محور المقاومة في مرآة طوفان الأقصى/توازن الرعب ضد إسرائيل
وبحسب المجموعة الدولية وكالة تسنيم للأنباء، فإن محور المقاومة في المنطقة، من خلال نشأتها، ارتبطت ارتباطا وثيقا بقضية فلسطين وبدأت في التوسع، واليوم يمتلك هذا المحور، بقيادة إيران، أذرع قوية من جماعات المقاومة في المنطقة من لبنان إلى فلسطين والعراق وسوريا و اليمن.
محور المقاومة ضد محور الشر الأمريكي الصهيوني
مصطلح محور المقاومة ضد مصطلح “محور الشر” يتكون من أمريكا والكيان الصهيوني والدول الغربية. وظهر محور المقاومة رسمياً في المنطقة منذ عام 2000 وانضمت إلى محور المقاومة فصائل المقاومة التي تقف في المقدمة ضد المحور الأمريكي الصهيوني.
حالياً مصطلح محور المقاومة في المنطقة يشير إلى القوى التي تدعم فصائل المقاومة الفلسطينية في الحرب ضد العدو الصهيوني. ويضم هذا المحور دولاً مستقلة مثل إيران وسوريا وجماعات مقاومة مثل حزب الله اللبناني وحركة أنصار الله اليمنية وجماعات المقاومة العراقية. وبالطبع يجب أن نذكر أنه بعد الثورة اليمنية أصبحت حكومة وشعب هذا البلد حاضرين رسمياً في المقاومة المحور /p>
الثورة الإسلامية في إيران وتشكيل محور المقاومة
محور المقاومة ليس ائتلافا تم إنشاؤه دفعة واحدة؛ بل إن الجذور الحقيقية لتشكيل هذا المحور تعود إلى أواخر السبعينيات التي شهدت حدثين في غاية الأهمية، وهما انسحاب مصر من معادلة الصراع العسكري مع النظام الصهيوني، وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد للمصالحة بين البلدين. هذين الحزبين في سبتمبر 1978، ومن ثم الثورة الإسلامية في إيران في يناير 1979.
حيث أن سوريا كانت الدولة العربية الوحيدة التي دعمت الثورة الإسلامية في إيران وكانت لا تزال دولة العدو اللدود لنظام الاحتلال الصهيوني، انتصر التحالف بين سوريا وإيران منذ البداية، وبدأت الثورة ويعتبر التحالف الذي شكلته هاتان الدولتان محور المقاومة الرئيسي ضد مؤامرات أمريكا والكيان الصهيوني.
بعد بدء حرب العراق المفروضة على إيران، أي الحرب التي شنتها أمريكا فعليا ولم تتردد في أي مؤامرة ضد إيران، وغيرها من التطورات في المنطقة وكان من المفترض أن يتمكن المحور الأمريكي الإسرائيلي من تنفيذ مخططاته في المنطقة، بما في ذلك توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني عام 1993 واستسلام الدول العربية لنظام الاحتلال الصهيوني. وستختفي المقاومة.
لكن لم يستطع أي من هذه الأحداث أن يمنع انتشار فكر المقاومة في المنطقة، كما أن صمود إيران وسوريا أدى إلى هزيمة إيران. وخطة أمريكا وإسرائيل الشريرة، بما في ذلك توسيع احتلال هذا النظام في دول عربية وإسلامية أخرى مثل لبنان؛ حيث بدأت المقاومة في لبنان تتشكل منذ بداية غزو النظام الصهيوني لهذا البلد عام 1982 وأصبحت كابوساً للصهاينة الذي لا يزال لا يتوقف.
معادلات الصراع في المنطقة بعد فرار الصهاينة من لبنان
تحرير جنوب لبنان على يد مقاومة هذا البلد عام 2000، نقطة تحول في تطورات المنطقة وتم النظر في معادلات الصراع مع النظام الصهيوني، وفي وضع كانت فيه قبل ذلك الدول العربية الرسمية قد استسلمت وتنازلت أمام النظام الإسرائيلي المحتل، تمكنت مجموعة مقاومة من القوة على هذا النظام الفرار والانسحاب.
إن نجاح المقاومة اللبنانية في طرد المحتلين من جنوب هذا البلد ضاعف إرادة ودافعية الأمة الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية. مجموعات لمحاربة العدو الصهيوني، ودخل الفلسطينيون، على غرار حزب الله اللبناني، مرحلة جديدة من الحرب مع الصهاينة؛ بحيث أنه بعد وقت قصير من هزيمة إسرائيل في جنوب لبنان، بدأت الانتفاضة الفلسطينية المسلحة الأولى، والتي اعتبرت الانتفاضة الثانية بعد انتفاضة الحجارة، وبعدها ذهب الفلسطينيون لمحاربة العدو بالأسلحة والصواريخ، حتى اليوم. وبعد عقدين من الزمن ألحق هزيمة غير مسبوقة بالجيش الإسرائيلي المدعوم بالكامل من أمريكا والغرب، ولا يزال هذا النظام يخوض في مستنقع حرب الاستنزاف منذ ما يقرب من عام.
