آسيا الوسطى وإسرائيل؛ حاجة إيران وروسيا لمواجهة النفوذ
وبحسب المجموعة الدولية وكالة أنباء تسنيم، النهج الجديد للنظام الإسرائيلي في غرب آسيا، واجهت ردود فعل مختلفة في آسيا الوسطى. وتواجه هذه الدول، التي يقطنها سكان مسلمون بشكل عام، حساسيات فيما يتعلق بالتطورات المتعلقة بالصراعات بين النظامين الإسرائيلي والفلسطيني، لكن العديد منها تحاول الحفاظ على علاقاتها الدبلوماسية متوازنة ومحايدة.
ومن ناحية أخرى، فإن ردود الفعل على النهج الجديد لإسرائيل لقد كان النظام الإسرائيلي متنوعًا أيضًا في المنطقة. على سبيل المثال، أدانت كازاخستان هجوم حماس على المدنيين، لكنها في الوقت نفسه دعت إسرائيل إلى ممارسة ضبط النفس ومنع وقوع إصابات بين المدنيين في غزة، لكنها حذرة في تفاعلاتها مع النظام بسبب آثار هجرة العمالة وغيرها من الأمور الاقتصادية مشاكل. كما أدانت دول مثل طاجيكستان وقيرغيزستان أعمال العنف وطالبت باستخدام الحلول الدبلوماسية لحل الأزمة في آسيا الوسطى نتيجة للتطورات التي تلت الحرب الباردة ومحاولة هذه الدولة توسيع نفوذها في منطقة ذات أهمية جيوسياسية واقتصادية. وتشكل آسيا الوسطى، باعتبارها منطقة ذات سكان مسلمين ومجاورة لدول حساسة، بما فيها روسيا والصين، من وجهة نظر إسرائيل، فرصة لتوسيع التعاون الاقتصادي والأمني، فضلاً عن تعزيز مكانتها في العالم الإسلامي.
1. أهداف النظام الإسرائيلي في آسيا الوسطى: دأبت إسرائيل تقليدياً على استخدام هذه المنطقة كجسر لتغيير ميزان القوى لصالحها في العالم الإسلامي. وتتمثل محاولة تل أبيب في الاستفادة من قلق دول هذه المنطقة من التطرف الإسلامي والاحتفاظ بموقفها السلبي تجاه الصراع العربي الإسرائيلي. وعلى وجه الخصوص، تميل كازاخستان وأوزبكستان، اللتان لديهما سفارات في إسرائيل، إلى التعاون مع إسرائيل أكثر من التركيز على القضية الفلسطينية بسبب المخاوف الأمنية وتهديد التطرف.
2. رد فعل دول آسيا الوسطى على سياسات إسرائيل: تعتمد علاقات إسرائيل مع دول آسيا الوسطى بشكل أساسي على التعاون الاقتصادي وقضايا العمل. على سبيل المثال، تسعى إسرائيل إلى تعزيز التعاون الاقتصادي من خلال جذب العمال المهاجرين من أوزبكستان لتوفير قوتها العاملة. وفي غضون ذلك، أدانت كازاخستان هجمات حماس، لكنها طالبت في الوقت نفسه إسرائيل بضبط النفس لمنع سقوط ضحايا من المدنيين في غزة.
3. التحديات والفرص: على الرغم من الجهود التي تبذلها إسرائيل، لا تزال دول آسيا الوسطى تواجه قيوداً في تطوير هذه العلاقات بسبب روابطها التاريخية والدينية مع العالم الإسلامي. ومن ناحية أخرى، فإن التعاون الاقتصادي والمخاوف الأمنية لهذه الدول دفعتها إلى التفاعل بشكل أكبر مع إسرائيل. إلا أنهم يحاولون تبني موقف متوازن لإدارة الصراعات الدينية والسياسية في المنطقة بالنسبة لدول مثل إيران وروسيا، وهو ما يعتمد على عدة عوامل:
1. التعاون الأمني والاستخباراتي: قد تقيم بعض دول آسيا الوسطى علاقات أوثق مع إسرائيل في المجالات الأمنية والاستخباراتية. ويمكن تطوير هذا التعاون خاصة في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات العسكرية. وقد تعتبر إيران وروسيا، اللتان تتمتعان بنفوذ تقليدي في هذه المنطقة، هذا التعاون بمثابة تهديد لأمنهما ومصالحهما.
