قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام

نتنياهو يسعى للسيطرة على جميع الأجهزة العسكرية والأمنية في الكيان الصهيوني

تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة تحولات أمنية وسياسية كبيرة، حيث قام رئيس وزراء النظام الصهيوني، بنيامين نتنياهو، بتعيينات جديدة في أعلى المناصب الأمنية والعسكرية.

وبحسب المكتب الدولي لوكالة ويبانقاه الإخبارية، شهدت الأشهر الأخيرة من العام الجاري تغييرات جذرية في المشهد السياسي والأمني في فلسطين المحتلة. قام بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء النظام الصهيوني، بتعيين ثلاثة أشخاص رئيسيين في أعلى المناصب المؤسسية خلال الأشهر القليلة الماضية. وشملت هذه التعيينات رئاسة جهاز الأمن الداخلي (شين بيت)، ورئاسة جهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد)، والقيادة العامة للجيش.

تأتي هذه التعيينات في الوقت الذي لا تزال فيه إسرائيل تعاني من تداعيات عملية طوفان الأقصى، وتتصاعد التوترات بشأن تشكيل لجنة تقصي الحقائق. تشير العمليات النفسية لوسائل الإعلام الرئيسية إلى أن الهدف الرئيسي لنتنياهو من هذه التعيينات هو تركيز صنع القرار الأمني في يديه، وإحداث تنسيق كامل بين المؤسسات العسكرية والأمنية الخاضعة لسيطرة مكتب رئيس الوزراء. وهذا سيمكنه من النجاة من عواصف “الفشل الأمني أمام حركة حماس” و”فضيحة قطر غيت” و”ملفات الفساد الرباعية”.

تعيين رئيس الشين بيت: اختبار استقلالية المؤسسات في مواجهة السلطة السياسية

بناءً على تقرير رسمي نشرته رويترز في 30 سبتمبر 2025، وافق النظام الصهيوني على اقتراح نتنياهو بتعيين “اللواء دافيد زيني” رئيساً لجهاز الأمن الداخلي (شين بيت). جاء زيني من الجيش وخدم سابقاً في قيادة تدريب القوات البرية. ويعتبر اختياره خلفاً لـ “رونين بار” نقطة بداية الخلاف بين رئيس الوزراء والجهاز القضائي والأمني في إسرائيل في العصر الجديد.

أعلنت المحكمة العليا أن إقالة الرئيس السابق كانت غير قانونية، لكن نتنياهو استخدم سلطات مجلس الوزراء لتثبيت هذا القرار. وحذر خبراء أمنيون إسرائيليون، بمن فيهم رؤساء سابقون للشين بيت، من أن دخول عسكري أجنبي إلى رأس ذلك الجهاز يمكن أن يدمر استقلالية الشين بيت المؤسسية ويقلل من الأداء المهني لهذه المنظمة إلى مستوى سياسي. في الواقع، باتخاذ هذه الخطوة، اتخذ نتنياهو الخطوة الأولى نحو طمس الحدود بين الأمن والسياسة. خطوة يعتبرها العديد من المحللين الإسرائيليين رداً مباشراً على الانتقادات الواسعة لأدائه في حرب غزة.

الجيش وهيئة الأركان العامة: التشكيل النهائي لهيكل الولاء

الحلقة الثالثة في سلسلة التغييرات الأمنية هي تعيين “الجنرال إيال ضمير” رئيساً لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، والذي تم في صيف 2025. يعتبر ضمير من الشخصيات الموثوقة في حزب الليكود وأحد المرافقين القدامى لكاتس-نتنياهو في الاجتماعات الحربية الحكومية.

أدى هذا التعيين إلى إخضاع الأركان الرئيسية لنظام سلطة النظام لأول مرة في تاريخ هذا النظام للتوجيه المباشر لرئيس الوزراء. حذر بعض المحللين الإسرائيليين، بمن فيهم “عاموس يادلين” الرئيس السابق للمخابرات العسكرية، من أن هذا التركيز يضعف النظام الرقابي في البلاد ويؤدي إلى خطر “تسييس المعلومات والقرارات العسكرية”.

