تغيير الموقف الأمريكي من الأكراد السوريين قسد تتطلع إلى دعم الصهاينة
وكالة مهر للأنباء، قسم الأخبار الدولية: المواقف الأخيرة لبعض أبرز شخصيات فريق دونالد ترامب تكشف وجود تنسيق بين واشنطن وأنقرة ودمشق، من المرجح أن يجعل الأوضاع أكثر صعوبة للميليشيات الكردية السورية خلال الأشهر المقبلة. أصبح واضحًا الآن أنه وللمرة الثانية في السنوات الأخيرة، تعاني المجموعات الكردية في سوريا من خيبة أمل تجاه الدعم الأمريكي، حيث أن الاتفاقيات السياسية الأمنية الحديثة بين أمريكا وسوريا وتركيا ستجعل حصول الأكراد على كيان سياسي أمرًا مستحيلاً. فيما سبق، كانت هناك خلافات حادة بين أمريكا وتركيا حول هذا الموضوع، وكان الأكراد يأملون بالحفاظ على الهيكل غير القانوني المسمى “وحدات الحكم الذاتي” بدعم من واشنطن.لكنهم مضطرون الآن إلى…بشكل تدريجي، جميع الحقول النفطية إلى الحكومة المركزية، كما يجب عليهم تسليم السيطرة على المناطق الكردية إلى دمشق.
خلال الأيام القليلة الماضية، نُشرت عدة مقابلات مع توم باراك، المبعوث الخاص لترامب في سوريا، مما أثار قلق قادة الميليشيات الكردية السورية. باراك، الذي يعمل أيضًا سفيرًا لأمريكا في أنقرة، كشف صراحةً أن الطريق الوحيد أمام الميليشيات الكردية السورية التابعة لـ “وحدات حماية الشعب” (YPG) هو دمج جميع قواتهم في الجيش السوري وعدم السعي لمطالب متطرفة.
وأشار توم باراك، رجل الأعمال والصديق القديم لترامب، إلى أن الخيارات مثل الفدرالية والحكم الذاتي غير مناسبة لسوريا من وجهة النظر الأمريكية. كما حذر الكرد المنضوين تحت ما يُعرف بـ “قوات سوريا الديمقراطية” (SDF) من التأخير أكثر في تنفيذ الاتفاق الذي تم توقيعه مع دمشق.
وفي سياق متصل، أشار محللون أتراك مؤخرًا إلى أن باراك أكد خلال اتصال هاتفي مع مظلوم عبدي…أظهرت ميليشيات “قسد” تحيزاً واضحاً تجاه سويدا
هجمات الكيان الصهيوني على سوريا أوجدت ظروفاً دفعَت الميليشيات الكردية السورية -اليائسة من الدعم الأمريكي- إلى التوجه نحو طلب دعم الكيان الصهيوني. وقد أدى هذا الوضع إلى امتناع السياسيين الأكراد التابعين لـ”بي.ك.ك” عن الانحياز إلى ممثلي الأحزاب الأخرى في البرلمان التركي أثناء إدانتهم لهجمات الكيان الصهيوني على دمشق، مما يُظهر أن هذه الهجمات -من وجهة نظرهم- لا تستحق الإدانة.
وفي هذا السياق، يكفي الاطلاع على صياغة خبر نشرته إحدى وسائل الإعلام الرسمية التابعة لمؤسسات “بي.ك.ك” في شمال سوريا لفهم الموقف بوضوح. فقد ذكرت وكالة “هاوارنيوز” في تقرير ميداني حول أحداث سويدا: “تواصل قوات الحكومة السورية الانتقالية هجماتها ضد أهالي سويدا، بينما يواصل جيش الكيان الصهيوني تدخله”.استهدف عدة قواعد عسكرية. حيث تم إرسال بعض العناصر المسلحة من قبل دمشق لمهاجمة المدنيين في السويداء.
ذكرت الوكالة الإخبارية التابعة للوحدات الكردية غير القانونية المتمتعة بالحكم الذاتي في شمال سوريا، نقلاً عن أياد الخطيب، المتحدث باسم حزب مستقبل سوريا: ”لكل فئات المجتمع السوري الحق في صياغة سياسات تستند إلى مصالحها الثقافية وإعادة بناء المجتمع من خلال إنشاء أنظمتها الإدارية والقضائية الخاصة.إذا تم إنشاء نظام لا مركزي، يمكن لسوريا أن تعيد تأكيد دورها في المنطقة والعالم”.