2. نفوذ إسرائيل في المنطقة: إن اتساع نفوذ إسرائيل السياسي والاقتصادي في آسيا الوسطى يمكن أن يضعف موقف إيران وروسيا. وتسعى إسرائيل إلى تعزيز العلاقات التجارية والدبلوماسية مع هذه الدول، وهذا قد يضعف علاقات إيران وروسيا التاريخية معها.
3. التوترات الأيديولوجية والدبلوماسية: قد تسعى إسرائيل إلى توسيع نفوذها الأيديولوجي في المنطقة، خاصة من خلال التأثير على الجماعات الدينية والسياسية. وباعتبارها فاعلًا شيعيًا في المنطقة، تواجه إيران مخاوف أيديولوجية بشأن توسع نفوذ إسرائيل، خاصة إذا انضمت هذه الدول إلى مواقف مناهضة لإيران أو معادية لروسيا.
4. العلاقات الاقتصادية وعلاقات الطاقة: يمكن لإسرائيل أن تسعى إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول آسيا الوسطى، وخاصة في قطاع الطاقة. وهذا من شأنه أن يخلق منافسة في أسواق الطاقة، وهو ما يشكل خطراً على روسيا وإيران، خاصة وأن هاتين الدولتين كانتا تقليدياً من الموردين الرئيسيين للطاقة الإقليمية.
5. إقامة تحالفات جديدة: قد يؤدي قرب دول آسيا الوسطى من إسرائيل إلى تشكيل تحالفات إقليمية جديدة تفقد فيها إيران وروسيا موقعهما السابق. وقد تؤدي هذه التحالفات إلى تقليص نفوذ هذين البلدين في القضايا الأمنية والسياسية في المنطقة.
وفي هذه الأثناء، ومن أجل التعامل مع التهديدات المحتملة الناجمة عن سلوك إسرائيل الأخير في آسيا الوسطى، إيران وروسيا ينبغي لهما أن يعتمدا استراتيجيات منسقة ومتعددة الأوجه. بعض الإجراءات التي يمكن أن تتخذها هاتان الدولتان لحماية مصالحهما والحد من نفوذ إسرائيل هي:
1. تعزيز العلاقات مع دول آسيا الوسطى: ينبغي لإيران وروسيا تعزيز دبلوماسيتهما في آسيا الوسطى. إن إقامة علاقات أوثق مع حكومات هذه المنطقة، وتوفير المساعدات الاقتصادية، والاستثمار في البنية التحتية والتعاون الثقافي والتعليمي يمكن أن يساعد في إنشاء علاقات أقوى مع هذه الدول ومنع النفوذ الإسرائيلي.
2 . التعاون الإقليمي في مجال الأمن والاستخبارات: يتعين على إيران وروسيا زيادة تعاونهما الأمني والاستخباراتي مع دول آسيا الوسطى. ويشمل ذلك تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات وإدارة الحدود. وبهذا تستطيع هذه الدول ترسيخ نفسها كشركاء أساسيين في قضايا الأمن الإقليمي والحد من نفوذ إسرائيل.
3. الوحدة الإقليمية وبناء التحالفات: تستطيع إيران وروسيا تعزيز تحالفات جديدة مع الدول المجاورة والدول ذات التفكير المماثل في المنطقة، مثل الصين. إن تشكيل مثل هذه التحالفات يمكن أن يساعد في موازنة القوى ضد النفوذ الإسرائيلي ويوفر لدول آسيا الوسطى خيارات أخرى في اختيار الشركاء الاستراتيجيين.
