مخاطر “عربات جدعون” على تل أبيب تزيد الانقسام بين الصهاينة
وفقًا لتقرير القسم العربي لـ “وكالة ويبانقاه للأنباء” نقلاً عن “وكالة مهر للأنباء” والجزيرة، أعلن جيش الكيان الصهيوني منذ بداية مايو الماضي عن بدء عملية عسكرية كبيرة في قطاع غزة تحت عنوان “عربات جدعون”، مؤكدًا أن هدفها تحقيق الأهداف المحددة لحرب غزة، خاصة تحرير الأسرى وتدمير حركة حماس عسكريًا وسياسيًا.
تناقض صارخ في خطة عربات جدعون وأهدافها
لكن خطة هذه العملية لا تزال غامضة ولم يتحقق أي من الأهداف المعلنة حتى اليوم. وفي الواقع، كشف تقييم وضعي أجراه مركز الدراسات الأمنية الداخلية بجامعة تل أبيب عن تناقضات واضحة بين تصريحات المصادر العسكرية لهذا الكيان…
تُظهر الجهات السياسية في الكيان الصهيوني مواقفها بشأن خطة “عربات جدعون”.
وفقًا لتقارير باحثين ومحللين في مركز دراسات الأمن الداخلي للكيان الصهيوني بجامعة تل أبيب، لا يوجد يقين بشأن وجود نية حقيقية لتنفيذ جميع مراحل خطة “عربات جدعون”. في الواقع، تشير بعض المؤشرات إلى أن جزءًا مما أُعلن عنه حول الخطة قد يكون أداة للضغط على حركة حماس دون تنفيذها فعليًا.
يشكك المحللون الصهاينة في إمكانية إتمام خطة “عربات جدعون” بجميع مراحلها، ويؤكدون على وجود خلافات كبيرة بين الجيش والحكومة حول هذه الخطة. كما أن لكل طرف سياسي أو عسكري حساباته ومصالحه فيما يتعلق بتضخيم نجاح الخطة أو التقليل من شأنه.
يعتقد هؤلاء المحللون أن هذه التناقضات تعكس غياب إجماع حقيقي حول خيار القرار العسكري أو تحقيق انتصار مطلق في حرب غزة.توجد خلافات داخلية واسعة بين هيئة الأركان العامة للجيش برئاسة “إيال زامير” وحكومة رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو”، حول جدوى استمرار العمليات العسكرية في غزة أو التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار يضمن عودة الأسرى.
رغم الغموض الكبير المحيط بخطة “عربات جدعون” والخلاف بين المستويات السياسية والعسكرية في الكيان الصهيوني حولها، فإن تصريحات بعض مسؤوليه تثير مخاوف بشأن نوايا قد تنتهك القانون الدولي، مما يفتح الباب أمام ملاحقة الصهاينة قانونياً في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وإصدار مذكرات اعتقال ضد عدد آخر من المسؤولين السياسيين والعسكريين في هذا الكيان.
عواقب خطيرة لـ”عربات جدعون” على الصهاينة
وفقاً لتقرير أعده “شارفيت باروخ”، مدير البرنامج البحثي للكيان الصهيوني على الساحة العالمية، و”تومي كونور”، منسق برنامج القانون والأمن…تطرح “عربات جدعون” الذي أعدته مؤسسة الدراسات الأمنية الداخلية في الكيان الصهيوني يثير تساؤلات عديدة حول الأهداف الحقيقية له ومدى التزامه بالقوانين الدولية.
ووفقًا للتقرير، يشمل هذا المشروع إخلاء نحو 70% من سكان قطاع غزة باتجاه الجنوب، مع إنشاء مناطق تسمى “إنسانية”، تُدار من قبل شركات خاصة تحت الإشراف العسكري لجيش الكيان الصهيوني.ويشير شاروفيت باروخ إلى أن خطة تل أبيب تفتقر إلى الضمانات الأساسية التي تتطلبها القوانين الدولية، مثل توفير الاحتياجات الحيوية وضمان العودة الآمنة للنازحين. كما أن هناك خطرًا من أن يؤدي الإخلاء المؤقت إلى تهجير منهجي قسري للفلسطينيين، مما قد يُصنف ضمن جرائم ضد الإنسانية أو حتى التطهير العرقي.
