عودة الكابوس كيف تحوّلت قضية إبستين إلى أكبر تهديد لترامب؟
وكالة مهر للأنباء، قسم الأخبار الدولية، حسن شكوهي نسب: تحولت قضية ارتباطات “دونالد ترامب” و”جيفري إبستين” إلى أحد نقاط الضعف الكبرى لترامب في المشهد السياسي الأمريكي. إبستين، رجل الأعمال الثري المدان بتهم الاتجار بالبشر والاعتداء الجنسي، كان على صلة بالعديد من النخب السياسية والاقتصادية العالمية قبل وفاته المشكوك فيها عام 2019.
لكن اسم ترامپ حظي باهتمام إعلامي ورأي عام أكبر من غيره لأسباب متعددة. العلاقات القديمة، الحضور في حفلات خاصة، والشائعات حول مراسلات ومستندات مشتركة جعلت هذه القضية تتحول مرة أخرى إلى موضوع جدلي خلال الأشهر الأخيرة. كشف النقاب عن رسالة مثيرة للجدل منسوبة إلى ترامپ موجهة إلى
قضية إبستين والوعود غير المحققة للرئيس الأمريكي بشأن الكشف عن وثائق هذه القضية جعلت الرأي العام أكثر تشككًا تجاهه.
وقد اكتسبت هذه القضية أهمية كبيرة لدرجة أنها تصدرت وسائل الإعلام العالمية مؤخرًا خلال الخلاف بين الملياردير الشهير “إيلون ماسك” مالك شركة تسلا وترامب بعد مغادرته الحكومة، مما أثار العديد من التساؤلات في أذهان العامة.
[صورة alt=”عودة كابوس: كيف تحولت قضية إبستين إلى أكبر تهديد لترامب؟” height=”445″ src=”https://media.mehrnews.com/d/2025/07/19/3/5606361.jpg?ts=1752925166247″ width=”700″]خلفيات إحياء فضيحة منسية
قضية إبستين التي طواها النسيان تقريبًا بعد وفاته المشبوهة قبل 6 سنوات، عادت هذا العام مرة أخرى إلى صدارة أخبار وسائل الإعلام الأمريكية. السؤال المهم هو: لماذا أعيد إحياء هذه الفضيحة التي بدت منسية الآن؟
يمكن تتبع شرارة الأحداث في الكشف عن رسالة منسوبة…نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” رسالة وجهها ترامب إلى جيفري إبستين، تحتوي على تهنئة بعيد ميلاده ومضامين ذات طبيعة جنسية. كشف هذه الوثيقة أثار رد فعل عنيفًا وعصبيًا من ترامب، وهو رد فعل أثار بدوره تساؤلات حول الخلفيات الكامنة وراء إحياء هذه القضية فجأة.
أحد الأسباب الرئيسية لإعادة فتح هذه القضية هو استخدامها كأداة لتوجيه الرأي العام وإضعاف ترامب في خضم المنافسات السياسية الحساسة في الولايات المتحدة.تشكل شخصية ترامب المثيرة للجدل نقطة ضعف أمام الهجمات الإعلامية.
لا يركز تجديد الاهتمام بهذه القضية على استهداف سمعته الأخلاقية فحسب، بل يسعى أيضًا إلى زعزعة قاعدته الاجتماعية. وسائل الإعلام الرئيسية، بإبرازها لهذه القضية، وضعت ترامب فعليًا في موقف دفاعي حيث يجد نفسه مضطرًا إلى التبرير والإنكار بدلاً من الهجوم.
على مستوى أعمق، يمكن اعتبار إعادة فتح هذه القضية بمثابة تحرك منسق…أفادت مصادر بأن دونالد ترامب وخصومه السياسيون والاقتصاديون يدركون جيدًا نقاط الضعف والقوة لدى بعضهم. فالهزائم القانونية الأخيرة لترامب، والتي أضعفت موقعه السياسي وأثارت شكوكًا بين جزء من مؤيدي حركة “استعادة عظمة أمريكا” (MAGA)، منحت خصومه هذه الفرصة لشن هجوم أكثر تأثيرًا على مشروعه الأخلاقي وشخصيته. تفعيل هذه القضية في واحدة من أضعف النواحي الشخصية والسياسية لترامب، لا يمكن أن يكون صدفة.
كما يجب الانتباه إلى أن في الوعي الجمعي الأمريكي، “إبستين” يمثل فساد النخبة الجنسي. مجرد ربط اسم ترامب بهذه القضية، حتى دون أدلة جديدة، يمكن أن يدمر مشروعه الاجتماعي. لهذا السبب، لا ينبغي اعتبار إحياء هذه القضية مجرد خطوة إعلامية بسيطة، بل إنها حملة مدروسة وهادفة تستهدف مستقبل ترامب.
كالبودشكافيا: رد فعل ترامب…تضحية حقيقية أم تمثيل ضحايا؟
كان رد فعل ترامب عنيفًا وهجوميًا تجاه مزاعم…
طرح هذا السؤال الرئيسي: هل هو بالفعل تضحية سياسية، أم مجرد لعبة جديدة لاستغلال دور ”كبش الفداء” للسيطرة على الروايات وإدارة البحرين؟ تصرفات ترامب تشير إلى أنه باستخدام تكتيكات هادفة، يصوغ روايته حول هذا الدور.
أول إجراء مثير للاهتمام من ترامب كان تقديم شكوى مليارية ضد صحيفة “وول ستريت جورنال” ورئاستها “روبرت مردوخ”، وهي خطوة يُنظر إليها على أنها محاولة لبث الرعب في وسائل الإعلام واستعراض استمرار الحملات الدعائية. وصف ترامب في تصريحاته الصحفية وسائل الإعلام بـ”التحالف الفاسد”، ليؤكد مرة أخرى دوره كـ”كبش فداء” لنظام معروف بتجاوزاته المستمرة منذ سنوات في شركاته.
