الدبلوماسية البرلمانية؛ جسر بين إيران والعالم في العالم المعاصر
بحسب تقرير ويبانغاه نقلا عن وكالة تسنيم للأنباء، فقد تحدث السيد عباس عراقجي، وزير خارجية بلادنا، في مذكرة بعنوان “الدبلوماسية البرلمانية؛ جسر بين إيران والعالم في العالم المعاصر” كتب بمناسبة يوم المجلس:
لقد تغيرت العلاقات الدولية في عالم اليوم بشكل جذري. ولم يعد من الممكن أن تقتصر السياسة الخارجية على الجهات الفاعلة التقليدية مثل الحكومات ووزارات الخارجية. إن عالم اليوم هو مشهد يتفاعل فيه العديد من الجهات الفاعلة بأهداف وأساليب مختلفة. أصبحت الشركات المتعددة الجنسيات ذات القوة الاقتصادية الواسعة، والمنظمات غير الحكومية ذات النفوذ الاجتماعي والسياسي، والمؤسسات المتخصصة والتقنية ذات النفوذ العلمي والتكنولوجي، لاعبين رئيسيين في مجال الدبلوماسية. لم يغير هذا التطور الجهات الفاعلة فحسب، بل أدى أيضًا إلى تغيير أساليب النشاط. إذا كان إعلان المواقف الرسمية من قبل الحكومات في الماضي هو الأداة الوحيدة للتواصل الدولي، فقد خلقت الآن أدوات مثل وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الرقمية واستخدام التدفقات الاجتماعية مساحة جديدة للنشاط. في مثل هذه الأجواء، لم يعد الاعتماد على الأساليب الدبلوماسية التقليدية يفي باحتياجات السياسة الخارجية الفعالة.
المجلس الإسلامي، باعتباره ممثل الأمة الإيرانية ومؤسسة تمثل جوهر الدولة الإيرانية فضائل الأمة، يمكن أن تلعب دورا بارزا في هذا الهيكل العالمي الجديد لأداء وعلى عكس الحكومات، التي غالباً ما تواجه قيوداً سياسية ودبلوماسية، يتمتع البرلمان بمكانة خاصة تتيح له أن يعكس صوت الشعب بشكل مباشر على المستوى الدولي. يمكن للدبلوماسية البرلمانية أن تلعب دورا رئيسيا في تعزيز العلاقات الدولية وتوسيع التعاون من خلال الاستفادة من قدرة البرلمانيين على التواصل مباشرة مع ممثلي البلدان الأخرى. هذا النوع من الدبلوماسية لا يكمل الدبلوماسية الرسمية فحسب، بل يمكنه تجاوزها في بعض الحالات، لأن التفاعلات غير الرسمية والشخصية بين الممثلين هي الأساس لبناء الثقة والحد من سوء الفهم.
بالنسبة لدولة مثل إيران، التي كانت تحت تأثير العقوبات الأحادية الجانب والدعاية السلبية منذ سنوات، أصبحت الدبلوماسية البرلمانية ذات أهمية مزدوجة. ويمكن استخدام هذه الأداة بشكل فعال للتعامل مع الأجواء المدمرة ضد إيران. وفي ظل الوضع الذي تقدم فيه العديد من وسائل الإعلام الدولية صورة مشوهة لسياسات إيران وإنجازاتها، يستطيع ممثلو المجلس الإسلامي شرح الحقائق بطريقة دقيقة وشفافة من خلال التفاعل المباشر مع نظرائهم. وهذا الدور حيوي بشكل خاص في قضايا مثل حقوق الإنسان والعقوبات والأمن الإقليمي، والتي تعد من بين الاهتمامات الرئيسية للمجتمع الدولي ويمكن أن تكون أيضًا منصة مناسبة لتعزيز العلاقات الاقتصادية. وبما أن القوانين التي أقرتها البرلمانات تشكل أساس سياسات الاقتصاد الكلي للبلاد، فإن التفاعل الفعال مع برلمانات البلدان الأخرى يمكن أن يؤدي إلى إنشاء منصات قانونية لتوسيع التجارة والاستثمار. وفي عالم أصبحت فيه المنافسة على جذب الاستثمار الأجنبي أكثر شراسة من أي وقت مضى، يستطيع البرلمان أن يلعب دوراً نشطاً في تشجيع المستثمرين على التعاون مع إيران. ومن ناحية أخرى، يمكن أن