صفعة كبيرة في محور مقاومة مشروع الإرهاب الأمريكي في المنطقة
في النهاية عام 2010 والخطة الأمريكية الجديدة ضد الدول العربية فيما يسمى بالخطة مع “الربيع العربي” شهدت المنطقة أزمة كبيرة مع تدفق الجماعات الإرهابية واشتعلت نار كبيرة في المنطقة بأدوات الإرهاب . أدت فتنة أمريكا في الدول العربية في البداية إلى حرب أهلية، وبعد ذلك دخلت الخطة الرئيسية للولايات المتحدة، وهي استخدام الجماعات الإرهابية لتدمير الأنظمة المعارضة في هذا البلد، مرحلة التنفيذ.
بعد الهجوم الضخم الذي شنه الإرهابيون، بقيادة جماعة داعش الإرهابية، في سوريا، بدأت بالفعل حرب عالمية ضد هذا البلد، ولم يبق سوى عدد قليل من الدول في المنطقة وحتى العالم، والتي كانت ضد مشروع الإرهاب الخطير الذي كانت أمريكا تساعد السوريين.
الجميع يعلم أنه لولا الدعم العسكري لإيران وفصائل المقاومة في سوريا. المنطقة، وعلى رأسها حزب الله، من سوريا ضد المخطط الإرهابي الأميركي، كانت المنطقة برمتها تدخل في أزمة مدمرة مجهولة العواقب. لقد كانت الأزمة السورية في الواقع اختباراً كبيراً لمحور المقاومة، الذي استطاع أن يخرج منها بكل فخر؛ بينما كانت أمريكا تأمل تدمير محور المقاومة بهذه المؤامرة.
خلال هذه الفترة المضطربة، شن النظام الصهيوني سلسلة من الحروب الوحشية على قطاع غزة وكانت تنفيذ استراتيجية “الحرب بين الحروب” ضد المقاومة. وخلال هذه الفترة كان على الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة أن تقاتل العدو الصهيوني دون دعم فصائل المقاومة الأخرى، لكن رغم ذلك فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها ضد المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة برمته.
محور المقاومة في مرآة عاصفة الأقصى
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه في نفس وقت الأزمة السورية عام 2012، نشأت خلافات بين حركة حماس الفلسطينية وحكومة هذا البلد وتم إغلاق مكاتب حماس في دمشق. وظن الصهاينة والأميركيون أن هذه الحادثة هي نقطة الانطلاق لتحقيق أهدافهم من أزمة الإرهاب في المنطقة، لكن بعد سنوات قليلة طوت الصفحة من جديد وأخطأت حسابات المحور الأميركي الإسرائيلي. وفي عام 2022، استأنفت حركة حماس والحكومة السورية علاقاتهما، وهذه المرة تم تأسيس رابط أقوى بينهما؛ قضية عمقت الوحدة والتماسك والتنسيق في محور المقاومة.
تظهر المعلومات؛ وعلى عكس ما تعلنه الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، فإن قرار تنفيذ عملية طوفان الأقصى في أكتوبر 2023 كان قرارا فلسطينيا خالصا، ولم تتشاور المقاومة الفلسطينية مع فصائل المقاومة الأخرى قبل تنفيذ هذه العملية، ولكن والانضمام السريع لفصائل المقاومة الأخرى في هذه المعركة، وفي إطار دعم الشعب والمقاومة الفلسطينية، يوضح مدى وحدة وتماسك هذا المحور من غزة، وهو العامل الأهم الذي دفع الصهاينة إلى ذلك ولا يتمكنون من تحقيق ولو هدف واحد من أهدافهم في هذه الحرب، رغم أنهم يحظون بالدعم الشامل والمطلق من الولايات المتحدة والدول الغربية، بعد مرور ما يقرب من عام. ومن نتائج ذلك أيضاً ظهور ظاهرة تهجير الإسرائيليين؛ حيث ولأول مرة يتم تهجير الصهاينة بسبب الخوف من هجمات فصائل المقاومة، خاصة وأن حزب الله قام بإخلاء الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة بالكامل من الإسرائيليين.
مبدأ عام أن في محور المقاومة القائم هو أن مهاجمة أي مجموعة من مجموعات هذا المحور تعني مهاجمة محور المقاومة بأكمله وبالتالي من واجب الجميع الوقوف إلى جانب بعضهم البعض في أي حرب، وهذا هو السبب الذي جعل حزب الله في جبهة جنوب لبنان بعد يوم واحد من عملية عاصفة الأقصى، أي 8 أكتوبر 2023، أعلنت انضمامها إلى هذه المعركة، ورغم المصاعب الكثيرة التي تحملتها وكثرة الشهداء التي قدمتها، إلا أنها لا تزال حاضرة بثبات في الميدان وعملياتها الساحقة ضد الصهاينة فإنها ترفع معنويات الشعب والمقاومة الفلسطينية في غزة.
