الفندق الذي يقيم فيه.
وصدر أمر اغتياله إلى إسحق رابين (رئيس وزراء إسرائيل آنذاك). ويبدو أن الشغاغي كان من المفترض أصلاً أن يتم اغتياله في سوريا، لكن الموساد اختار مكاناً خارج سوريا للقضاء على زعيم الجهاد الإسلامي بسبب الخوف من إثارة الغضب الشعبي في دمشق.
الشهيد شيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس حركة الجهاد الإسلامي فلسطين ” src=”https://newsmedia.tasnimnews.com/Tasnim/Uploaded/Image/1402/09/14/14020914160038347289229510.jpg”/>
استشهد الشهيد الشيخ أحمد إسماعيل حسن ياسين، المؤسس والزعيم الروحي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية، صباح يوم 22 مارس 2004 برصاص إسرائيلي. هجوم صاروخي بطائرة هليكوبتر. وبحسب الإذاعة الإسرائيلية، فإن أرييل شارون، رئيس وزراء النظام في ذلك الوقت، أشرف بنفسه على عملية اغتياله. وبعد استشهاد أحمد ياسين أدان كوفي عنان، الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، جريمة القتل هذه وأدانوا الجرائم. بالإضافة إلى ذلك، تم تقديم مشروع قرار يدين الإعدام غير القانوني لياسين وستة فلسطينيين آخرين إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي اعترض عليه الممثل الأمريكي. وحضر أكثر من 200 ألف شخص جنازة هذا الزعيم الفلسطيني. اعتقل الشيخ أحمد ياسين عام 1983 بتهمة تشكيل حركة حماس وحكم عليه بالسجن ثلاثة عشر عاماً في إحدى محاكم النظام.
الشهيد عبد العزيز الرنتيسي
بعد اغتيال الزعيم الروحي لحركة حماس الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، أحد قادة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية وأحد الشخصيات الأساسية خلال الانتفاضة الأولى (1988)، تم تقديمه على أنه القائد السياسي والناطق الرسمي باسم حركة حماس. ولم تكتف حكومة شارون باغتيال أحمد ياسين، بل بعد أشهر قليلة فقط جعلت من عبد العزيز الرنتيسي هدفا لعمليتها الإرهابية.
في 17 إبريل 2004، استهدفت القوات الجوية الإسرائيلية سيارة الرنتيسي بمروحية أباتشي وصواريخ هيلفاير وقتلته. لقد أراد هذا القائد العظيم لحركة حماس حرية جغرافية فلسطين بأكملها، واتخذ مواقف متشددة تجاه إدارة بوش وسياسات أمريكا العدوانية في منطقة غرب آسيا.
الشهيد محمود ال- المبحوح
في 19 يناير 2010 أعلن قائد شرطة إمارة دبي في مؤتمر صحفي عن اغتيال الشهيد محمود المبحوح على يد جهاز الموساد. وكان الشهيد المبحوح أحد قادة كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، والذي يتهمه الصهاينة بتزويد المقاتلين الفلسطينيين في غزة بالسلاح. كان من أوائل أعضاء الجناح العسكري لحركة حماس أثناء استشهاد الشيخ أحمد ياسين، وكان ميتاً دماغياً، ولكن بعد استكمال التحقيق الجنائي تبين أنه تم اغتياله على يد عملاء الموساد. وبعد نشر خبر هذه الجريمة، نشر خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس آنذاك، بيانا حدد فيه الصهاينة باعتبارهم المسؤول الرئيسي عن اغتيال المبحوح.
الشاهد محمد ال- زواري
بالإضافة إلى القادة السياسيين والقادة العسكريين والشخصيات الأمنية في المقاومة الفلسطينية، فإن فرقة الاغتيال الصهيونية لديها اهتمام كبير باغتيال الشخصيات العلمية والهندسية البارزة. خلال العقود السبعة الماضية، استهدف النظام الصهيوني العديد من العلماء المصريين والإيرانيين والسوريين والعراقيين وغيرهم بسبب دورهم المهم في تطوير التقنيات العسكرية النووية.
تم اغتيال الشهيد المهندس محمد الزواري، أحد القادة البارزين في كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس، على يد جهاز الموساد في تونس في ديسمبر 2016 بسبب تصميم وتجميع طائرات أبابيل بدون طيار. وبحسب المعلومات التي نشرتها مصادر عبرية، فإنه تمكن من دخول قطاع غزة ثلاث مرات عبر أنفاق تحت الأرض ومساعدة قوى المقاومة في إنتاج هذه الطائرات المسيرة.
سنوات من الاغتيال والعزل للقادة الفلسطينيين لم تضعف المقاومة في الأراضي المحتلة فحسب، بل جعلت الجيل الجديد وشباب الضفة الغربية وقطاع غزة يفضلون خيار السلاح المقاومة ضد الغزاة. وقبل أيام قليلة، تحدث رونين بار، رئيس جهاز المخابرات والأمن الداخلي الإسرائيلي (الشينبيت)، علنًا عن خطط النظام الصهيوني لاستهداف قادة حماس في لبنان وتركيا وقطر.
يذكرنا تهديد رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي بفرقة الاغتيال الصهيونية بعد أحداث أولمبياد ميونيخ عام 1972. وتعتقد السلطات الصهيونية أنها تستطيع من خلال التهديد والإرهاب التأثير على إرادة قادة حماس والجهاد الإسلامي وعملية صنع القرار، دون أن يكون لديهم فهم عميق لثقافة “الاستشهاد” ومكانة هذه الفضيلة لدى المجاهدين الفلسطينيين. .
وبعبارة أخرى، فإن اغتيال قادة المقاومة السياسيين والعسكريين لن يضعف إرادة الشعب الفلسطيني فحسب؛ بل سيقود الجيل الجديد إلى ثقافة الوقوف ضد نظام الاحتلال.
المؤلف: محمد بيات، خبير في قضايا الشرق الأوسط
مصدر | وكالة للأنباء تسنيم |