تساعد هذه التفاعلات في تحديد أسواق جديدة للصادرات وتقليل اعتماد الاقتصاد الإيراني على شركاء تجاريين محدودين. ومن المجالات المهمة الأخرى للدبلوماسية البرلمانية القضايا الإقليمية. إن دعم محور المقاومة هو رمز لإرادة الأمة الإيرانية، المتجذرة ليس فقط في السياسة الخارجية الرسمية، ولكن أيضًا في الجسم الاجتماعي والثقافي للبلاد. وفي هذا السياق، يمكن للدبلوماسية البرلمانية أن تنقل بشكل فعال رسائل الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى العالم وتحييد الدعاية السلبية للنظام الصهيوني. إن جهود هذا النظام لخلق الانقسام بين الشعب والنظام الإيراني هي جزء من استراتيجية كبرى يمكن للدبلوماسية البرلمانية تحييدها من خلال توضيح الحقائق. ومن أبرز مظاهر الدبلوماسية البرلمانية الإيرانية وجودها النشط في الاتحاد -المجلس هو اتحاد المجالس الآسيوي واتحاد المجالس الإسلامية. وقد خلقت هذه الاتحادات، التي تم تشكيل أو تطوير بعضها بمبادرة إيرانية، منصة فريدة لتبادل وجهات النظر والتعاون بين البرلمانات على المستويين الإقليمي والعالمي. وتعد أمانة اتحاد المجالس الإسلامية، ومقرها طهران، رمزا لدور إيران الرائد في تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية وتعزيز التضامن في القضايا المشتركة. وفي الاتحاد البرلماني الدولي الآسيوي، سعت إيران دائماً إلى تعزيز الأهداف الإقليمية من خلال الحوار والتعاون. وتوفر هذه المؤسسات فرصة ثمينة لإيران للعب دور نشط في حل القضايا الدولية والإقليمية من خلال تعزيز العلاقات مع ممثلي البرلمانات الأخرى. يمكن لإيران استخدام هذه الهياكل لتقديم وجهات نظرها وتعزيز التقارب بين الدول ومواجهة الدعاية السلبية ضد البلاد.
ومع ذلك، من أجل تحقيق دبلوماسية برلمانية ناجحة، فإن المتطلبات الأساسية ضرورية. الخطوة الأولى هي إنشاء هياكل متخصصة في المجلس الإسلامي. ويمكن للجان الخاصة المخصصة لقضايا الدبلوماسية البرلمانية أن تخلق تنسيقاً وتخطيطاً فعالاً لاستغلال هذه القدرة. وتتطلب التطورات السريعة في الساحة الدولية والتعقيدات الجديدة للعلاقات العالمية إعداداً وأدوات جديدة. وفي هذا الصدد، فإن تصميم وتوفير برامج متخصصة للبرلمانيين، بهدف تعزيز المهارات الدبلوماسية وتعريفهم بالأساليب الحديثة للتفاعلات الدولية، ضرورة حتمية. كما أن استخدام قدرة الدبلوماسية العامة يعد مكملاً للدبلوماسية البرلمانية. إن التواصل المباشر مع الرأي العام العالمي، عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، يمكن أن يوصل صوت الأمة الإيرانية إلى آذان العالم بطريقة أوسع وأكثر فعالية.
كل نجاح يتم تحقيقه في هذا المجال تعتبر الدبلوماسية البرلمانية رصيدا قيما للبلاد رأس المال هذا هو نتيجة تجارب الممثلين واتصالاتهم مع الدول الأخرى. إن تطوير هذا النوع من الدبلوماسية ليس فقط ضرورة للتعامل مع التحديات الدولية، بل هو أيضا فرصة فريدة لإظهار قدرات إيران على الساحة العالمية. ومن خلال التخطيط التفصيلي والتنسيق المستمر واستخدام كافة القدرات المتاحة، يمكن للدبلوماسية البرلمانية تحسين مكانة إيران في الفضاء الدولي وفتح طريق جديد لتعزيز المصالح الوطنية في عالم اليوم المتغير.
© | وقد قام مركز ويبانغاه الإخباري بترجمة هذا الخبر من مصدر وكالة تسنیم للأنباء |