على خطى حزب الله، حركة أنصار الله اليمنية، التي أصبحت في حرب متواصلة مع التحالف العربي الأمريكي منذ 9 سنوات ولا يزال محاصرا من قبل العدو وفي 19 أكتوبر انضم رسميا إلى معركة الأقصى وفي 30 من الشهر نفسه أعلنت المقاومة العراقية. أنها مع فصائل المقاومة الأخرى في هذه المعركة، وإلى أن يوقف العدو الصهيوني عدوانه على غزة فإن العمليات ضد هذا العدو ستستمر.
توازن الرعب في المنطقة بعد وصول محور المقاومة إلى طوفان الأقصى
الهدف الواضح والموحد الذي تسعى إليه كل المقاومة ما حددته الجماعات في الحرب الحالية مع العدو الصهيوني هو أنها لن تسمح بفشل المقاومة الفلسطينية تحت أي ظرف من الظروف، لذلك رغم كل الصعوبات التي نراها، إلا أن التقديرات تشير إلى أن مشاركة فصائل محور المقاومة في ال -ستكون لمعركة الأقصى آثار طويلة المدى على ميزان القوى في المنطقة برمتها، خاصة في ظل الوضع الذي لم يشل فيه النظام العربي الرسمي نفسه أمام المحور الأمريكي الصهيوني فحسب، بل دعم هذا المحور بشكل متحيز بل وحتى قلقة من الفشل. إسرائيل في الحرب الحالية.
لا شك أن الشعب الفلسطيني والمقاومة في قطاع غزة يتحملان العبء الرئيسي للحرب الحالية مع العدو الصهيوني، والفضل الأكبر في الصمود الذي أظهروه اليوم هو محور المقاومة الثابت لهم. لقد قدم الشعب الفلسطيني في هذه الحرب ما يقرب من 50 ألف شهيد و100 ألف جريح وحرم من أي مرافق أساسية للحياة بما في ذلك الغذاء والماء.
هؤلاء الأشخاص ذوو الوجود تعرضوا لأبشع الجرائم ضد الإنسانية، لكنهم لم يقبلوا التهجير وترك أرضهم وأقاموا صموداً أسطورياً سيسجله التاريخ وسيزيد من روسية المجرمين الصهاينة. وبأعجوبة تمكنت فصائل المقاومة في غزة، رغم تطويقها من كل جانب، من إبقاء جيش العدو الصهيوني المجهز بأحدث الأسلحة وأكثرها تطوراً، في حرب استنزاف لمدة عام تقريباً، وجعله عاجزاً.
لكن لا يجب أن نقلل من دور فصائل المقاومة الأخرى، ففي الوقت نفسه قدم حزب الله الكثير من التضحيات، سواء بالسلاح أو بالأرواح، واستطاع لتدمير جزء كبير من قوات جيش العدو وسحبه إلى الجبهة الشمالية وبهذه الطريقة يخفف عبئاً كبيراً عن كاهل المقاومة في غزة. مقاومة لبنان أدت إلى فرار أكثر من 250 ألف صهيوني من شمال فلسطين المحتلة، وحولت الجبهة الشمالية إلى جحيم لإسرائيل، وفاجأت هذه الحركة الأصدقاء والأعداء، وتمكنت من إغلاق ميناء إيلات وتوجيه ضربة اقتصادية كبيرة لإسرائيل الصهاينة بإغلاق مضيق باب المندب أمام السفن الصهيونية أو السفن التابعة لهذا النظام.
بالإضافة إلى المعادلة التي خلقها أنصار الله في البحر الأحمر وأغلقوا هذا المضيق. البحر لسفن أو سفن إسرائيلية مرتبطة بأي شكل من الأشكال بهذا النظام، أحدثت الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة اليمنية على قلب تل أبيب تغييرات كبيرة في معادلات الصراع، وكانت لها آثار نفسية عالية وفي نفس الوقت كما أثارت الذعر بين الصهاينة، وزادت من معنويات أنصار المقاومة. ورغم مؤامرات الولايات المتحدة المتكررة، فإنها تواصل عملياتها ضد العدو الصهيوني في عمق الأراضي المحتلة.
لذا فقد توصل النظام الصهيوني إلى أنه أصبح الآن تحت الحصار، وقد دخل في حرب غير مسبوقة وطويلة لا يرى لها مخرجا. وفي الواقع، لكي تنتصر إسرائيل في هذه الحرب، يجب أن تكون قادرة على هزيمة محور المقاومة بأكمله، وليس فقط المقاومة الفلسطينية. وهو أمر يتجاوز بشكل واضح نطاق سلطة هذا النظام.
بهذه التفسيرات نصل إلى نتيجة مفادها أن النظام الصهيوني ليس أمامه أكثر من خيارين للخروج من مستنقع هذه الحرب المتعددة الجبهات: إما القبول بوقف إطلاق النار بشروط المقاومة في غزة أو الدخول في حرب إقليمية قد تكون نقطة البداية لتدميرها.
© | وقد قام مركز ويبانغاه الإخباري بترجمة هذا الخبر من مصدر وكالة تسنیم للأنباء |