4. توسيع التعاون الاقتصادي وفي مجال الطاقة: ينبغي لإيران وروسيا زيادة حضورهما الاقتصادي في آسيا الوسطى، وخاصة في مجالات الطاقة والنقل. ويمكن لهذين البلدين أن يقدما لهذه الدول مقترحات جذابة فيما يتعلق بتطوير البنية التحتية والتجارة والاستثمار في المجالات الاستراتيجية. ويمكن لإيران بشكل خاص استخدام موقعها الجغرافي لتسهيل التجارة وعبور الطاقة في المنطقة.
5. الدبلوماسية العامة والثقافية: تستطيع إيران وروسيا استخدام أدوات الدبلوماسية الثقافية لجذب رأي الجمهور والنخب في آسيا الوسطى. يمكن للتبادلات الثقافية والتعاون العلمي والتعليمي وتعزيز الروابط التاريخية والدينية أن تساعد في تعزيز العلاقات الشعبية والنخبوية بين هذه الدول وإيران وروسيا.
6. التوازن في السياسة الخارجية لدول آسيا الوسطى: يجب على إيران وروسيا دعم خلق نوع من التوازن في السياسة الخارجية لدول آسيا الوسطى. ولابد من تشجيع هذه الدول على موازنة علاقاتها مع العديد من القوى الكبرى، بما في ذلك إيران وروسيا، بدلاً من الاعتماد على قوة أجنبية واحدة (مثل إسرائيل). يمكن لهذه الإستراتيجية أن تمنع آسيا الوسطى من أن تصبح مسرحًا للنفوذ الأحادي.
7. زيادة النفوذ في المنظمات الإقليمية: إن الوجود الأكثر نشاطًا لإيران وروسيا في المنظمات الإقليمية مثل منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) والاتحاد الاقتصادي الأوراسي يمكن أن يساعد في تعزيز مكانة هذين البلدين في الشؤون الأمنية والاقتصادية للمنطقة. وبهذه الطريقة، يمكنهم تنفيذ سياسات مشتركة ضد نفوذ إسرائيل أو القوى الأجنبية الأخرى.
بشكل عام، تحاول إسرائيل تجنب الموقف السلبي لدول آسيا الوسطى تجاه العرب- ويركز الصراع الإسرائيلي على بناء علاقات اقتصادية وسياسية مع هذه الدول، في حين تحاول العديد من هذه الدول الموازنة بين المصالح الاقتصادية وردود الفعل العالمية.
النهج الإسرائيلي الجديد في آسيا الوسطى هو ترتبط بالفرص الاقتصادية والتحديات السياسية، وتحاول دول هذه المنطقة إقامة توازن بين مصالحها الوطنية ومواقفها الدولية، وفي الوقت نفسه، فإن تفاعلات إسرائيل وعلاقاتها الأخيرة في آسيا وآسيا الوسطى تراقب عن كثب من قبل إيران وروسيا لأنه قد تكون هناك تغييرات مهمة في ميزان القوى والنفوذ في هذه المنطقة الاستراتيجية، وإعطاء العلاقات الخارجية والاستفادة من الفرص الجديدة. ومن أجل منع النفوذ الإسرائيلي والتهديدات المحتملة، يجب على إيران وروسيا الحفاظ على مصالحهما في هذه المنطقة وتجنب إضعاف موقعهما الاستراتيجي من خلال الدبلوماسية النشطة وتوسيع التعاون الاقتصادي والأمني وإقامة تحالفات إقليمية مع دول آسيا الوسطى.
المؤلف: معصومة محمدي، خبيرة في القضايا الأوراسية
© | وقد قام مركز ويبانغاه الإخباري بترجمة هذا الخبر من مصدر وكالة تسنیم للأنباء |