يشير هذا الاقتباس إلى أن أحداث السويداء والهجمات التي شنها الكيان الصهيوني على سوريا تحت ذريعة دعم الدروز، قد أثارت آمال الأكراد مجدداً لطرح فكرة إنشاء هيكل سياسي تنفيذي لا مركزي، والذي يُطلق عليه بالعربية مصطلح “اللامركزية”، وهو يختلف عن وظائف الدولة والسلطة الموحدة.
رد فعل شخصيتين سياسيين كرديين سوريين على الولايات المتحدة
بعد تصريحات توم باراك حول حدود ومشاركة الأكراد في الهيكل السياسي المستقبلي لسوريا، رد مظلوم عبدي قائد الميليشيات التابعة لـ “قسد”، عليه قائلاً: “نحن من حاربا الإرهاب في سوريا. كنا هنا قبل مجيئكم إلى المنطقة ودافعنا عن هذه الأرض.والآن لن نعود إلى الوضع السابق”.
إلى جانب مظلوم عبدي قائد “قسد”، صالح مسلم أحد زعماء الأكراد السوريين والناطق باسم الشؤون الخارجية لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، صرح في مقابلة مع قناة (STERK TV): “توم باراك الممثل الخاص الأمريكي لسوريا، يتحدث بهذا الشكل فقط لإرضاء تركيا.عقدنا مؤخراً اجتماعات مع وفود دبلوماسية أمريكية وفرنسية. نعتقد أن تصريحاته حول عدم وجود مكان للأكراد…
السياسيون السوريون لا يملكون خياراً ويجب عليهم الاندماج في جيش دمشق الموحد، ربما بشكل كامل، وهذا لا يعكس السياسة الرسمية لواشنطن بل سياسة تشكلها بعض الجهات. يجب أن أقول إن تصريحاته تسببت في إزعاجنا وألمنا، لكنه غيّر لهجته بعد عودته إلى واشنطن من دمشق وأنقرة، وأقر بأن دمج قوات “سوريا الديمقراطية” (SDF) في جيش دمشق هو أمر معقد”.
وأوضح القائد الكردي السوري أن التعقيد يكمن في رغبة الولايات المتحدة دمج عناصر “قسد” شبه العسكرية، الذين يقدر عددهم بين 70 ألفاً و100 ألف فرد، بشكل كامل في جيش ”سوربه”، وأن يتم توزيعهم وتوظيفهم تحت سلطة القادة والمسؤولين الحكوميين. لكن الأكراد يرغبون بإدخال مقاتليهم ضمن فرقة واحدة وتحت قيادتهم الخاصة إلى الجيش السوري.وفي تبريره لهذا الموقف، قال صالح مسلم: “ليس لدينا مشكلة مع الاندماج، ولكن بين القوات…”.
في دمشق الآن، توجد أيضًا جماعات جهادية متطرفة سابقة تنتمي لتنظيم داعش. لقد حاربناها لسنوات. فكيف يمكن أن نقف الآن في صف واحد معها؟
من جهتها، قالت إلهام أحمد، إحدى المسؤولات الكرديات السوريات: “قد يعتقد الأمريكيون وغيرهم أن سوريا الموحدة ستكون أقوى، لكننا نرى العكس. سوريا متنوعة عرقيًا ودينيًا. النموذج اللامركزي الذي يشارك فيه جميع المكونات في الحكم والدفاع هو الطريق الوحيد لبناء سوريا قوية. النهج الحالي يزيد من خطر صعود المتطرفين مثل جولاني الذي يحمل أفكارًا متشددة ويعادي المسيحيين والعلويين والدروز والأكراد. جولاني لا يسعى إلا لإرضاء القوى الخارجية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وبعض الدول العربية. هذا النهج لن يؤدي إلى بناء سوريا مستقرة”.
أظهرت التطورات الأخيرة أن هجمات الكيان الصهيوني أعادت مرة أخرى…
في الوقت نفسه، شنت حملة لاحتلال جزء من سوريا وتفكيك أجزاء أخرى، بينما يسعى الأكراد التابعون لأوجلان إلى استغلال هذا الموقف.