ثانيًا، وعد ترامب ب…
وثائق محرّمة تخص قضية “أبستين” كانت موجهة ظاهريًا لأغراض الشفاعة، لكنها في الواقع لم تُنشر، وبقيت الأفكار العامة معلقة في “بالاتكليف”.يعتبر العديد من المحللين هذا الوعد تكتيكًا لتحويل الرأي العام عن صلب القضية، وهي طريقة لتأخير إثارة الضجة وتغيير اتجاه التغطية الإعلامية من أصل القضية إلى مزاعم تحقيق غير مثبتة لترامب.
في الوقت نفسه، يمكن القول إن ترامب يحاول لعب دور “كبش الفداء”، وليس كونه ضحية حقيقية. فهو يسعى عبر هذه التكتيكات إلى تخفيف ضغط الإعلام، وإعادة تركيز المنصات الاجتماعية حول مفهوم “أن النظام الفاسد كان بحاجة لكبش فداء”، متجنبًا الضربة المباشرة من منتقديه.
بهذا الوضع، فإن الخطر الأكبر لهذا التكتيك هو أنه حال انتشار أي وثيقة جديدة أو شهادة رسمية، سيسقط قناع “كبش الفداء” بسرعة، وسيجد ترامب نفسه مباشرة في موقف المتهم.
الآثار السياسية والاجتماعية للقضية على مستقبل ترامب
أثارت قضية “إيبستين”، التي تنطوي على فضيحة أخلاقية، ردود فعل واسعة بعد تحولها إلى تهديد سياسي واجتماعي لمستقبل ترامب. أول تأثير لهذه القضية كان الضرر الذي لحق بمشروع ترامب الأخلاقي بين مؤيديه، خاصة بعد الصورة التي انتشرت لزعيم متدين مع مناهض للسياسة، لكنها الآن تواجه اهتزازًا وتشكيكًا متزايدًا. حتى أن بعض المؤيدين المخلصين لترامب بدأوا يطالبون بالتوضيح حول علاقته مع إيبستين، والتي قد تكون مدمرة لحملته بسبب الإشارات المثيرة للقلق.
في المقابل، يعتبر الديمقراطيون هذه القضية سلاحًا فعالًا في هجومهم على ترامب. حيث يركزون على التناقضات في مواقف ترامب، والوعود غير المحققة، وعدم شفافيته، مما شكل رأيًا جديدًا في الرأي العام بأن ترامب ليس مجرد شخص فاسد…
السد البلوكي جزء من النظام نفسه الذي يفر منه الناس. هذه الرواية تنتشر حالياً بين المراقبين المستقلين والوسطاء.
من الناحية الاجتماعية، عززت هذه العملية فقدان الثقة العامة بالطبقة الحاكمة. حتى لو تمكن ترامب من التخلص من التهم، فإن ارتباط اسمه بـ”أبستين”، وصورة ارتباطه بالطبقة الفاسدة في النخبة الأمريكية قد تشكلت – صورة لا يمكن محوها بسهولة. هذا التشويه، بغض النظر عن نتائجه القانونية، سيؤدي إلى تآكل تدريجي للصورة الاجتماعية لترامب بين شريحة كبيرة من المجتمع.
في النهاية، تحولت هذه العملية إلى أداة دائمة للضغط على ترامب. حتى لو استطاع إدارة الأزمة بنجاح، فإنها ستظل كسيف مسلط على كل حركة مستقبلية له.المحللون يعتقدون أن “أبستين” ليس مجرد أزمة عابرة، بل هو الظل الدائم الذي سيرافق ترامب في مسعاه لاستعادة نفوذه السياسي والحفاظ على مشروعه السياسي.
كلمة الختام
قضية “أبستين” ليست مجرد قصة أخلاقية بسيطة، بل هي ساحة معركة استراتيجية بين ترامب ومعارضيه، تحولت إلى صراع تتجاوز أبعاده الفضائح والاتهامات الإعلامية، لتصبح أداة فعالة لتشويه المشروع الأخلاقي والاجتماعي والسياسي لترامب.
إحياء هذه القضية يُظهر أن معارضي ترامب وجدوا في الهجوم على سمعته الأخلاقية السلاح الأكثر تأثيرًا لإضعاف موقفه. في المقابل، يحاول ترامب عبر التظاهر بالبراءة وإبراز دور الضحية، السيطرة على الرواية، لكن هذه التكتيكات قد تؤدي إلى مزيد من التشويش بدلاً من إنقاذ الموقف.
من وجهة نظر المراقبين، مقابل محاولات ترامب للسيطرة على الرواية وعرض نفسه كضحية إعلامية، تحولت هذه القضية تدريجياً إلى سلاح بيد معارضيه يمكن أن يوجه ضربة حاسمة لموقفه.
المرشح السياسي يواجه تحديات
يواجه دونالد ترامب، تحت وطأة اتهامات أخلاقية وقانونية خطيرة، تحدياً صعباً حيث يحاول تجاوز قضايا مالية أو قضائية سابقة. كما أن مشكلاته الأخلاقية والشخصية وسط مؤيديه تضرب بجذورها في هذه التحديات.
السؤال المطروح هنا: هل يستطيع ترامب الخروج من هذه الأزمة؟ أم أن نهاية “الرجل القوي” الذي أراد الجمهوريون أن يكون قد حانت؟