وأكد الباحث الصهيوني أن نية تل أبيب لفرض سيطرة عملية طويلة الأمد على غزة تعكس زيادة مسؤولياتها القانونية كقوة احتلال.إسرائيل تواجه عزلة متزايدة وتحديات استراتيجية بسبب مواقف حكومتها المتطرفة
تزداد العزلة الدولية لإسرائيل، حتى من قبل حلفائها، فيما يشكل تهديدًا استراتيجيًا لموقعها. كما أن المواقف المتطرفة للكابينة الحالية تضر بموقف الدولة.
وفي هذا السياق، أكدت إسرائيل التزاماتها القانونية بتوفير الغذاء والرعاية الصحية والخدمات الأساسية للفلسطينيين، لكنها الآن إما غير قادرة أو غير راغبة في الوفاء بهذه الالتزامات.
من جانبه، قال تومي كونور الباحث في معهد الدراسات الأمنية الداخلية التابع للكيان الصهيوني: “في ظل تصاعد الضغوط من المحكمة الجنائية الدولية وانخفاض الدعم الدولي لتل أبيب، نواجه معضلة رئيسية تتمثل في كيفية محاربة منظمة مثل حماس في إطار القانون الدولي دون ارتكاب جرائم ستلاحق مسؤولينا وقواتنا في المحافل الدولية مستقبلًا”.وأضاف كونور: “على الرغم من أن خطة عربات جدعون حددت أهدافًا واضحة مثل تحرير الأسرى وتدمير حماس، فإن التصريحات المتناقضة بين المستويين السياسي والعسكري والغموض حول مراحل التنفيذ يثيران قلقًا متزايدًا”.الرد على هذه العمليات والبيانات المزعومة يثير تساؤلات. في خضم تصريحات متناقضة ومزاعم كثيرة، يتوجب على الجيش رسم خطوط واضحة بين البرامج العسكرية والممارسات السياسية، والالتزام بالقوانين الدولية.
هذا الباحث الصهيوني قال إن “العربات المفخخة” تشكل مناورة عسكرية لإنهاء حياة المقاومة في غزة وتوسيع نطاق السيطرة العسكرية. هذه الحملة تأتي بالتزامن مع دعم إعلامي عبر مراكز إمداد. لكن الأهداف الخفية قد تشمل تحميل أوزار على سكان غزة وتهجيرهم وفق هذا المنطق الذي ينتهك القوانين الدولية.
مرحلة الاشتباكات المتصاعدة
في هذا السياق، أعلن عاموس هرئيل، المحلل العسكري الصهيوني في صحيفة “هآرتس”، أن نتانياهو وفريقه يسعون لتبرير عدم تحقيق الأهداف المعلنة من خلال ما يسمى “العربات المفخخة” في غزة. هذه الإجراءات الغامضة تأتي بالتزامن مع محاولات لتحويل الانتباه العام عن…انشقاقات داخلية في إدارة الحرب وملف غزة تظهر في السياسة الإسرائيلية.
صرح هرئيل أن خلافات كبيرة نشبت مؤخرًا بين رئيس الأركان العامة للجيش والحكومة، وبعد أن رفض تحمل مسؤولية نتائج لا تقع على الجيش فقط، بل على عاتق الآخرين أيضًا. وأضاف أن هذه التوترات خلقت فجوات متزايدة بين القيادات العسكرية والسياسية في تل أبيب.
وأكد هرئيل في ختام حديثه أن هذه الخلافات من المتوقع أن تؤثر على المشهد السياسي والاقتصادي المضطرب حاليًا، كما قد تدفع أحزاب الائتلاف إلى الانقسام بسبب اختلاف الرؤى حول قانون إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية. وأشار إلى أن كل هذه التطورات تعكس مرحلة مضطربة قد تغير المسار السياسي لتل أبيب.