زيارة نتنياهو إلى فلوريدا.. محاولة لإدارة الأزمات واستمرار النمط التقليدي في العلاقات الأمريكية مع الكيان الصهيوني
![[object Object] /الشرق الأوسط , العلاقات الأمريكية الصهيونية , بنيامين نتنياهو , دونالد ترامب , السياسة الخارجية الأمريكية](/wp-content/uploads/2025/12/webangah-b28e6b3ee295f9dc250379fb5f4efb91773e601934d0f11839ca37c5e0386c9c.jpg)
وبحسب المكتب الدولي لوكالة ويبانقاه الإخبارية، جاءت زيارة بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، إلى الولايات المتحدة ولقاؤه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فلوريدا، في وقت تشهد فيه المنطقة والعالم أجواءً متوترة وغير مستقرة. ورغم أن اللقاء قد يحمل في ظاهره رسائل حول مستقبل معادلات غرب آسيا، إلا أن التحليل الدقيق يكشف أنه يمثل استمرارًا لأنماط التعاون والتنسيق السياسي المعهودة بين واشنطن وتل الكيان الصهيوني، وليس بداية لمسار جديد.
ويمكن تحليل أهداف الزيارة على ثلاثة مستويات: داخلي وإقليمي ودولي. على الصعيد الداخلي، يواجه نتنياهو ضغوطًا سياسية وقضائية متزايدة، حيث شهدت الساحة السياسية في الأراضي المحتلة توترات حادة بسبب الخلافات داخل الحكومة والاحتجاجات الاجتماعية والقضايا القضائية. وفي هذا السياق، يهدف عرض العلاقات الوثيقة مع الرئيس الأمريكي إلى تعزيز الموقف السياسي الداخلي، وإن كان ذلك لا يعني بالضرورة تغييرًا في الوقائع الميدانية.
إقليميًا، تركزت المحادثات على الملفين الإيراني والغزي، حيث أكد نتنياهو على برامج إيران الصاروخية والنووية، في إطار استمرار الخطاب التحليلي الذي يتبناه الكيان الصهيوني منذ سنوات. كما تناولت النقاط شروطًا أمنية صارمة فيما يتعلق بغزة، في محاولة للحفاظ على أوراق ضغط سياسية. إلا أن الخبراء يرون أن هذه المواقف تندرج في إطار الاستهلاك السياسي والدبلوماسي أكثر من كونها تعكس تحولًا حقيقيًا.
دوليًا، تمثل الزيارة محاولة من تل أبيب للحفاظ على مكانة الكيان الصهيوني في أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة في ظل انشغال واشنطن بتحديات عالمية متعددة قد تحول انتباهها عن الشرق الأوسط.
وخلال اللقاء في فلوريدا، دارت المحادثات حول مواضيع معتادة، مثل الدعم السياسي الأمريكي للكيان الصهيوني والمخاوف من إيران والشروط المتعلقة بغزة، في إطار السياسة الخارجية الأمريكية الراسخة. وفيما يتعلق بإيران، فإن التصريحات الصادرة تهدف إلى إرسال رسائل سياسية وردعية أكثر من كونها إعلانًا عن قرارات عملية جديدة.
وعلى صعيد غزة، ركز الطرفان على نزع سلاح حماس وإدارة الأزمة بشكل مرحلي، في نهج يركز على احتواء الوضع الراهن بدلاً من البحث عن حل جذري. إلا أن تعقيدات الأزمة الإنسانية والسياسية في غزة تفرض قيودًا كبيرة على فعالية مثل هذا النهج.
وبشكل عام، فإن زيارة نتنياهو إلى فلوريدا تمثل استمرارًا للنمط التقليدي في العلاقات الأمريكية مع الكيان الصهيوني، الذي حافظ على ثباته نسبيًا عبر العقود الماضية بغض النظر عن التغيرات في الإدارات الأمريكية. فاللقاء لم يقدم عناصر جديدة أو يشير إلى تحول مهم في المعادلات الإقليمية، بل أكد على آليات التنسيق السياسي والأمني والإعلامي المعتادة.
وقد جاء التوقيت في ظل أزمات متشابكة في غرب آسيا، من هشاشة وقف إطلاق النار في غزة إلى التوترات بين إيران والولايات المتحدة، بالإضافة إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا والضغوط الاقتصادية العالمية. إلا أن محتوى اللقاء يؤكد أنه مجرد محاولة لإدارة الأوضاع الراهنة، حيث يواجه الكيان الصهيوني تحديات داخلية كبيرة تزيد من حاجته إلى إظهار الدعم الأمريكي.
ومن وجهة النظر الأمريكية، فإن اللقاء يندرج في إطار السياسة التقليدية للدعم السياسي للكيان الصهيوني، الذي تتأثر بالاعتبارات الهيكلية للسياسة الداخلية والخارجية الأمريكية، بما في ذلك جماعات الضغط والاعتبارات الانتخابية والحسابات الأمنية.
ختامًا، لا تمثل زيارة فلوريدا تحولًا جذريًا في المعادلات الإقليمية أو تغييرًا في موازين القوى، بل هي انعكاس لحاجة الطرفين إلى إدارة الضغوط وإرسال رسائل سياسية والحفاظ على أطر التعاون التقليدية. ومع ذلك، فإن الوقائع الميدانية في المنطقة، من غزة إلى الملف الإيراني، تظهر أن فعالية هذه الأطر تواجه قيودًا متزايدة. وهكذا، فإن اللقاء يمثل استمرارًا لمسار قائم على إدارة الأزمات والحفاظ على الوضع الراهن، أكثر من كونه بداية لمسار جديد.
