عملية طوفان الأقصى تعيد فلسطين إلى مركز الاهتمام العالمي
وكالة مهر، قسم الأخبار الدولية، الناز رحمتي نژاد: قام النظام الصهیوني لعشرات السنين برسم صورة له من التفوق العسكري، السيادة المعلوماتية والسيطرة المطلقة. عملية عاصفة الأقصى هدمت هذه الصورة في صباح واحد فقط. تلك العاصفة حطمت قوة العدو بشكل لا رجعة فيه وأذلت النظام الصهیوني أمام العالم.
كشفت العملية ما كان مخفياً؛ تدمير المستشفيات والمدارس والمساجد؛ مذبحة الأطفال والنساء ونفاق أولئك الذين يدَّعون الدفاع عن حقوق الإنسان. هذه الجرائم جميعها أصبحت واضحة أمام أنظار العالم. قدرة المقاومة على التسلل إلى المناطق المحتلة، الاستيلاء على قواعد عسكرية وأسر جنود إسرائيليين وجهت ضربة نفسية واستراتيجية للاحتلال لم يشهد لها مثيلاً منذ عام 1948.
في الذكرى الثانية لعملية عاصفة الأقصى أجرينا حواراً مع سلام عادل المحلل السياسي العراقي والذي نقدم نصه الكامل فيما يلي.
سلام عادل قال: لم تكن عملية “عاصفة الأقصى” مجرد حدث عسكري، بل كانت لحظة فاصلة في المنظومة الإعلامية والهَيغْمونية السياسية التي عمل تل أبيب على تعزيزها لعقود. ما جرى في السابع من أكتوبر أعاد فلسطين إلى مركز الضمير الإنساني وكشف زيف الصورة التي روج لها الاحتلال نفسه كضحية. ومنذ ذلك الحين بدأت تشكل جبهة الرأي العام العالمي التي رفضت جرائم الاحتلال واعترضت على سياسات التمييز والإبادة الجماعية.
وأضاف: كشفت عاصفة الأقصى عن الفجوة العميقة بين الخطابات الغربية بشأن حقوق الإنسان وسلوكها الحقيقي الداعم للاحتلال تجاه المجازر في غزة.
وتابع هذا المحلل السياسي العراقي بأن محور المقاومة بعد عاصفة الأقصى أصبح أكثر تنسيقاً وتماسكاً لأن فكرة “وحدة الساحات؛ وحدة الميدان” تحولت من شعار سياسي إلى حقيقة عملياتية موحدة مما وضع النظام الصهيوني تحت حالة استنزاف مستمر. اليوم تدير المقاومة النزاع بمنطق استراتيجي طويل المدى وحققت ردعاً متبادلاً غير متماثل يقيّد قدرة نظام الاحتلال على بدء أو فرض توقيت الحرب والسلام. المقاومة ليست مجرد سلاح وإنما منظومة وعي وإدارة وتوازن تمتلك معادلة ألم مقابل ألم وردع ضد العدوان.
أضاف عادل أن إسرائيل خسرت تفوقها النفسي قبل تفوقها العسكري بعد 7 أكتوبر؛ انهارت صورة الجيش الذي لا يُقهَر وثبتّت الأنظمة الدفاعية التي تفاخر بها تل أبيب محدوديتها أمام ابتكار المقاومة. معادلة الردع الجديدة أسرت المحتلين داخل دائرة الخوف والرعب لأن “الزمن” لم يعد في صالحهم وتمكنت المقاومة من نقل المعركة سياسياً واقتصادياً ونفسياً إلى عمق إسرائيل.
وأوضح الكاتب العراقي أن المجتمع الإسرائيلي يعاني الآن خلافات داخلية هي الأعنف منذ تأسيسه بعد صدمة طوفان الأقصى وتصاعد موجة الغضب وتبادل الاتهامات بين النخب والجيش والحكومة تزيد يوماً بعد يوم. دخلت حكومة نتنياهو مرحلة الانحدار السياسي في ظل أزمة شرعية داخلية وعزلة خارجية خانقة تعتمدان على منطق البقاء بدلاً من برنامج حكم واضح.ينتفض السياسيون الصهيونيون بفعل الضغط الداخلي المتزايد والخارجي ويخشى عليهم حتى المستوطنون أنفسهم ولا يثقون بهم أيضاً.
وفي ختام حديثه قال سلام عادل إن طوفان الأقصى ليس حرباً مؤقتة بل هو بداية ولادة جديدة للمقاومة وعصر جديد للوعي الإنساني والسياسي حول العالم، وهو دليل ملموس على قدرة الشعوب على كسر الهيمنة وفلسطين تعيد نفسها معياراً للعدل مرة أخرى.