في الهيكل التقليدي لإسرائيل، تم تكليف لجنة مستقلة خاصة بالتحقيق في مؤهلات المرشحين الأمنيين رفيعي المستوى لمنع النفوذ السياسي. ولكن في التعيينات الأخيرة، اكتفت اللجنة بالموافقة النهائية وفقدت دورها الإشرافي. ويعكس هذا التوجه رغبة حكومة نتنياهو في توحيد المؤسسات العسكرية بما يتماشى مع إرادته السياسية، وهو التوجه الذي يهدد على المدى الطويل النظام المؤسسي والمهني لإسرائيل، رغم كفاءته المحتملة في حرب قصيرة الأمد.

تعيين رئيس الموساد: استبدال الولاء الشخصي بالخبرة الاستخباراتية

إن تعيين “رومان غافمن” رئيساً لمنظمة الاستخبارات الخارجية (الموساد)، والذي أعلنه مكتب رئيس الوزراء في 4 ديسمبر 2025، هو “الفصل الأخير” في عملية تركيز السلطة هذه. ووفقاً لتقرير “تايمز أوف إسرائيل”، فإن غافمن، وهو ضابط كبير في الجيش ومستشار عسكري شخصي لنتنياهو، ليس لديه أي خبرة في الأنشطة الاستخباراتية. ومن ناحية أخرى، يعتبر من المقربين لرئيس الوزراء. في تفسيرها الرسمي، أشارت حكومة نتنياهو إليه على أنه “ضابط كفء ومبتكر ويتمتع بقدرة قيادية عالية”، لكن المنتقدين، بمن فيهم محلل صحيفة هآرتس، اعتبروا تعيينه مثالاً واضحاً على “مكافأة الولاء السياسي”.

وفقاً لتقرير وكالة أنباء “إن دي تي في”، درس غافمن سابقاً في مدرسة “إيله” الدينية في الضفة الغربية، ولا يعرف سوى اللغة الروسية ولديه ميول قومية دينية. وهي الميول التي تتماشى مع النظرة العالمية السياسية لنتنياهو والجناح اليميني المتطرف في حكومته. عادة ما يتم تقديم الموساد من بين ضباط المخابرات ذوي الخبرة من أجل الحفاظ على الخط الفاصل بين القرار الحكومي والعمليات الأمنية. لكن هذه المرة، فإن تعيين شخص عسكري ومقرب من مكتب رئيس الوزراء يشير إلى أن نتنياهو يعتزم الإشراف مباشرة على حتى أكثر مهام إسرائيل حساسية في الخارج.

خلاصة الكلام

إن التعيينات الثلاثة الأخيرة التي قام بها نتنياهو ليست مجرد قرارات إدارية، بل هي علامة على تحول استراتيجي في هيكل السلطة في إسرائيل. بعد الأزمات الأمنية والسياسية التي شهدتها الفترة من عام 2023 إلى عام 2025، أدرك رئيس الوزراء أن الطريقة الوحيدة للحفاظ على منصبه السياسي واحتواء الضغوط الداخلية هي السيطرة المباشرة على الأركان الأمنية.

ولهذا السبب، استبدل مديرين استخباراتيين محترفين ومستقلين بأفراد مقربين وموالين وذوي خلفيات عسكرية. أدى هذا التوجه إلى تغيير الأجهزة الأمنية التابعة للنظام الصهيوني من شكل “متعدد المراكز” إلى هيكل “وحدة السلطة”، وهو الهيكل الذي يترأسه رئيس الوزراء نفسه. يمكن أن يكون لهذا التركيز عواقب وخيمة على مستقبل إسرائيل والمنطقة: فمن ناحية، فإنه يزيد من احتمالية تسريع القرارات العسكرية وزيادة التنسيق الاستخباراتي، ومن ناحية أخرى، قد يقضي على الاستقلالية المؤسسية وتنوع وجهات النظر الاستخباراتية.

على صعيد السياسة الداخلية، يمكن أن يؤدي هذا الاتجاه الخطير أيضاً إلى تحويل النظام الأمني إلى أداة للحفاظ على سلطة رئيس الوزراء في إسرائيل. ومع ذلك، وكما أشارت وسائل الإعلام العبرية في تقاريرها، فإن إسرائيل على وشك تشكيل هيكل يمكن تسميته “النظام الأمني الشخصي”، وهو النظام الذي لم يعد فيه القرار النهائي يأتي من داخل المؤسسات الأمنية، بل من مكتب رئيس الوزراء.

 

©‌ وكالة ويبانقاه للأنباء, مهر, رويترز, تايمز أوف إسرائيل, ان‌دی‌تی‌وی
قناة وكالة ويبنقاه على تلغرام
زر الذهاب إلى الأعلى